البنك يواصل التركيز على تنويع الإيرادات قطاعياً وجغرافياً والاستثمار رقمياً بكثافة

سليمان المرزوق: «الوطني» عَبَر الأزمة تلو الأخرى... أكثر قوة

27 أغسطس 2022 10:00 م

- الاضطرابات قد تحمل فرصاً يمكن للبنوك الأكثر استعداداً الاستفادة منها
- نستثمر بقوة في مستقبل الخدمات المصرفية لزيادة كفاءة عملياتنا بالأسواق الإستراتيجية
- البنك قدم نموذجاً لكيفية جني ثمار استباقية التحول الرقمي عبر خدمات عالية الجودة
- شبح الركود العالمي والتضخم أبرز تحديات البيئة التشغيلية والمصارف الكويتية تفوقت على نظيراتها إقليمياً
- نهدف للحفاظ على مكانة ريادية في الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية والتمويل المستدام خليجياً
- وضعنا أهدافاً لخفض الانبعاثات التشغيلية وتحويل فروعنا إلى صديقة للبيئة
- التشديد النقدي ورفع الفائدة يتيحان فرصاً لزيادة صافي إيرادات الفوائد

قال نائب الرئيس التنفيذي لبنك الكويت الوطني-الكويت، سليمان المرزوق، إن البنك مستمر بالتركيز على مواصلة النمو، ويعتمد في تحقيق ذلك على إستراتيجية راسخة ترتكز إلى اعتماده على الأنشطة المصرفية الرئيسية، وتنويع الإيرادات قطاعياً وجغرافياً والاستثمار بكثافة في التحول الرقمي لعملياته ومنتجاته، الأمر الذي يحدّ من المخاطر ويعزّز الاستفادة من الفرص.

وأضاف المرزوق في مقابلة مع مجلة «ميد» العالمية، أن توقعات الدخول في ركود اقتصادي عالمياً، تمثّل أحد أبرز التحديات التي تهدّد البيئة التشغيلية، بعد تحذير صندوق النقد الدولي أخيراً من خفض توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي إلى 3.2 في المئة 2022 مقارنة بنمو 6.1 في المئة العام الماضي، ما قد يؤدي إلى تراجع الطلب العالمي على النفط وانخفاض الأسعار.

وأكد المرزوق أنه وفي ظل اعتماد الاقتصاد الكويتي ومعظم اقتصادات المنطقة على النفط، الذي يمثل 90 في المئة من إيرادات الحكومة الكويتية، يتسبب تراجع الأسعار في مزيد من التحديات، وأبرزها ضعف الوضع المالي للحكومة، وزيادة عجز الموازنة، والتهديد بتباطؤ وتيرة ترسية المشاريع، التي تمثل المحرك الأساسي لأنشطة الأعمال في الاقتصاد الكويتي، الأمر الذي ينعكس بالسلب على نمو إقراض قطاع الأعمال.

تحديات التضخم

وأشار المرزوق إلى أن ارتفاع معدلات التضخم التي وصلت إلى مستويات قياسية في الولايات المتحدة، بعدما ارتفعت لأعلى مستوى في 40 عاماً، كما اقتربت في الكويت من أعلى مستوياتها التاريخية عند 4.5 في المئة، قد يحد من الإنفاق الاستهلاكي ويزيد الضغوط على أداء الخدمات المصرفية للأفراد بشكل مباشر، والخدمات المصرفية للشركات بشكل غير مباشر.

وأوضح أن تذبذب أداء الأسواق المالية نتيجة حساسيتها الشديدة للمتغيرات الاقتصادية، يشكل تحدياً إضافياً بما يفرضه ذلك من تحديات ومخاطر على إدارة الثروات والخدمات المصرفية الخاصة لدى بنوك المنطقة.

وبيّن المرزوق أن الاضطرابات نفسها قد تحمل فرصاً يمكن للبنوك الأكثر استعداداً الاستفادة منها، حيث ساهمت التوترات الجيوسياسية، خصوصاً الغزو الروسي لأوكرانيا في ارتفاع أسعار النفط، ما ساهم في تعزيز الوضع المالي للحكومة، وشجع على زيادة الإنفاق الاستثماري، مع ترسية مشاريع بقيمة 1.5 مليار دينار في الكويت خلال العام 2021، ما يتيح العديد من فرص النمو في مجال إقراض الشركات وقطاع الأعمال.

