السوق يعيش فوضى مزاحمة الأفراد غير المرخّصين للشركات

تضاعف أجور العمالة يُرهق «جيوب» المواطنين والمقاولين

3 سبتمبر 2022 10:00 م

- ضاري البرجس: قلة المشروعات خلال «كورونا» أفقدت الشركات مئات العمال الأكفاء
- معظم العمالة الخبيرة انتقلت لأسواق مجاورة وكلفة المشاريع الحكومية سترتفع
- خالد المالكي: 750 ألف عامل تحتاجهم الكويت بعد تسليم أذونات 25 ألف وحدة
- 100 في المئة ارتفاعاً في أجرة العامل العادي و200 في المئة بكلفة الفني

تفاقمت مشكلة شركات المقاولات بشح اليد العاملة وارتفاع أجورها، حتى بلغت ضعف ما كانت تتقاضاه قبل جائحة كورونا، لاسيما بعد ازدياد الطلب عليها مع بدء تسليم أذونات بناء أكثر من 25 ألف وحدة سكنية في مناطق المطلاع وجنوب عبدالله المبارك وخيطان الجنوبي، ما ينعكس على المستهلك الآخر، وهو المواطن، الذي يدفع تلك الارتفاعات من جيبه في نهاية المطاف.

وذكر مديرو شركات مقاولات أن سوق العمالة يعيش فوضى في ظل غياب الرقابة عليه، وأن الكثير من «مقاولي الشوارع» يعملون فُرادى دون وجود أي كيان قانوني ولا تصنيف بلدية ولا مقر تجاري، لافتين إلى أن قضايا عدة في المحاكم تولّدت جراء عمليات نصب على مواطنين أو إخلال بالعقود.

طلب كبير

من جهته، قال الرئيس التنفيذي لشركة ركاز للمقاولات، خالد المالكي، إنه تم في 14 مارس 2021 تسليم أذونات البناء لمناطق المطلاع وجنوب عبدالله المبارك وخيطان الجنوبي بأكثر من 25 ألف وحدة سكنية، ما تسبّب في طلب كبير على العمالة لا يستوعبها السوق المحلي.

ولفت إلى أن تسليم أذونات البناء تزامن مع أزمة كورونا والحظر الكلي والجزئي وخروج نحو 250 ألف عامل في 2020 /2021، موضحاً أن الكويت كانت تحتاج إلى ما لا يقل عن نصف مليون عامل قبل «كورونا»، أما الآن فالأمر يتطلب نحو 750 ألف عامل لسد عجز السوق وموازنة العرض مع الطلب.

وأشار المالكي إلى أن أجرة العامل العادي ارتفعت بـ100 في المئة تقريباً أما العامل الفني فزادت بنحو 200 في المئة، ما يسبب إرهاقاً لميزانيات أصحاب القسائم، مبيناً أن ذلك تسبب بشكل مباشر بتوقف العمل في عدد كبير من القسائم وعدم تكملة البناء بسبب استغلال بعض العمال للظروف، وعدم وجود رقابة كافية من قبل مؤسسات الدولة المعنية.

وأفاد المالكي بأن الكثير من العمال تحولوا في الفترة الأخيرة إلى «مقاولي شوارع»، يتعاقدون مع أصحاب القسائم دون وجود أي كيان قانوني ولا تصنيف بلدية ولا مقر تجاري مع غياب الرقابة والمتابعة، ما تسبب بفوضى في سوق العمالة، ترافق معه تشديد من وزارة الشؤون في طلبات شركات المقاولات لرفع عدد العمالة لديها.

استقدام العمالة

وضرب المالكي مثلاً قائلاً «لم تسمح لنا (الشؤون) باستقدام عدد عمالة كاف من خارج الكويت بما يغطي حاجة مشاريع الشركة، رغم تقديمنا أوراقاً تثبت أن لدينا مشاريع بقيمة 8 ملايين دينار»، مضيفاً أنه تقدّم بطلب للوزارة وبعد دورة مستندية طويلة استغرقت نحو 90 يوماً جاءت الموافقة على عاملين فقط، مع العلم أن العدد المطلوب 20 عاملاً.

ونوه إلى أن غياب الرقابة عن الكثير من المقاولين الذين يتعاقدون مع أصحاب قسائم من دون وجود أي صفة قانونية ولّد قضايا كثيرة بسبب عمليات نصب كان ضحيتها مواطنين، إلى جانب تحكمهم بالأسعار بما يُرهق ميزانية أصحاب القسائم.

وعما تقوم به شركات المقاولات مع زيادات أجور العمالة وأسعار مواد البناء، قال المالكي «العقد شريطة المتعاقدين، لذلك يُفترض أن يلتزم كلا الطرفين ببنوده، وهو ما ألزم الكثير من الشركات بإكمال بعض القسائم وفق الأسعار السابقة رغم تكبدها خسائر»، مؤكداً ضرورة التأكيد على مرونة السعر حسب تغيرات السوق من مواد وأيدي عاملة ضمن بنود العقد وشرحه بالتفصيل، وذلك لأن الملاك لا يقبلون بأي زيادات.

غياب المشاريع

أما المدير العام لشركة فدان للمقاولات المهندس ضاري البرجس، فبيّن أن غياب المشاريع المطروحة من قبل الدولة في بعض الأوقات خلال «كورونا» أفقد شركات المقاولات مئات العمال ذوي الخبرة والكفاءة، حيث لم تكن قادرة على تحمّل تكاليفهم.

وأشار إلى أن تلك العمالة الخبيرة الفنية انتقل معظمها إلى أسواق أخرى مجاورة، كما أن قلة المشاريع الحكومية دفعت الكثير من الشركات الكويتية إلى الهروب لأسواق مجاورة أكثر نشاطاً وحيوية، بما ينعكس سلباً على الكويت.

وأفاد البرجس بأن تضاعف أجرة العمال سينعكس كذلك على المشاريع الحكومية ويزيد التكلفة عليها، لافتاً إلى صعوبة استقدام عمالة جديدة بـ«فيز» تجارية، لأنها تستهلك الكثير من الجهود لتدريبها، إلى جانب مبالغ كبيرة قد لا تكون الشركات قادرة على تحملها في الفترة الحالية.

تشدّد زيادة العمالة يقوّي مقاولي الشوارع

أكد مسؤولون في شركات مقاولات أن معاناتها من قلة العمالة مستمرة رغم فتح «فيز» الزيارة التجارية لاستقدامها، مشيرين في هذا الجانب إلى أن وزارة الشؤون تتشدّد كثيراً ولا تسمح سوى بنسب ضئيلة جداً مقارنة باحتياجات الشركات العاملة بالسوق، ما يعزز من موقف «مقاولي الشوارع».

وبيّن مسؤولون في شركات مقاولات أن خسائر كبيرة تكبّدتها شركات جرّاء تنفيذ عقود سابقة وقعتها مع أصحاب قسائم، وذلك نتيجة قفزات أسعار مواد البناء وأجور العمالة، لاسيما مع عدم تفهم بعض الملاك للتغيرات المتسارعة في السوق المحلي العالمي، وعدم وجود بنود قانونية تحمي موقف الشركات.