أضواء

الصهاينة والحرب الأوكرانية

20 سبتمبر 2022 10:00 م

غادر حاخام موسكو بنشاس غولدشميدت، ومعه أفراد عائلته روسيا بدايات العام الجاري إلى الكيان الصهيوني لأنه لم يحتمل الحرب بين روسيا وأوكرانيا. وجه إليه اليهود في روسيا انتقادات لاذعة لأنه تركهم بعد سنين طويلة منذ انهيار الاتحاد السوفياتي قضوها في ترتيب أوضاعهم، حيث بنوا المدارس والحضانات الخاصة بهم ومراكز الخدمات الاجتماعية وإعداد المدرسين والحاخامات.

تنازل غولدشميدت عن منصبه كحاخام وبدأ يتحدث ضد الحرب، وادعى أن حياته ستكون في خطر لو عبّر عن موقفه في روسيا التي لا تسمح بذلك. يبدو أن تبريراته لم تكن مقنعة لليهود الروس الذين رأوا موقفه يهدّد أمنهم في روسيا ويجعلهم تحت الرقابة الأمنية. بعدها قرّر عدد كبير من اليهود الروس مغادرة وطنهم روسيا واللحاق به لدى الكيان الصهيوني، حيث القانون الصهيوني يسمح بالاستيطان لمن يثبت أن أحد أجداده على الأقل يهودي.

أحد الصهاينة الروس أفصح عن السبب في مغادرته إلى الكيان الصهيوني وهو لتجنّب استدعاء الجيش الروسي ابنه للخدمة العسكرية لبلوغه سن الخدمة، لكن لا بأس بالنسبة إليه أن يخدم ابنه في المؤسسة العسكرية الصهيونية. وحسب الاحصائيات فإن ما يقارب من ثمن اليهود الروس البالغ عددهم 165000 غادروا روسيا إلى الكيان الصهيوني منذ الحرب الأوكرانية رغم كونهم مواطنين روس، وعليهم تقديم الولاء لوطنهم روسيا والانخراط في خدمتها العسكرية، لكن يبقى ولاءهم للصهيونية أكبر من ولائهم لوطنهم الأم روسيا أو لأي وطن آخر يتواجدون فيها.

خرق الكيان الصهيوني حياده في الحرب الأوكرانية، وأغضب روسيا عندما اتهمها بارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا وصوّت على تعليق عضويّة روسيا في لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة. هدّد الروس حينها بإغلاق مكاتب وكالة الهجرة اليهودية وكان ذلك إجراءً صاعقاً على الصهاينة يترتب عليه منع هجرة اليهود من روسيا، وقطع الإمداد البشري الذي يعتمد عليه مشروع الاستيطان الصهيوني في فلسطين المحتلة. مع ذلك لم يتهم الصهاينة الرئيس بوتين بمعاداة الساميّة وهي التهمة الجاهزة التي اعتاد الصهاينة استخدامها ضد معارضيهم أو منتقديهم الضعفاء، ولم يتباكوا أو يدافعوا عن الجالية اليهودية في أوكرانيا وهي أكبر جالية يهودية في أوروبا الشرقية، كما يتباكون ويدافعون عن الأقليات اليهودية في العالم.

سقطت لعبة العداء للساميّة في الحرب الأوكرانية، وتخلى عنها الصهاينة لأن تداعياتها ستكون خطيرة على كيانهم المحتّل وعلى مخزونهم البشري في أوكرانيا وروسيا. روسيا ليست بولندا أو غزّة أو العرب، والرئيس بوتين ليس السيد جيرمي كوربن، رئيس حزب العمال البريطاني السابق، الذي يتهمه الصهاينة بمعاداة اليهودية، وتجنّب سقوط صاروخ روسي باليستي على رؤوس المستوطنين الصهاينة أسلم من التحرّش بالقيصر الروسي واتهامه بمعاداة الساميّة.