ولفت إلى اتجاه البنوك المركزية إلى إطلاق دورة تشديد نقدي ورفع الفائدة، للحد من تسارع وتيرة التضخم، ما يتيح فرصاً لزيادة صافي إيرادات الفوائد لدى البنوك.

وبيّن المرزوق أن تلك الاضطرابات تسببت في تغييرات بمجال إدارة الثروات من تحول العملاء إلى الاستثمارات البديلة، وتغير بعض مسارات تدفق رؤوس الأموال عالمياً، ما قد يحمل بعض الفرص التي استعد لها «الوطني» الذي أطلق في 2021 منصة إدارة الثروات العالمية، والتي تجمع تحت مظلة واحدة الأعمال المصرفية الخاصة وإدارة الأصول، بهدف زيادة حصته السوقية وقيمة الأصول التي تديرها المجموعة والبالغة 17.7 مليار دولار، وتوسيع قاعدة العملاء في الكويت وبقية أسواق المنطقة خصوصاً السعودية.

ونوه إلى أن البنوك التي تتمتّع بعلامة تجارية قوية ورائدة تحوز ثقة العملاء مثل «الوطني»، تستفيد من توجه العملاء والمستثمرين إلى المؤسسات الرائدة، في ظل حالة عدم اليقين التي تسود في وقت الأزمات والاضطرابات وهو ما تأكد تاريخياً إذ إنه دائماً ما يخرج البنك من الأزمة تلو الأخرى أكثر قوة وقدرة على مواصلة النمو.

بيئة داعمة

وشدد نائب الرئيس التنفيذي في «الوطني-الكويت»، على أن البنوك الكويتية كانت الأكثر استعداداً للجائحة، على صعيد تقديم الخدمات الرقمية وحلول الدفع المتطورة، بفضل البيئة التنظيمية الداعمة ومواكبة التحوّل الرقمي للمجتمع الكويتي، وهو ما انعكس على تقديم كل الخدمات والمنتجات المصرفية بكفاءة خلال عمليات الإغلاق.

وأكد أن «الوطني» قدّم نموذجاً لكيفية الاستفادة من استباقية التحول الرقمي، بعدما استحوذت قنواته الرقمية على 98 في المئة من إجمالي المعاملات المصرفية خلال 2021.

وحول الدور الذي يجب أن يلعبه التحول الرقمي والتكنولوجيا المالية في تحسين مرونة المؤسسات، قال المرزوق: «لدينا مثال ليس ببعيد، إذ رأينا كيف آتت استثماراتنا ومسار خارطتنا الرقمية خلال سنوات طويلة، ثمارها خلال أزمة بحجم جائحة (كورونا)، حيث لعبت قنوات البنك الرقمية دوراً محورياً في خدمة عملائنا وشهدنا زيادة قياسية في حجم معاملاتنا الإلكترونية».

وأوضح أن البنك يواصل الاستثمار وبقوة في مستقبل الخدمات المصرفية، لتبسيط عملياته في كل أسواقه الإستراتيجية الرئيسية وفي القطاعات المختلفة، وبناء تجربة مصرفية رقمية من الجيل التالي وتحسين كفاءته التشغيلية.

وشدد المرزوق على أن البنك يعمل وبشكل دائم على الارتقاء بقنواته الرقمية المختلفة، ويحرص على إدخال التحسينات المستمرة للرحلة الرقمية لعملائه بصفة منتظمة، إلى جانب توسيع نطاق الخدمات التي يقدمها رقمياً، خصوصاً من خلال «الوطني عبر الموبايل»، مع الاستفادة من تحليل البيانات وإدخال تقنية الروبوتات في الكثير من الخدمات التي يقدمها، فضلاً عن التعلم الآلي لتحسين كفاءته التشغيلية وتقديم تجربة شخصية مميزة لتلبية الاحتياجات المصرفية للعملاء.

