د. يعقوب أحمد الشراح / صدى الكلمة / التلوث الإشعاعي البحري

1 يناير 1970 06:56 ص
تتلوث البيئة بمجموعة كبيرة من الملوثات تتفاوت تأثيراتها السلبية حسب نوع الملوث ودرجته، التلوث بالاشعاع نوع من أنواع التلوث الذي يصيب الإنسان والأحياء وسائر الأشياء بالضرر. أشعة الشمس ضارة إذا تجاوزت حدود تسخينها للأرض، كذلك الاشعاع الصادر من مصادر مختلفة مثل المغناطيس، والمواد الاشعاعية الداخلة في الصناعات والمنتجات الصناعية مثل السلاح الذري وغيرها.

ورغم ان المعلومات المتوافرة عن الأسلحة الذرية عند الدول في الواقع تعد من الأسرار العسكرية، وغير معروفة على وجه التحديد، إلا ان التقديرات العامة لهذه الأسلحة تتجاوز مئات الآلاف وغالبها لدى أميركا وروسيا. وهناك نحو 40 ألف سلاح نووي في العالم. هذه الأسلحة في حال الاستخدام غير العقلاني لها فإن العالم سيواجه عصرا كارثيا، لأن آثارها ستظل ممتدة لعصور قادمة.

وبما ان الاشعاعات النووية لها مصادر مختلفة فإن محطات توليد الطاقة النووية أو التجارب والنشاطات العسكرية النووية تعد من أكثر المصادر رعبا وقلقا عند الناس، إذ تتلوث الأجواء والأتربة والبحار بملوثات اشعاعية غاية في الخطورة. ولو نظرنا في التلوث الاشعاعي البحري مثلا لوجدنا انه من السهل أن تتلوث المياه بالاشعاع النووي فيؤثر ذلك في الناس والأحياء المائية. لذلك أصبحت البحار والخلجان والأنهر من أكثر الأماكن عرضة للتلوث بالاشعاع، وأكثر حساسية أيضاً لدى الدول المطلة على البحار والأنهر، والتي في اطار الاتفاقيات الدولية تحرص الدول على تجنب أي تلوث بحري بالمخلفات النووية، ومصادر الاشعاع النووي، أو ملوثات ناتجة عن العمليات العسكرية النووية في البحار أو تلك المخلفات النووية الصادرة من السفن والمحطات النووية المقامة على السواحل.

دول الخليج بلا شك تواجه مخاطر نشاطات محطات توليد الطاقة على الساحل الإيراني المحاذي للخليج، خصوصا محطة بوشهر النووية، إذ أشارت صحيفة «الرؤية» بتاريخ 17 نوفمبر الماضي إلى طلب وزارة الكهرباء والماء شراء جهاز خاص لكشف التلوث الاشعاعي البحري الصادر، وتركيب هذا الجهاز في محطة الصبية الكهربائية باعتبار هذا المكان أقرب إلى المفاعل النووي الإيراني في بوشهر التي لا تبعد أكثر من 150 كيلومترا.

نود أن نُذكر الوزارة أن تلوث المياه بالمخلفات النووية إشعاعية وغيرها يحدث بصفة يومية في مياه الخليج جراء السفن الحربية الكثيرة التي لا تعمل إلا بوقود الطاقة النووية. لذلك فإن مسألة تلوث مياه الخليج الذي هو المصدر الوحيد للحصول على مياه الشرب منه يستدعي منذ أمد بعيد توفير أجهزة رصد للتلوث الاشعاعي في البحر أو في الهواء، وليس فقط لأن محطة بوشهر الإيرانية هي التي تحثنا على اتخاذ الاحتياطات الواجبة للتعامل مع التلوث البحري بالإشعاع النووي الذي قد ينجم عن المحطة في حال حدوث أمر لا تُحمد عقباه.

قياس مستوى التلوث المائي بالاشعاع النووي لا بد أن يكون دائماً ومستمرا ما دمنا ندرك أن صحة الإنسان فوق كل شيء، ولا تنبغي الاستهانة بالاشعاعات النووية مهما قلت شدة هذه الاشعاعات أو قيمتها عن الحد الأقصى.



د. يعقوب أحمد الشراح

كاتب كويتي

[email protected]