19 عاما مرت وصافرة استرجاع الكرامة لاتزال تدوي فخرا وطنيا بـ«صقور جو» استبسلوا في معركة الوجود

17 يناير 1991... التاريخ إن حكى ملحمة

1 يناير 1970 06:07 ص
|كتب منصور الشمري|

تزامن يوم امس السابع عشر من يناير مع ذكرى يوم مشهود في تاريخ البلاد الحديث، ففي مثل هذا اليوم وقبل تسعة عشر عاما انطلقت الحرب الجوية لتحرير الكويت من براثن الاحتلال العراقي الغاشم، حيث ابلى صقور الجو من منتسبي الجيش الكويتي بلاء حسنا في معركة الوجود التي خاضوها لتحرير بلدهم واعادته إلى الخريطة بعدما حاول العدو الغاشم محوه.

فرغم مرور السنين لايزال يوم الـ 17 من يناير عام «1991» يوما عظيما محفورا في ذاكرة الكويت والكويتيين كونه يؤرخ لملحمة وطنية سطرها صقور الجو البواسل، ايذانا ببدء انطلاق حرب تحرير الكويت وطرد الغزاة، عندما ابلغت قيادة القوات الجوية وبالتحديد في الساعة 19.03 من يوم 16 يناير 1991 بخبر تحديد ساعة الصفر، وتم اعلان طياري السكاي هوك قبل منتصف الليل وفي تمام الساعة الثانية من صباح يوم 17 يناير 1991، تم اعطاء الامر لتذخير طائرات السكاي هوك بالقنابل، حيث وصل الفنيون الساعة الثالثة صباحا وبدأ طيارو السكاي هوك بتلقي ايجاز المهام العملياتية وتحديد الاهداف المراد قصفها داخل الكويت المحتلة.

واقلع التشكيل الاول المكون من 6 طائرات سكاي هوك الساعة 8.15 يوم 17 يناير 1991 بينما اقلع التشكيل الثاني والمكون من 6 طائرات سكاي هوك الساعة 8.19 وشارك طيارونا في الضربة الاولى والتي كان الهدف فيها موقع صواريخ ارض/ ارض من نوع فروغ/ 7 شمال اللواء الخامس والثلاثين، حيث قاد التشكيل العقيد ركن طيار: يوسف ضويان غانم.

بينما كان الهدف الثاني للتشكيل مواقع صواريخ ارض/ ارض نوع فروغ/ 7 في جنوب قاعدة علي السالم الجوية وقاد التشكيل المقدم طيار: يوسف عبدالرزاق الملا.

وقد هبط التشكيلان تباعا الساعة 9.45 للتشكيل الاول والساعة 9. 47 للتشكيل الثاني بعد نجاح تدميرهم للاهداف العراقية في الكويت المحتلة.

وفي الموجة الثالثة اقلعت 8 طائرات على مجموعتين الساعة 14.24 ظهرا وفي الساعة 16.05 عصرا رجعت جميعها باستثناء الطائرة رقم 828 والتي كانت بقيادة ركن طيار: محمد مبارك والذي اسقطته المدافع المضادة للطائرات في منطقة الصبيحية داخل الكويت المحتلة واستطاع الهبوط بالمظلة، الا انه اسر واخذ إلى بغداد مع اسرى الحلفاء، حيث تعرض إلى الوان التعذيب والضرب الذي يؤكد الطبيعة الهمجية للعراقيين، وعدم احترامهم للميثاق الدولي واتفاقية جنيف لمعاملة الاسرى، اما المجموعة الرابعة بقيادة المقدم طيار: خميس سلطان فرحان فقد اقلعت مكونة من 4 طائرات لتقصف راجمات صواريخ عراقية في الساعة 14.30 ظهرا، حيث عادت سالمة بعد تحقيق اهدافها في الساعة 16.10 عصرا.

في اليوم الثاني من الحرب الجوية قامت 4 طائرات الساعة 6.30 صباحا بالتشغيل استعدادا للمهمة المخصصة الا ان المهمة تم الغاؤها قبل الاقلاع بسبب سوء الاحوال الجوية فوق مناطق الاهداف في الكويت المحتلة، قامت القوة الجوية الكويتية برماية اجهزة الاستشعار بواسطة طائرات السكاي هوك (24 جهازا) وكان لها الاثر في اقتناص دبابات وآليات العدو طوال فترة الحرب الجوية.

