لا أعرف ما سبب الموضة الجديدة التي ينادي بها العديد من أعضاء مجلس الأمة والسياسيين بضرورة تشكيل حكومة تتناسب مع مخرجات الشارع من النواب، ويجب قراءة نتائج الانتخابات قبل تشكيل الحكومة الجديدة، وكأن الحكومات تتشكل بما يطلبه الناخبون، يعني إذا أفرزت الانتخابات نواب خدمات وجب تشكيل حكومة معاملات!
أما الموضة القديمة التي بدأت تتجدد مرة أخرى هي المطالبة بوزراء سياسيين لا تكنوقراط حتى يستطيع النواب السياسيون التعامل معهم، وكأن السياسيين لا يعرفون التعامل إلا مع السياسيين ووزراء التكنوقراط من عالم آخر!
رغم هذه البداية، والدخول القوي من النواب بقوانين تصادمية، إلا أنني ما زلت متفائلا مثل الجميع بأننا مقبلون على مرحلة مفصلية، وأن الظروف مهيأة لإحداث نقلة نوعية إلى الأمام في مجالات متعددة، ولكن هذا يتطلب قبل كل شيء أن نصحح المسار في العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية بتعاونهما والفصل بينهما، وهذا هو المهم أن تتفرغ كل سلطة في الانشغال بواجباتها والتوقف عن التدخل في شؤون الأخرى، فالدور الأساسي لنواب مجلس الأمة هو الرقابة والتشريع، ودور الوزراء تنفيذ برنامج عمل الحكومة بعد تشكيلها وفقاً لتصور رئيسها.
ما يتمناه ويتطلع له الجميع هو العمل والإنجاز، وعدم الانشغال في المعارك الجانبية والشخصية، وعلى نواب مجلس الأمة التعامل مع الحكومة وفقاً لتصورها السياسي وبرنامج عملها وفق مبدأ التعاون والتكامل، ومساندتها بالتشريعات التي تسهل تطبيق رؤيتها، وبعد ذلك تتم المراقبة والمحاسبة بناء على الأدوات الدستورية، أما أي انشغال وإشغال الشارع بشخوص وقضايا جانبية وشعارات مثالية بعيدة عن الواقع ستكون الناس واعية لها جيداً وسيخسر من يراهن على عدم فهم الناس، ولعل خير مثل التفاف الجميع حول النواب المتعاونين الذين يملكون خطة عمل بعيدة عن الشعارات الرنانة فأعادوهم إلى البرلمان بأرقام عالية.
على كل حال، نبارك لجميع نواب مجلس الأمة الخمسين نجاحهم وثقة الشعب الكويتي بهم، وكل التوفيق لمن لم يحالفهم الحظ لخدمة وطننا الغالي كلٌ من موقعه، فلم يعد في الوقت متسعاً للتراخي، من كل موقع سوف نعمل حتى نسبق الزمن ونواكب التطور، والمهمة الكبيرة اليوم في ملعب الحكومة ومجلس الأمة ونحن نأمل منهم الكثير.
أتمنى أن تصل الرسالة.