ربيع الكلمات

الإدارة... تصنع المستقبل

2 نوفمبر 2022 10:00 م

نحن الآن نعيش في عالم متغير بصورة غير مسبوقة، وذلك نتيجة دخول التكنولوجيا في العديد من مناحي الحياة، وليس لدينا مصدر نعتمد عليه غير النفط، والتكنولوجيا ستغير وجه الكثير من الصناعات التقليدية، وسيتم الاعتماد على الطاقة المتجددة بصورة أكثر في مقبل الأيام، وهناك العديد من الدول أعلنت اعتمادها على السيارات الكهربائية خلال الأعوام المقبلة.

لدينا العديد من التحديات التي تواجه المواطن، وقد أعلن معالي وزير المالية أن التضخم في الكويت ‬ هو الأكبر في ‫الخليج ‬ إذ يبلغ 4.2 في المئة، والمواطن ينفق 33 في المئة من دخله على السكن بسبب شح الأراضي، وعليه فإن توجهنا هو تحرير أراضي الدولة.

وبالرغم من كل المشاكل والتحديات، وكنا نتحدث عن عجز كبير في الميزانية نتيجة نزول أسعار النفط، والآن تلاشت العجوزات بسبب الحرب بين روسيا وأوكرانيا وارتفاع أسعار النفط. وقبل أيام دخلنا في عجز جديد نتيجة الاقتراحات الشعبوية المقدمة في مجلس الأمة من دون تفكير اقتصادي منطقي ومن المال العام !

أساس الموضوع هو معالجة لما حدث أثناء جائحة كورونا وتراكم الإجازات، وهو السماح ببيع الاجازات لمرة واحدة فقط، أما السماح ببيع الاجازات بشكل دوري، فستكون عواقبه غير طيبة على سلوك الموظفين، مثل زيادة في الاجازات المرضية وارتفاع كلفة المرتبات وزيادة الاستئذانات. وتعزيز الفوارق بين القطاعين العام والخاص.

وإذا كنا جادين في ايجاد حلول تخدم المواطن فهي كثيرة، ولكن تحتاج إلى فكر إداري اقتصادي، مثل السيطرة على الغلاء، وايجاد حل منصف للرواتب، لاسيما الذين ليس لديهم كوادر، وتعديل أوضاع التخصص الواحد في الجهات الحكومية، وحل القضية الاسكانية بحلول مرضية، بدل أن ينتظر المواطن أكثر من 20 سنة للحصول على بيت العمر، وغيرها من مشاريع حيوية.

وما نتمناه من نواب الأمة هو الاتفاق على تشريعات وأولويات تهم المواطن بدل دغدغة العواطف بالعطاءات، ووضع خارطة طريق والبعد عن المعارك الهامشية، خصوصاً وان هناك حماساً كبيراً للاصلاح، إضافة إلى حكومة مدعومة من أغلبية برلمانية.

إن أصل المشاكل هو سوء الإدارة، ويأتي ذلك من تعيين الرجل غير المناسب، وتقديم المناصب كعطايا وهبات للبعض، ولا يتم اختيار أصحاب المناصب على أساس المواطنة والكفاءة، وبالتالي نجد ازدياداً في حجم الفساد، وإحباط أصحاب الكفاءات وقتل روح المبادرة عند الكثير منهم ونتمنى أن يتغير هذا الأمر.

يقول جاسم السعدون «إنها الإدارة، لا الموارد، من يصنع المستقبل، فالإيرادات العامة في الكويت، لا في غيرها، لم تتعدَّ معدل المئة مليون دينار، ما بين بداية الخمسينات وأواسط الستينات، ولكنها إدارة تمكنت أن تصبح المثل والقدوة.

في ذلك الزمن تعملق العقل وصنع دولة لا مثيل لها في محيطها، من إنجازاته تأسيس أول صندوق سيادي في العالم، وفيها شُيدت مدرسة ثانوية الشويخ بمستوى أفضل الجامعات، ومجمع الصباح الصحي ليغطي خمسين سنة مقبلة، وفيها صمم أول وأفضل مخطط هيكلي».