وقبل بداية الحرب الجوية قامت القوات الجوية الإماراتية بنقل مجموعة من طائرات الغزال لمشاركة المفرزة 20 في قاعدة الجبيل ووضعتها تحت آمرة قيادة المفرزة 20 كما تم التنسيق مع القيادة المتقدمة للمنطقة الشرقية على أساس الانضمام في حالة العمليات إلى منطقة متقدمة في راس مشعاب وتم طلاء طائرات الغزال باللون الرمادي.

اثناء الحرب الجوية سجلت طائرات الغزال في المفرزة العشرين اول انتصار لها وذلك قبل اسبوع من بداية الحرب البرية حينما كان تشكيل مكون من طائرة غزال كويتية بقيادة كل من المقدم طيار انور المطاوعة والرائد طيار وليد العطار مع طائرة من دولة الامارات العربية المتحدة بقيادة الرائد طيار: ابراهيم ناصر ونجحت في اقتناص دبابتين عراقيتين على الحدود الكويتية- السعودية.

في الوقت نفسه، الذي كانت فيه اسراب السكاى هوك تشاك في الحرب الجوية منذ اليوم الاول كانت طائرات الميراج بانتظار الاوامر للمشاركة بينما طائرات الهليوكوبتر تقوم بالاستعداد للحرب البرية وتقوم بالدوريات الحدودية.

وتم تكوين فريق ارتباط مع مركز العمليات الرئيسي في الرياض وهو مكون من ضابطين كان لهما دور نشيط في ايصال المعلومات والمتطلبات إلى الاسراب وهما الرائد طيار: يوسف الشايع، والرائد طيار: عبدالله السمدان.

في 25 يناير 1991 تم نقل طائرات الميراج من الطائف إلى قاعدة الملك عبدالعزيز الجوية في الظهران استعدادا لمشاركتها في الحرب الجوية وكانت احد أسباب تأخر اشتراكها هو الخوف من تمييزها خطأ بطائرة عراقية، حيث ان العراقيين يمتلكون النوع نفسه من الطائرات. وبالفعل كانت اول رحلات للميراج في 5 فبراير 1991 ضمن رجلات القصف (جو/ ارض) فوق الكويت المحتلة.

التعاون مع قوات المارينز:

لقد وجدت قيادة القوة الجوية في الرياض ضرورة حشد كافة الجهود لتحرير الوطن الغالي وضرورة الاستفادة القصوى من كل الطاقة البشرية المتوافرة رغم تنوع تخصصاتهم فتم تشكيل فريق عمل مع قوات مشاة البحرية الاميركية (المارينز).

كان مقر الفريق الكويتي في قيادة المارينز في منطقة الجبيل الصناعية ولم تتعد نواته في البداية ثلاثة ضباط قبل بداية الحرب البرية ليصل عدد فريق العمل لاحقا إلى 160 عسكريا اغلبيتهم من الضباط.

رغم تميز قوات المارينز الاميركية بالقدرات العالية ورغم جهوزيتهم ليكونوا قوة الصدمة الاولى مع القوات العراقية في الحرب البرية الا ان ذلك لم يكن عائقا امام العسكريين الكويتيين، حيث تم توزيع ضباط القوة الجوية ليكونوا مع كل وحدة من وحدات المارينز يقومون بكل نشاط يوكل اليهم ابتداء من الترجمة وحتى قيادة فرق الاستطلاع الارضي المتقدم فكان من الاعمال التي شاركوا فيها في معسكرات الاسرى والمستشفيات الميدانية والشرطة العسكرية وفرق شؤون المدنيين.

كما شارك العديد منهم في القوات الخاصة (فرع الحرب النفسية) ووضعوا خططا لاضعاف معنويات الجنود العراقيين ونجحوا في ذلك لمعرفتهم بنفسية الجندي العراقي اكثر من غيرهم كما قام العديد منهم بدور بطولي جنبا إلى جنب مع فرق هندسة الميدان وازالة الالغام لمعرفتهم بطبيعة الاراضي الكويتية، كما كانوا جزءا من عملية فتح المعابر قبل الاقتحام ثم كانوا رأس الحربة مع القوات المندفعة للأرض الكويتية جنبا إلى جنب مع قادة المارينز يوضحون لهم الطرق ويدلونهم على ايسر سبل الوصول إلى الاهداف المطلوب تحريرها.

