قيم ومبادىء

لا جديد؟

1 سبتمبر 2022 10:00 م

مَنْ المسؤول بالدرجة الأولى عن هذا الفساد وتأخر التنمية وتعطيل السلطة التشريعية وتوعير الطريق أمامها للإصلاح؟! الجواب، الجميع مسؤول والجميع مُشارك في تحمّل مسؤولية هذا الإخفاق التراكمي وأول ما تتوجه المساءلة للحكومات المتعاقبة، كيف كرّست عبر ممارساتها مع النواب هذا الأسلوب في التعاطي مع الشأن السياسي (شيمه أو جيمه) حتى استقر في وجدان البعض مفهوم (من صادها عشّا عياله)، فأصبحت الاستماتة واللف والدوران والتنازلات من أجل العودة لمقعد البرلمان وبعدها تفتح لك أبواب الدنيا بحذافيرها!

كما يشارك الحكومة بهذا الوِزر النائب والعضو لتفريطه بالأمانة وحنثه بالقسَم النيابي حين أقسم على أن يؤدي أعماله بالأمانة والصدق إلى (والخيانة والكذب)، فأنتج لنا هذا المفهوم القبيضة والدفيعة والإيداعات والناقلات والتأمينات الاجتماعية، واليوروفايتر، وضيافة «الداخلية»... كما يتحمّل وِزر هذا الفساد المعارضة وطرقها الملتوية المخالفة للشرعية وتحالفاتها المشبوهة، فأنتج لنا هذا مجموعة من الهاربين والمسجونين والمغرّدين خارج سرب القيم والمبادئ التي تربّى عليها المجتمع الكويتي المحافظ، وأخيراً وليس آخراً يتحمّل الناخب مسؤولية هذا الفساد لأنه شارك في انتخابات مجالس الأمة بروح حزبية لا ترى إلا ما يراه الحزب، ولا تسمع إلا ما يسمعه الحزب ولا يتكلّم إلا بما يتكلّم به الحزب، أو بروح طائفية لا يرى خيراً إلا في حدود طائفته والباقي إلى الجحيم، ولن يصوّت إلا لطائفته مهما كان المرشح يتخبط حتى في أبسط أموره فكيف بإدارة دولة؟ أو بروح قبلية غطت عقله وقلبه وروحه وملكت عليه لسانه ومشاعره، ففزع لنصرة أخيه ظالماً أو مظلوماً لأن هذا نظام العشيرة ومَنْ شذ شذ في النار! فإذا غابت المعايير الصحيحة لاختيار المرشح فلن نجد جديداً في المرحلة المقبلة وسنعود للمربع الأول!

وهنا يجدر بنا الإجابة عن هذا السؤال: هل القطاع الخاص يتحمّل جزءاً من هذه المسؤولية؟ خصوصاً أننا لمسنا منه سياسات أثارت الأحقاد بل والاضطرابات في مجتمعنا الصغير لما تدخل في الشأن العام للدولة وأخذ يزاحمها في دورها؟ في مقابل إدارته الرشيقة لمصالحه في هياكله التي استحوذ عليها من مفاصل الدولة وأخذ يحقق الأرباح تلو الأرباح، والفوائض المالية في مواجهة ترهل الإدارة الحكومية والهدر الشامل لأموال الدولة دون مردود إيجابي؟ ولا يمكن إذا أردنا الإصلاح وترشيد الاستهلاك أن نلغي كفالة الدولة لجميع المواطنين، والسير بمسار النظم الغربية الرأسمالية والاشتراكية بأنه ينبغي على كل قادر على العمل أن يعمل - رجالاً ونساءً - ومن لا يعمل لا يأكل، فكما أن كفالة المواطن واجبة على الدولة فالعمل واجب على الفرد ما دام قادراً عليه ولا يُعفى من ذلك أحد على الإطلاق سوى الأطفال والعجزة، وبما أن الدولة هي المالك الوحيد للثروات فهي التي تحدّد نوع العمل الذي يقوم به المواطن ومكان العمل وطبيعتها حسب احتياج الدولة!

لعل غياب مبدأ المساواة، وبما أن الدستور نص على أن جميع الافراد متساوون في الحقوق والواجبات وهي المأكل والملبس والمسكن والجنس والتنقل وإبداء الرأي والمشاركة في الجمعيات المهنية والنفع العام، هذه هي الصورة الدائمة في الأنظمة الوضعية ولكن مع التطور وزيادة المداخيل بحيث أصبح بعض الناس مالكين وبعضهم غير ملّاك، فاختلفت النفوس كما اختلفت الحقوق والواجبات وأصبح لرجال الأعمال امتيازات اقتصادية وسياسية واجتماعية تميزهم عن غيرهم من الطبقة الكادحة، وإذا وصلنا إلى هذه الحال إلى (المربع الأول) والتاريخ يعيد نفسه كما يقال، فهذا يذكرنا حين كان الدين اليسوعي أو النص طوال القرون الوسطى سائداً في أوروبا كان المقصود من الدين (المسيحية) ويراد من (المسيحية) الكثلكة تحديداً، والكثلكة تعبّر عن البابوية، والبابوية نظام كهنوتي ركّز على السلطة العُليا باسم الله في يد الحبر الأعظم وحده مع قصر تفسير «الكتاب المقدس» على البابا وأعضاء مجلسه من النخبة وسوّى في الاعتبار بين نص الكتاب المقدس وأفهام الطبقة النخبوية، فضاع الجميع!

... وعليه فلا جديد حتى مع المشاركة الشعبية، اذا وصلنا لهذا!