على ارتفاع يتجاوز 40 متراً عن سطح الأرض، أي ما يعادل ارتفاع خمس طبقات مدفونة، وقف رئيس المجلس البلدي عبدالله المحري، برفقة 10 من أعضاء المجلس، فوق تلال من النفايات الإنشائية والصلبة البلدية، يعاينون حال المرادم عن قرب، حيث قام الأعضاء بالاطلاع على سير العمل في مواقع الردم، ونوعية المخلفات التي يتم استقبالها، واستمعوا لشرح مفصل من الشركات التي تعمل على فرز المخلفات الإنشائية عن آلية إعادة التدوير، إضافة لتدوين التحديات التي تواجههم.
وخلال زيارة مصنعي تدوير المخلفات الإنشائية الواقعين بالقرب من الدائري السابع، والجولة الميدانية لموقع الدائري السابع الجنوبي لردم النفايات البلدية الصلبة، أكد المحري أن «لدينا أدواراً كبيرة، وواجبات، وباعتبار أن المجلس بوابة التنمية فلابد أن ننزل إلى الميدان لكي نعمل في الأرض، ونعكس ذلك على الورق لإعداد لوائح وقرارات سليمة تتماشى مع الواقع».
وكشف عن أن «المجلس في طور إعداد لائحة جديدة بكيفية التعامل مع هذه المخلفات، ومعرفة أوجه الخلل الذي تواجه الجهات الحكومية والخاصة، وهو ما يتطلب النزول ميدانياً إلى أكثر من جهة لمتابعة كافة المعوقات، والصعوبات، ومعرفة الخلل من أجل إقرار اللوائح لتندرج تحت إقرار قوانين تناسب الجميع، وذلك من أجل الصالح العام»، مشيراً إلى أن «الأعضاء تابعوا الوضع ميدانياً، فكان من أبرز المعوقات التي لمسوها في المرادم أن عدد السيارات الناقلة كانت تصل لـ700 سيارة (ترك) في اليوم الواحد، والآن وصل العدد إلى 40 سيارة».
وبيّن المحري أن المجلس سيحاول السير في خطوط متوازية في ما يتعلق بوضع حلول لكافة المشاكل التي تواجه مرادم النفايات، مع التأكيد على تقديم مقترح لإنشاء طريق آخر من شأنه تسهيل الوصول لمواقع مرادم النفايات، موضحاً أنه لابد من إيجاد معايير لطريقة الهدم حفاظاً على حقوق الناقل، وخصوصاً أن عملية فرز الطابوق أو ما يتعلق بالمواد الإنشائية أصبحت تتم أمام المنازل.
بدوره، قال نائب رئيس المجلس البلدي خالد المطيري إنه تم التطرق للعديد من للنقاط خلال اللقاء مع القائمين على مصنعي التدوير، حيث كان من أبرز المعوقات التي تمت الإشارة لها هي مشكلة الطريق الذي من خلاله يتم رمي المخلفات قبل أن تصل إلى الموقع، لأنه طريق طويل وترابي سيئ.
من جانبها، تساءلت رئيسة اللجنة البيئية عضوة المجلس المهندسة علياء الفارسي، «عندما يتم نقل النفايات من المصدر، هل تتم معالجتها وتحويلها لمواد يمكن الاستفادة منها أو أنه يتم ردمها في الأرض؟، فإن كانت هذه الطريقة فهي تعتبر جريمة في حق البيئة».
وأضافت الفارسي «نتطلع إلى استخدام منظومة بيئية حديثة لمعالجة النفايات، والوصول إلى صفر نفايات، وأن يتم ترك هذه الأراضي التي تعتبر مورداً طبيعياً لكي تتعافى ويرجع لها التوزان البيئي، إضافة لذلك نتطلع إلى أن يتم استثمار النفايات بأفضل الطرق الحديثة المستدامة»، مشيرة إلى أنه «تم الاطلاع على ما يقوم به المصنع الخاص بتدوير النفايات الإنشائية، ابتداء من استقبال النفايات إلى مرحلة الفرز والتكسير مروراً بالوزن، كما اطلعنا على التحديات التي تواجه المصنع (الطريق إلى المصنع) حيث يخدم جميع المحافظات ما عدا محافظتي الجهراء والأحمدي». وأشارت إلى أن «عدم وجود آلية واضحة ومواصفات فنية في عملية هدم المنشآت ينتج عنه مخلفات ونفايات تؤول إلى الردم، وهو ما لا نطمح له، بل نعمل على تقليله وصولاً إلى الصفر».
كما أشار العضو المهندس اسماعيل بهبهاني، إلى أن «الشركتين المتخصصتين في فرز وإعادة تدوير المواد الإنشائية، وفقاً لما أدلت به إحداهما، خلال العرض المرئي، تنتجان 360 ألف متر مكعب سنوياً لكل شركة، وأن جميع ما يتم تدويره يذهب لمشاريع الدولة»، موضحاً أن «الشركتين لديهما اعتمادات من وزارة الأشغال العامة لاستخدام المواد في المشاريع، وتحديداً طبقات الأساس».
وأكد بهبهاني أنه «تم تدوين جميع الملاحظات، خصوصاً العوائق التي تواجههم على أن تتم دراستها للوصول إلى أفضل حل ممكن»، منوهاً بإمكانية توفير مواقع بديلة لمرور الشاحنات إلى المواقع التابعة للشركات، ولاسيما أن هناك شكاوى تتعلق بصعوبة الوصول إلى المواقع، وبالتالي يتم التخلص منها برمي تلك النفايات في أماكن غير مخصصة لذلك، وهي مخالفة وتعدّ على البيئة البرية.
