سافر إلى ذاتك

كرة القدم وبعدها النفسي

30 نوفمبر 2022 11:00 م

مع العرس الكروي الجميل الذي بدأ بحلم عربي، خليجي المنبع، عنابي اللون، قطري المنشأ تبدأ حكاية التفسير النفسي لكرة القدم التي تعد الأشهر عالمياً والأمتع نفسياً والأجمل في المتابعة، والعميقة في الأثر.

حيث إن فكرة أن تكون لاعب كرة قدم ليست مهارة فحسب ولا إمكانات جسدية تحسمها القوة البدنية، بل هي أعمق من ذلك بكثير. هي استعداد نفسي لأن أكون الرجل الأخير في الملعب واستعداد ذهني في ترقب وتربص أي ضربة موجهة التسديد لك، وهي إرشاد وتوجيه لكل اللاعبين أمامك إن كان المركز حراسة مرمى، ولا ننسى الصبر العالي على اتهامات الجمهور والعتب والملامة من أي هدف يسجل عليك.

أما أؤلئك السريعون في اتخاذ القرارات والمندفعون في ردود أفعالهم والذين يملكون مهارات الحركة السريعة والتركيز العالي فهم أفضل مركز لهم أن يكونوا مهاجمين، أما الهادئون وأصحاب الدقة في فهم الحركة والقراءة الحركية لحركات وذهن المهاجمين وأن يملكوا مهارة ردود الفعل السريعة فهم يصلحوا أن يكونوا في دفاع. أما الذين يجمعون بين التهور والهدوء وبين التركيز والدقة وبين قرار الهجوم وضرورة التراجع للدفاع ولديهم فهم عالٍ لمن هو مستعد لتسلم الكرة في لحظة إيصالها السريع للمهاجم هم لاعبو الوسط.

والذين يحبون الظهور في الأوقات الصعبة ويترجلون عند اندلاع صافرة النجدة ويتحفزون عند الحاجة لهم هم يصلحوا أن يجلسوا على مقاعد الاحتياط حتى يكون تواجدهم بالملعب قتالا واندفاعا ورغبة للوصول وإثبات الوجود، ولأن كل مركز يكمل الآخر وكل عضو في الفريق هو فريق بحد ذاته فالاهتمام النفسي لتركيبة توزيع المراكز مهم ولا يقل أهمية عن القدرة البدنية والاستعداد الرياضي.

هو من يجعل هناك مهاجماً بارعاً ولاعب وسط ذكياً ومدافعاً حكيماً وحارساً فطيناً، ولاعب احتياط «جوكر» ولأن المدرب هو مخطط الفريق وصانع قوته وربان رحلته فهو يجب أن يكون حكيماً في القرار متزناً في الفكر، دقيق الملاحظة، سريع الإنجاز وقوياً في التخطيط وقادراً على التنفيذ، أصبح إذاً المدرب هو الفريق قبل أن يكون الفريق فريقاً من الأساس، لذلك مدرب جيد يعني فريقاً جيداً أما الممتاز يعني فريقاً متصدراً كل الإنجازات، ومباراة كرة القدم هي نسخة مصغرة عن الحياة.

متفرجون ومتنمرون وناقدون وهم الجمهور، وهناك أشخاص يحرسون أملاكنا ويحافظون على حياتنا وهو حارس المرمى، وهناك أشخاص ينزلون ميدان الحياة كمهاجمين لتسديد الإنجازات والإبداعات والثقافة والعلم والمعرفة والفن وهم المهاجمون، وهناك من يدافع عن حرياتنا وحقوقنا وهم المدافعون، وهناك من يخطط لحياتنا وهم المدربون وهناك حكم ينصفنا وهم القضاة ومساعدون يشهدوا لنا أو علينا أو يساعدونا وهم المحامون والمعنيون بالتحكيم، ومعلّق يصف قصتنا في الغالب يكونون في الحياة إعلاميون وكتّاب.

ولكن ماذا عن وجود الدكتور النفسي في الفريق؟