سافر إلى ذاتك

مشكلتي إني طيب

2 نوفمبر 2022 10:00 م

مشكلتي في الحياة اني طيب

لا يا شيخ صج انت طيب؟

طيب شنو المشكلة في انك طيب

دكتورة الكل يستغلني

دكتورة محد يحترمني

دكتورة ما ترقيت في وظيفتي

عن كل ما سبق، لابد أنك شاهدت أو تعرفت على واحد أو أكثر من محبي دور «أنا طيب أو أنا غلبان وأنا مالي حظ»، وبالتأكيد ظهرت صورة واحد منهم الآن في رأسك وتذكرت مواقفه، لأني طيب ما حصلت على زوجة مناسبة ولأني طيب سرقوا مني نصيبي ولأني طيب...

عزيزي الطيب صاحب هذه المشكلة:

إن فكرة ذم المشاعر الجميلة، والتقليل من أهميتها، ووضعها في إطار الاتهام بحجة أنها لا تصلح للتعامل مع البشر، فكرة وهمية يخلقها أصحاب حب شخصية الضحية أو بعض مرضى الفصام، وأصحاب نظرية أن هناك مؤامرة كونية تقوم علينا ونحن ضحاياها.

كيف ينشأ الوعي بالضحية وكيف تتكون شخصية الضحية؟

يتكون من فكرة وهمية وغير حقيقية، تقول ان أبحث عن أي شيء فرض علي من الحياة، ولا يمكن تغييره بشكل سريع، كصفة فيك مثل، أنا طيب، أو ظروف، مثل أنا من عائلة مطلقة، أو وضع اجتماعي، مثل، أنا فقير... أي وضع يشعرك بالاستضعاف والضعف والعجز والقصور والإخفاق والعدم والنقص، كل ذلك يحدث لأن صاحب هذا الدور لديه شغف وحب للفت النظر وجذب المتعاطفين والداعمين والمشجعين للمكوث والجلوس على الاستضعاف والضعف.

كما أن المضحي يحب أن تواسيه الناس وتطبطب عليه، وهذا الشعور يشعره بأنه موجود ومهم في العالم.

فصاحب هذه الشخصية يشعر بأهميته كلما زاد عدد المتعاطفين معه، كما أن تقليل التوقعات قد يستخدمها وسيلة دفاعية حتى يضع لنفسه عذراً في لحظة إخفاق.

ودور الضحية يبحث عن نقطة سوداء في كل موقف مثال:

(أحمد طالب في كلية الطب ومتفوق ولكنه يومياً يجلس ويتكلم عن صعوبة الدراسة ومشاق الوظيفة بعد ذلك، متجاهلاً أنه في أعظم مهنة وأنه في أفضل مكانة إنسانية واجتماعية وأنه يؤدي دوراً مهماً وعظيماً).

أي أن المضحي هنا يبحث عن الجانب المظلم من أي موقف أو أي حدث أو في أي موضوع.

نرجع لجانب من دور الضحية... دكتورة أنا طيب طيب ممتاز.

جميل إنك طيب ماذا تشعر عندما تشتكي من الطيبة؟

أشعر أنه دور نبيل وأني ملاك ومظلوم وإنسان صالح جداً ونادر جداً.

طيب وهذا يجعلك تذم الطيبة؟

لأنها تجعلني لا أدافع عن نفسي في قراراتي الخاطئة وتجعلني أهرب من أخطائي وأسقطها على أنني طيب فلا يحاججني أو يناقشني الكثيرون عن ماذا أخفقت فيه، بل يقفون معي ويساندونني لأن العالم هو الظالم والناس قساة علي.

وهل هذا الشعور يريحك؟

نعم جداً، فهو بمثابة إعفاء عن التبرير الحقيقي بتبرير مزيف... وما دخل الصفة الجميلة التي تدعي الطيبة بذلك؟

دخلها أنها تمكنني من لبس هذا القناع.

شكراً لوضوحك، أي أنك تهرب من المسؤولية في مواجهة حياتك إلى لا مسؤولية بالاسقاط.

نعم يا دكتورة استغلني الكثيرون...

لأنك لم تضع حدوداً للعلاقات ما دخل الطيبة؟

لا أعرف.

وضعتها لأنها يجب أن تكون سبباً لكل من استغلك سوى عدم خبرتك وتقديرك للأمور...

الطيبة تعني أن أعطي بقدر وأحب بقدر وأسمح بأقدار لا أتجاوز بها حقي مع نفسي أو حق الآخرين علي.

أي علاقة تخرج من إطار الحدود هي لا حدود. لا الطيبة ولا أي شعور آخر له دخل فيها بل كيفية معالجة الأمور عندك هي السبب، وهذه عمليات عقلية تحتاج مهارات تدريبية لتعلمها وصقلها.

كما أن اتهام الطيبة وقذفها بأنها مشكلة ومصيبة، فهذا يتعارض مع حقيقة الحياة التي أصلها خير واستثناؤها شر، أي الطيبة صفة جميلة لا تشوهها بسوء قراراتك أو مشاكلك في وضع الحدود ومعرفة الحقوق والواجبات والثقافة الحياتية، لأن كل الضحايا الذين اتهموا بالطيبة كانت مشاكلهم مع مهارات الحياة والمهارات النفسية لا مع الصفة ذاتها.

لذلك لكل مضحٍ أو صاحب مقولة، أنا مشكلتي إني طيب، تذكر أنك إن عشت ضحية ستخسر قوتك وشخصيتك وفرصك في الحياة...

كيف تعرف أنك في دوامة الضحية؟

من كلماتك تقول التالي على الدوام:

دكتورة ماكو وظايف وكل شيء واسطة وما عندي معارف وما عندي علاقات... ترقى صاحبي لأنه مو هين ويحفر لي وأنا طيب مسكين.

خف علينا يالطيب يالمسكين

وأخيراً، ملاحظة...

الطيبة شعور الزائد منه خلل، والناقص منه اختلال. ودمتم طيبين بعقل واتزان...