وبيّن أنه وعند تطوير أجندة البنك الرقمية، كان أحد الأهداف الرئيسية هو مواءمة الاستثمارات التقنية وخارطة الطريق الرقمية، مع إستراتيجية المجموعة لتوحيد المعايير حتى في الفروع الخارجية، لأن توحيد وترشيد وتبسيط مجموعة تطبيقات تكنولوجيا المعلومات يسمح بمزيد من التحسين على صعيد دمج التكلفة، وخلق مجال لبيع المنتجات والخدمات على مستوى فروع شبكة «الوطني».

وأشار المرزوق إلى أن البنك قام بتأسيس المكتب الرقمي للمجموعة، للقيام بدور المنسق الرئيسي لتحولها الرقمي، فضلاً عن مسؤوليتها عن زيادة محفظة المنتجات والخدمات المبتكرة، من خلال عقد الشراكات مع شركات التقنية المالية.

ثقافة رقمية

ولفت المرزوق إلى أن البنك سيواصل العمل من أجل إنشاء ثقافة رقمية أكثر مرونة وتجريبية، وتحملاً للمخاطر وأكثر تعاونية، مع إدخال مهارات وقدرات جديدة، من خلال توظيف مواهب متنوعة، وتطوير مواهب أخرى داخلياً باستخدام أفضل برامج وتقنيات التدريب.

وأكد أنه لابد للبنوك أن تعمل باستمرار على تعديل نماذج الأعمال، لكل من عمليات المكاتب الأمامية والخلفية، لمواكبة الأوقات المتغيرة، واستباق الاضطرابات المستقبلية المحتملة، خصوصاً أن الاعتماد على أحدث التقنيات بما في ذلك البلوك تشين والحوسبة السحابية وإنترنت الأشياء، هو أساس الخدمات المصرفية الرقمية الحقيقية والتحوّل الكامل.

القطاع المصرفي دخل «كورونا» أكثر استعداداً من غيره

حول أداء القطاع المصرفي الكويتي من حيث الربحية، وجودة القروض مقارنة بما قبل «كورونا»، أكد المرزوق أن البنوك الكويتية بإشراف وتوجيه من بنك الكويت المركزي، طبّقت سياسات متحفظة في إدارة المخاطر والاعتماد على الأنشطة المصرفية الرئيسية، ما أدى إلى تمتعها بمعدلات تفوق بقية بنوك المنطقة على مستوى كفاية رأس المال، والسيولة، وجودة الأصول ليدخل القطاع الجائحة أكثر استعداداً من غيره.

وأشار إلى أنه وعلى صعيد جودة الأصول، فقد بلغت نسبة القروض غير المنتظمة لدى البنوك الكويتية 1.4 في المئة بنهاية العام 2021 لتسجل بذلك أدنى مستوى تاريخياً لها مقارنة ببلوغها 2 في المئة عام 2020، ما يعكس قوة النشاط الاقتصادي وحصافة المصارف، في تطبيق الشروط والأحكام المتعلقة بتقديم التمويل.

وأفاد بأنه على صعيد الملاءة المالية، فقد بلغ معدل كفاية رأس المال 19.2 في المئة بنهاية العام 2021، وهو الأعلى منذ تطبيق تعليمات «بازل 3»، متفوقاً بفارق كبير عن المتطلبات الدولية البالغة 10.5 في المئة.

وتابع المرزوق أن مؤشرات السيولة لدى القطاع المصرفي الكويتي بنهاية العام 2021، تعكس التدفق المنتظم والمتواصل للسيولة، إذ بلغ معيار تغطية السيولة 183 في المئة لعام 2021، كما بلغ معيار صافي التمويل المستقر 111 في المئة، وكلاهما أعلى من الحد الأدنى المطلوب البالغ 100 في المئة.

وبين المرزوق أن تلك المؤشرات القوية انعكست على صلابة المركز المالي وجودة الأصول على مستويات الربحية، بعدما اقتربت أرباح البنوك الكويتية السنوية في 2021 من مستوياتها قبل «كورونا»، إذ بلغت 961 مليون دينار.

وأشار إلى أن ذلك ساهم مع انخفاض تكلفة المخاطر بعد رفع القيود المتعلقة بمكافحة الجائحة، في نمو ربحية البنوك بشكل رئيسي، بحيث استفادت من تراكم المخصصات على مدار سنوات قبل الأزمة.