تركز عمل الضباط في فرقة المارينز الاولى 1STMARDIV وفرقة المارينز الثانية 2NDMARDIV التي قامت بالعبور من جنوب وجنوب غرب الكويت، حيث شوهدوا وهم يقبلون الارض الطاهرة تحت قصف النيران في ساعات التحرير الاولى التي كانت رأس الهجوم البري.

كما شاركوا مع الجيش الاميركي المتوغل في الاراضي العراقية شمالا، كما كانوا ايضا مع قوات الانزال في جزيرة فيلكا وكان لهم دور في اضعاف معنويات العديد من الوحدات المعادية التي اقنعوها بالاستسلام دون القتال.

كما ظهر جهدهم القيم حال دخول الكويت فانبطت بهم مسؤولية اخلاء المدنيين من امام القوات المتحاربة وارشادهم إلى المناطق الآمنة ونقاط الماء الغذاء.

ومن عملهم ايضا مساعدة قوات المارينز في تمييز الكويتيين والمقيمين لتقليل فرص التعرض للنيران المعادية من العراقيين واعوانهم الذين مازالوا داخل الكويت.

لقد فوجئت قوات التحالف بالاعداد الهائلة من الاسرى العراقيين وقام الضباط الكويتيون بادارة هذه الاعداد الكبيرة والتحقيق مع من تستدعي الضرورة معه ذلك للاستفادة من معلوماتهم لتسهيل العمليات القتالية الدائرة لصالحنا.

كما شارك الضباط الكويتيون في ما بعد ضمن فريق المارينز الذي قام بالتحقيق مع كبار الضباط الاسرى العراقيين في (JEF-WEST) في معسكر (العيينة) و(JEF-EST) في معسكر (الرياض).

بتاريخ 18 فبراير 1991 انتقلت اسراب الهليوكبتر من قاعدة الجبيل إلى نقطة متقدمة على الحدود السعودية في رأس مشعاب استعدادا للمعركة البرية وكانت المعلومات قد توافرت يوم 23/2/1991 الساعة 16.00 بان الحرب ستبدأ غدا واعطيت اسراب الهليوكبتر مهمة تحديد سير القوات البرية وحماية الاجنحة واقتناص اي قوة مدرعة للعدو واعادة الاتصال عبر الطائرات. وفي بداية الحرب البرية جاءت اول مهمة في حدود الساعة التاسعة صباحا حين وصلت 4 طائرات غزال وطائرة بيوما لاعادة الاتصال حيث كانت إلى رأس الزور وتم اسر قوات عراقية واستمرت الوتيرة على نفس المنوال. طائرات السكاي هوك والميراج تهاجم اهدافها المخصصة في الكويت المحتلة، فمثلا في يوم 25 فبراير 1991 قامت طائرات الغزال بضرب قوات عراقية بصواريخ هوت في منطقة الجليعة وقامت طائرات البيوما والسوبر بيوما بنقل الجرحى إلى رأس مشعاب ثم الجبيل. وفي صباح يوم التحرير 26 فبراير 1991 تقدمت طائرات الهليوكبتر إلى منطقة متقدمة في الكويت المحررة لتتخذ احدى مدارس منطقة ام الهيمان مع القيادة المتقدمة للجيش الكويتي قاعدة لها. وكان مقرر الانتقال الى مطار الكويت الدولي الا ان المطار لم يكن قد تم تنظيفه بعد من فلول القوات العراقية المهزومة والتي كانت تستسلم بعشرات الالاف في منظر مذل للغاية.



الطيار محمد مبارك ... صَقر كويتي

حلّق في سماء «معركة الحرية»




عندما قامت الموجة الثالثة لطائرات القوة الجوية الكويتية في اليوم الأول للحرب الجوية بدك مواقع العدو في الكويت رجعت جميع الطائرات باستثناء الطائرة رقم (828) والتي كانت بقيادة المقدم ركن طيار محمد مبارك والذي أسقطته المدافع المضادة للطائرات في منطقة الصبيحية، حيث استطاع الطيار مبارك الهبوط بالمظلة بسلام، الا انه تم أسره من قبل القوات العراقية الغاشمة.