تعديل شروط وضوابط الهدم
أكدت عضوة المجلس البلدي المهندسة منيرة الأمير، أن «الرغبة الحاضرة في فهم أعمق لملف النظافة وتشعباته المختلفة، كانت هي الغاية من الزيارة الميدانية»، مشيرة إلى أنه يمكن أن «يتم وضع خطة متكاملة بالتعاون مع كافة الجهات المعنية لتعديل شروط وضوابط عمليات الهدم، وأيضاً إدخال المواد المعاد تدويرها ضمن المواصفات الفنية للعقود، والمجلس، بصفة شخصية، يجب عليه البحث أكثر عن تلك الرواسب الخاصة بالعقود، وكذلك إعادة النظر في المنظومة ككل، وتطويرها للوصول إلى أفضل سياق يمكن من خلاله الاستفادة من الفرز».
وشددت على «أهمية تطوير المرادم في الكويت بشكل عام، ولاسيما أن مساحة التلوث الموجودة في المرادم تبدو للعيان، وهذا ما يؤدي إلى تدهور الصحة العامة».
الزيارات توضّح الصورة
أكدت عضوة المجلس البلدي المهندسة فرح الرومي، أن «الزيارات الميدانية تساعدنا كأعضاء للتعرف على طبيعة الصناعات وحجمها، وتوافقها مع حجم وطبيعة مخلفات البناء الفعلية، وتقدير الحاجة لهذه المصانع، وسن التشريعات والقوانين لمساعدة هذه الصناعات وتمكين استخدام المنتجات المعاد تدويرها في المشاريع الانشائية.
ومن خلال الزيارة تمكنا من الاطلاع على آلية جمع وفرز النفايات، وحجم المرادم المتاحة، ومساحاتها، وتوافقها مع طبيعة وكمية النفايات، وكذلك جودة فرز المخلفات الإنشائية، والمدد الزمنية التي يتم خلالها فرز المخلفات لتزويد مصانع إعادة التدوير بها لكشف سبل المساعدة في تطويرها، حيث سيؤثر ذلك على آلية وكفاءة وسرعة تزويد المصانع القائمة على إعادة تدوير المواد في هذه المرادم، ودورة حياة المنتج المعاد تدويره، وتعظيم الفوائد الإيجابية على البيئية والاقتصاد».
اعتماد مواصفات للصلبوخ
أشارت العضوة المعمارية شريفة الشلفان إلى أن «في الكويت عدداً من الشركات العاملة في مجال إعادة تدوير جميع أنواع النفايات، وهي تساهم بصورة مباشرة في المحافظة على البيئة والتقليل من المخلفات واستثمارها بصورة اقتصادية مناسبة، كما أني برفقة الأعضاء حريصون على تحقيق الاستدامة وندعو إلى تطبيقها في جميع القطاعات».
وأوضحت الشلفان أن «من تلك الشركات ما تعمل في مجال إعادة تدوير النفايات الإنشائية، وهي نفايات ذات حجم هائل نظراً للتطور العمراني الكبير الذي تشهده البلاد، ويمكن الاستفادة من هذه النفايات الإنشائية من جديد بعد إعادة تدويرها، وبصورة خاصة الصلبوخ الناجم عنها، لكن احد المعوقات التي تواجهها الشركات هو فائض الصلبوخ الذي يتم إعادة تدويره لكنه لا يقبل في بعض مشاريع الدولة الانشائية كونه لا يعتبر طبيعياً».
واقترحت اعتماد مواصفات معينة للصلبوخ، لاستخدامه في صناعات مختلفة لتسهيل ودعم الشركات العاملة في مجال إعادة تدوير المخلفات الانشائية.
عدد أكبر من مصانع التدوير
قال العضو عبداللطيف الدعي إن «هناك مصنعين لتدوير النفايات الإنشائية تحت إدارة البلدية، وهما لا يستوعبان الحمولات الإضافية من المدن الإسكانية الجديدة، وعليه يجب على الحكومة أن تتحرك بتوفير أكبر عدد ممكن من مصانع التدوير، وكذلك لابد من تطوير المصانع الحالية بزيادة عدد كميات استيعابها»، مشيراً إلى «أهمية إيجاد آلية تنسيقية بين مقاولي الهدم، وطريقة الهدم بحيث يتم ضمان إعادة استخدام المواد بالشكل السليم وفقاً للوائح وأنظمة البلدية».
وشدد على «ضرورة أن تقوم الدولة بتشجيع استخدام المواد معادة التدوير في مواضيع الإنشاءات كونها تحفف الأعباء على الدولة، والتكاليف».
ردم النفايات... خطر بيئي
أوضح العضو فهد العبدالجادر أنه «بعد مناقشة ملف النفايات في اللجنة البيئية، تم الاتفاق على القيام بزيارة ميدانية لشركات إعادة التدوير، ومردم الدائري السابع الجنوبي لتقييم الوضع على الطبيعة، وللأسف الشديد بعد كل المشاهدات تبيّن أننا بحاجة لعمل الكثير لكي نغيير الواقع السيئ»، لافتاً إلى «وجود عقبات ومشاكل كثيرة تواجه شركات إعادة التدوير، ومن الواجب حلها بأسرع وقت، إضافة لذلك الوضع البيئي خطر في المردم، وعليه يترتب عليه وقف ردم النفايات، وإلا سنواجه خطراً بيئياً مؤكداً».