فلسفة قلم

الإعلام وتصحيح المسار

8 سبتمبر 2022 10:00 م

لا أشك للحظة أننا مثلما نعيش أزمات تعليمية وسكانية وإسكانية ورياضية وغيرها من الأزمات التي شلّت حال البلد، أننا أيضاً نعيش أزمة إعلامية ثقيلة، وإذا ما اعتبرنا أن قوانين محاصرة التعبير مثل قوانين المرئي والمسموع والمطبوعات والنشر والجرائم الإلكترونية أحد جناحي الأزمة فإنه ومن دون أدنى شك أن ضياع بوصلة الرسالة الإعلامية وتوهانها في حضرة من يسمون أنفسهم الإعلاميين هي الجناح الآخر في أزمتنا الإعلامية، وسواء كانت الرسالة ضائعة جهلاً أو عمداً فهذا لن يغيّر من الحال.

الإعلام رسالة عنوانها الموضوعية والحياد حتى ولو كان انحياز القلم أو الميكروفون أمراً لا مفرّ منه، وقد يكون مشروعاً أحياناً خصوصاً في القضايا الكبرى والتي تتعلّق بالأمن القومي، إلا أن الموضوعية في طرح وجهة نظر الوسيلة الإعلامية أو حتى السؤال يفترض أن تكون حتمية، ولا نلتفت عنها مهما كلّف الأمر، لأن قواعد الكيان الإعلامي عالمية وثابتة ومنبثقة من مواثيق دولية، لكن ما يحدث اليوم (من قبل بعض الوسائل الإعلامية الإلكترونية) أقل ما يقال عنه إنه تهريج إعلامي وجهل كبير لقواعد الإعلام الأساسية.

أصبح الإعلام (الإلكتروني) اليوم في الكويت مستهدفاً من قبل كل من يملك المال، وصار الكثير من الميكروفونات يتحرك بناء على إشارات وأوامر من يدفع أكثر بعيداً عن أبسط قواعد وأدبيات الرسالة الإعلامية، وللأسف الشديد كلنا نشاهد ما يحدث ونعلمه، ولكننا دون تدخل حتى ساد المشهد الإعلامي ترهيب وتضليل وغلو على مستوى عالٍ وسط غياب الكيانات الإعلامية الكبيرة التي فضّلت الابتعاد عن هذا التهريج حتى استفحل وصار يضر الإعلام بشكل كبير.

حتى أساليب ووسائل الخبر والتحليل الإخباري تم تتفيهها ففقد الإعلام الكويتي مصداقيته وهيبته، خصوصاً بعد استهلاك الكثير من المفردات الإعلامية وإسقاط قيمتها الفنية، بتناقل أخبار لا قيمة لها ولا تستحق النشر أو موجهة وتضليلية تحت عناوين (عاجل. وحصري. ومصادر حكومية وبرلمانية)، وغيرها من الأخبار المسندة إلى مراقبين ومحللين واقتصاديين وإعلاميين وهميين.

الرسالة واضحة ولا تحتاج إلى توضيح أكثر. ما يحدث اليوم خصوصاً في الساحة السياسية هو تهريج إعلامي إلا أن تدخل وزارة الإعلام وتطبيق القانون على الوسائل الإعلامية الإلكترونية المخالفة، كان بداية تصحيح مسار المشهد الإعلامي من أمام مبنى تسجيل مرشحي انتخابات مجلس الأمة، كما أن للكيانات الإعلامية الكبيرة أهمية كبرى في تشكيل خارطة طريق إعلامية وتنظيمية باعتبارها عنصراً مهماً وفاعلاً للمحافظة على هوية الإعلام الكويتي داخلياً وخارجياً.