رأي قلمي

إما نديره أو نحسمه...!

2 أكتوبر 2022 10:00 م

كثيراً ما يجري صراع شديد داخل نفوسنا حول أجزاء هذه الشبكة النفسية المعقدة، صراع متعدد الوجوه، متفاوت الأشكال والوتائر. ولكل منا طاقاته وإمكاناته، إلى جانب التزاماته وواجباته، بالإضافة إلى أهدافه وطموحاته ومصالحه، وبقياس هذه الأشياء لابد كل واحد منّا ان يعرف كيف يحسم الصراع الذي يدور في نفسه.

الصراع الداخلي مزعج للغاية، حيث تتشتت بصاحبه السبل، وتغشى أهدافه عتمة التردد، كما يضطرب سلوكه ومواقفه، ويفوّت الصراع كثيراً من الفرص، إذ إنه أكبر عائق في وجه اتخاذ القرارات المهمة.

وبما أن الصراع يتجدد مع تجدد المواقف الحياتية المختلفة، فإنه من المهم أن يكون للإنسان أصوله وأساليبه ومعاييره الخاصة في ذلك.

في داخل كل منّا شخصيات عدة، وعليه مسؤوليات متنوعة، ولا بد عند حسم الصراع من إعطاء كل جانب حقه من الوقت والاهتمام والجهد.

إن لله - جل جلاله - حقوقاً يومية لابد من أدائها، ولثقافة الإنسان وجسده ووظيفته وأهله وأصدقائه... حقوق لابد أيضاً من القيام بها.

والخلل الذي يحدث في مراعاة هذه الحقوق لا يظهر أثره على المدى القصير، لكن إذا استمر مدة طويلة فإن عواقبه وخيمة. فعندما نريد حسم الصراع داخل نفوسنا حول مشروع أو عمل أو موقف أو اختيار شيء ما، فإنه من المهم أن نحسمه لصالح المبدأ، وليس المصلحة، ولحساب الآجل وليس العاجل، والدائم وليس الموقت.

وحسم الصراع على غير هذا النحو لا يعد حسماً، بمقدار ما هو بداية لمشكلات وتوترات جديدة.

والمرء المسلم مستقبليّ الرؤية والحسّ والهمّ والمنهج، ولابد أن ينحاز في النهاية إلى ما ينسجم مع ذلك.

إن أردنا أن نفلح في حسم أي صراع، لابد أن يتم في ضوء الإمكانات المتاحة. إلا أن البعض يشعرون بوطأة الحيرة والتردد، فيحاولون الخلاص واتخاذ قرار أي قرار مهما تكن الظروف والأحوال، وحين تسير الأمور على هذا النحو، فإن إنهاء الصراع يكون كحال من يداوي عيناً بقلعها.

ونحن نتحرك دائماً في أجواء مزدحمة، وذات مطالب متناقضة، ولذا فلابد من التريث عند اتخاذ أي قرار، ولابد من حساب تكاليفه وتبعاته حتى لا نخرج من أزمة إلى أزمة، ومن حيرة إلى أخرى.

إن وجود الصراع شيء طبيعي، ودليل حيوية المرء، ورهافة إحساسه، ما دام ذلك الصراع تحت السيطرة، وما دمنا نعرف كيف نديره إن لم نعرف كيف نحسم أمره.

M.alwohaib@gmail.com

mona_alwohaib@