وتم نقل الطيار مبارك إلى بغداد لينضم إلى رفاقه الأسرى العسكريين حتى تم الافراج عنه بعد تحرير البلاد ضمن دفعات الافراج عن الأسرى الكويتيين.



إعادة تشكيل القوة الجوية... في المنفى



بعد الغزو العراقي وحال اخراج الطائرات الكويتية التابعة لسلاح الجو إلى المملكة العربية السعودية قررت القيادة السياسية اجراء تعديل على تنظيم القوة الجوية وكان ذلك في 27 نوفمبر عام 1990 في الرياض، حيث شكلت قيادة موقتة للقوة الجوية كالتالي:



- العميد ركن طيار داوود الغانم آمرا للقوة الجوية الكويتية.

- العقيد ركن طيار محمود الرزوقي مديراً للعمليات بالوكالة.

- العقيد ركن طيار جاسم السليم مديراً للشؤون الفنية.

وتعيين بعض القيادات لتكون وظائفها في التشكيل كالتالي:

• العقيد ركن طيار يوسف الضويان آمراً للمفرزة (12) (سكاي هوك).

• العقيد ركن طيار ناصر الجحيل آمراً للمفرزة (20) (الغزال والبيوما والسوبر).

• العقيد ركن طيار إبراهيم الكندري آمراً للمفرزة (8) (الميراج).

• العقيد ركن طيار علي الحجي آمراً للمفرزة (30) (طائرات النقل).

• المقدم ركن طيار بدر العيسى آمراً للمفرزة (25) (طائرات الهوك).

• العقيد طيار سعود الهزاع آمراً للمفرزة (40) (طائرات (Dc-9).

• العقيد ركن طيار فهد القحطاني آمراً لفريق التعاون مع قوات المارينز.



اللواء السويدان: الطيارون الكويتيون سطروا

 أروع أمثلة الفداء  في سبيل حرية وطنهم




اللواء ركن طيار متقاعد صابر السويدان أحد الضباط المشاركين في حرب تحرير دولة الكويت ضمن القوة الجوية بالجيش الكويتي قال لـ «الراي»: في هذه المناسبة نستذكر بكل مشاعر الفخر والاعتزاز الدور الكبير للقوة الجوية بالجيش الكويتي ومنتسبيها في حرب تحرير دولة الكويت من براثن الاحتلال العراقي الغاشم ونتذكر الروح البطولية للطيارين الذين كانوا يتسابقون فيما بينهم من أجل المشاركة ضمن الطلعات القتالية انطلاقاً من ان المعركة هي معركتهم وان تحرير بلدهم يتطلب أن يكونوا في مقدمة الطيارين المشاركين، وكان لهم ما أرادوا عندما شارك هؤلاء الأبطال الذين سيذكرهم التاريخ في أولى الطلعات القتالية وطوال حرب تحرير الكويت.

وأضاف اللواء السويدان «كيف ننسى مأساة الغزو العراقي وتشرد أهلنا ونحن كنا نعيش تلك اللحظات الصعبة على أمل بدء ساعة الصفر، ولما أعلنوا انطلاق ساعة الصفر بدأت الحرب وكانت تلك المشاركة الفاعلة لصقور الجو البواسل من الجيش الكويتي.

وأكد السويدان «ان صقور الجو سطروا ملحمة بطولية في حرب تحرير الكويت، كما سطروها عند بداية الغزو عندما تصدوا ببسالة للغزاة، كما بذلوها إبان انطلاق الحرب البرية والتي دعمت بالحرب الجوية حتى جاء تحرير بلدنا الكويت.

واختتم السويدان بالقول «سيبقى (17) يناير يوماً خالداً في تاريخ الكويت لكونه مرتبطا ببداية حرب تحرير بلدنا الحبيب من جهة ولارتباطه كذلك بمشاركة القوة الجوية بالجيش الكويتي في هذه الحرب بكل قوة وفعالية