«وياي»... منصة الوصول لأسواق جديدة

أوضح المرزوق أن بنك «وياي» الذي تم إطلاقه العام الماضي في الكويت، سيكون بمثابة منصة للوصول إلى أسواق جديدة في شبكة «الوطني»، بينما سينصب التركيز على الأسواق التي يرى فيها فرصاً للنمو، والتي ستزيد الخدمات الرقمية من تعزيز حصته السوقية فيها ووصوله للقطاعات المستهدفة.

وذكر المرزوق أنه تم دمج الأجندة الرقمية في إستراتيجية البنك مع الالتزام بإنجازها، وأن ما يقوم به «الوطني» هو تغيير الثقافة والعقلية على مستوى المجموعة بأكملها، منوهاً إلى أن هذا التوجه يؤتي ثماره.

وقال إن توجهات الإستراتيجية تتمحور حول أن يصبح «الوطني» البنك الرائد رقمياً في الكويت وعلى مستوى المنطقة، وبناء تجربة مصرفية رقمية من الجيل الجديد، والعمل كبنك رقمي مع جميع الموظفين.

200 مليون دينار استثمارات مجتمعية

كشف المرزوق أن حجم الاستثمارات المجتمعية للبنك كنسبة من الأرباح قبل استقطاع الضرائب بلغت 4.3 في المئة عام 2021، ما يؤكد الحرص على مواصلة الالتزام بمسيرة الاستدامة، كجزء لا يتجزأ من تحسين أدائه، وتعزيز البصمة الإيجابية التي يتركها في المجتمعات التي يعمل بها.

وأضاف أن «الوطني» يعد أكبر مساهم بين مؤسسات القطاع الخاص الكويتي في تحقيق التنمية المجتمعية، إذ بلغت استثماراته خلال السنوات العشرين الماضية في مجال المسؤولية الاجتماعية 200 مليون دينار، مشيراً إلى أن الاستدامة أصبحت تشكل جزءاً لا يتجزأ من ثقافته، وأنه بدأ في 2021 العمل على إستراتيجية واسعة للمجموعة، تركز على دمج معايير «ESG» في عملية صنع القرار داخله، كما وضع إطاراً عاماً للتمويل المستدام.

وأوضح أن هذه الإستراتيجية تهدف إلى الحفاظ على مكانة ريادية في مجال الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، والتمويل المستدام على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، وتستهدف دعم الانتقال المستدام إلى اقتصاد منخفض الكربون، وترك بصمة إيجابية على الافراد وكل قطاعات المجتمع.

وأشار المرزوق إلى أن البنك عزز في الربع الثاني من العام التزامه بتمكين مستقبل أكثر استدامة، من خلال الإعلان عن أهداف لخفض الانبعاثات التشغيلية بنسبة 25 في المئة بحلول 2025، وتسريع الخطى الرامية إلى تحويل شبكة فروعه، لتكون صديقة للبيئة والاعتماد بشكل أكبر على الطاقة المتجددة لتقليص حجم الانبعاث الكربوني.

وأضاف «تشهد إنجازاتنا خلال عامي 2020/ 2021 في مجال الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، على جهد جماعي هائل لتسليط الضوء على القضايا البيئية والاجتماعية والمؤسسية ودمجها في صميم أنشطة البنك، بحيث تم انتخاب أول سيدة للانضمام لأعضاء مجلس الإدارة، كما بلغت نسبة الموظفات من الاناث في القوى العاملة نحو 45 في المئة، وواصلنا الالتزام بمبادئ تمكين المرأة التابعة للأمم المتحدة، إلى جانب بلوغ معدل توطين الوظائف 74.6 في المئة بنهاية 2021».

وتابع المرزوق أن البنك واصل رعاية برنامج «تمكن» لتدريب الخريجين، في حين بلغت نسبة مشترياته المحلية 71 في المئة، أي ما يوازي 84 في المئة من النفقات.

وقال إنه على صعيد حماية البيئة، فقد حصد البنك شهادة الفئة الذهبية للريادة في تطبيق أنظمة الطاقة وحماية البيئة «LEED Gold»، بينما أدرجته مؤسسة «Refinitiv» العالمية ضمن مكونات مؤشرها الانتقائي الجديد للشركات منخفضة انبعاثات الكربون في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.