ألوان

الفنان عبدالحليم رضوي

10 سبتمبر 2022 10:00 م

عدت أخيراً من جدة، تلبية لدعوة كريمة من قبل ابنة الفنان عبدالحليم رضوي، الدكتورة مها، أمين عام «جائزة رضوي فن» كضيف شرف في الحفل الختامي للجائزة، تحت شعار «الأصالة والمعاصرة» المقام برعاية جامعة الأعمال والتكنولوجيا، وتحت مظلة جمعية الثقافة والفنون بإشراف الفنانة التشكيلية الدكتورة مها عبدالحليم رضوي، في جدة بالمملكة العربية السعودية.

وكان في استقبالي مستشار الجمعية الدكتور محمد السريحي، حيث لمست الحفاوة والتقدير، وهذا ليس غريباً على أهلنا في المملكة العربية السعودية، حيث إنني كنت صديقاً مقرباً للفنان الراحل عبدالحليم رضوي، الذي يعد من أهم الأسماء في الحركة التشكيلية السعودية، وهو ينتمي إلى مدارس فنية عدة، كما أنه كان متأثراً بأصالة التراث السعودي الغني المتعدد.

لذا، فقد تناوله في أعماله الفنية التي تجمع بين الإصالة والحداثة في الوقت نفسه، رغم إن لوحاته تنتمي إلى بعض المدارس الفنية الأخرى عبر سنوات إبداعاته في عالم الفنون التشكيلية مثل «التكعيبية والتجريدية والتعبيرية والسريالية».

إضافة إلى أنه قدم التصوير والنحت ورسم الجداريات، واشتهر باستخدام الألوان الزيتية، وهو أول فنان تشكيلي سعودي يبتعث لدراسة الفن التشكيلي أكاديمياً في قارة أوروبا، وقد عرض لوحاته الفنية في العديد من العواصم العربية والغربية، كما إنه قام بإنشاء مركز خاص يعنى بالفن التشكيلي يحمل اسم «مركز الفنون الجميلة» الذي افتتحه في عام 1968م، كما إنه رائد الفن التشكيلي في المملكة العربية السعودية، وقد نجح في صنع مدرسة فنية خاصة به إضافة إلى أنه كان عضواً في مجلس التحكيم الدولي في مدريد، كما إنه شغل منصب رئيس رابطة الفنانين التشكيليين العرب في مدريد أيضاً، وشغل منصب مدير عام جمعية الثقافة والفنون في جدة، وما زال اسمه يتردد كلما جاء ذكر الفن التشكيلي السعودي رغم وفاته في عام 2006م.

وكان يرحمه الله كلما زار الكويت يزورني في منزلي، وبينما نتناول الأكلات الكويتية كان حديثنا يدور حول هموم الحركة التشكيلية في الخليج والوطن العربي.

وقد قامت ابنته بتأسيس مدرسة تحمل اسم «رضوي فن»، وهي المدرسة التي كان يحلم بتأسيسها، إلا أن الزمن لم يمهله لتحقيق ذلك، فكان إنشاء المدرسة على يد ابنته الفنانة الدكتورة مها رضوي، التي تمتلك رؤية فنية ثاقبة، كما إن المدرسة باتت تجتذب العديد من المواهب الفنية، الأمر الذي دفع بالدكتور عبدالله الحجيلان، أمين عام جامعة الأعمال والتكنولوجيا بتقديم الدعم المستمر لتلك المدرسة الفنية الرائدة في المنطقة عبر مبلغ خمسين ألف ريال سعودي سنوياً، الأمر الذي يعد عاملاً مساعداً لتنفيذ العديد من المشاريع الفنية، وهي مدرسة رائدة ليس على مستوى المملكة العربية السعودية وحسب، بل على مستوى منطقة الخليج العربي، ولسوف تكون لها مكانة مرموقة عربياً وعالمياً في المستقبل.

ودون تنسيق مسبق، طُلب مني أن أقوم بإلقاء محاضرة عن الحركة التشكيلية في الكويت، وعن أهمية الفن التشكيلي في الحياة، ثم تم التطرق لبعض الأحداث لأشهر الفنانين التشكيليين العالميين والتي أثرت على أعمالهم، كما تم التطرق إلى الفن التشكيلي في منطقة الخليج العربي والوطن العربي، ومدى تأثير المدارس الفنية الغربية على الفنان العربي، إلا أنه ما زال يحاول وقد نجح في وضع بصمة فنية تحمل الموروث الحضاري الشرقي العربي، إضافة إلى تناول أهم التحديات التي تواجه الفنان التشكيلي في الوطن العربي، ثم تبع ذلك دورة تدريبية لمجموعة من الفنانين التشكيليين السعوديين، فكان ذلك بحضور أكثر من خمسين فناناً تشكيلياً سعودياً معظمهم من الفنانات التشكيليات في جدة، وهن ينتمين إلى أكثر من مدرسة فنية وقد تم التركيز على التكنيك في استخدام الألوان بطرق عدة، إضافة إلى بعض الأساليب التي قد يلجأ لها الفنان عند الرسم.

وقد شاهدت بعض اللوحات للمشاركين في الدورة، كما إنني لاحظت خلال الورشة الفنية أن هناك مبدعات سعوديات في عالم الفن التشكيلي لديهن أعمال فنية تستحق أن يتم عرضها في الدول الخليجية والعربية والعالمية، والمسألة بحاجة إلى دعم مادي ومعنوي.

وتم التركيز خلال المحاضرة على أهمية الموهبة وصقلها بالدراسة أو بالدورات الفنية، إضافة إلى أهمية الثقافة العامة للفنان، إذ إنه وإن كان يقوم بتقليد بعض الفنانين في بداياته لكن يجب أن تكون له شخصيته المميزة عن البقية، وهي الخطوة الرئيسة لبداية التميز، ثم تأتي بعد عملية اجترار الإبداعات الفنية وتناول القضايا الكبرى الفلسفة الخاصة بكل فنان التي تصنع اسمه وأثره الكبير في المجتمع.

همسة،

يرحل المبدعون عنا وتبقى إبداعاتهم حاضرة في حياتنا.