مجرد رأي

التطرف السياسي

7 أغسطس 2022 10:00 م

بينما يحتدم الصراع في السياسة المحلية على خلفيّة حل مجلس الأمة وقبله تغيير رئيس الوزراء، بدا لافتاً أنّ البعض جنح أخيراً في خلافه السياسي إلى تبني خصومة غير معهودة تاريخياً في الكويت.

لم يقُل أحد أنه يعارض انتقاد المسؤولين لكن ذلك يتعين ألا يخرج بأي حال من الأحوال عن الإطار الطبيعي للخلاف السياسي، وما يمكن أن يتخلله من نقد مباح، لكن ما نشاهده الآن في الساحة الإعلامية من تراشق وتجاذبات سياسية يشكل أزمة أخلاقية وسياسية بكل معاني الكلمة.

ورغم أن التجربة السياسة آخر عشر سنوات أكدت أن وضعية السياسية المحلية وخصوصيتها تعد أحد أبرز اعتبارات تعطيل التنمية، أخذاً بالاعتبار أن الخلاف تحول أخيراً من أجل الكويت إلى غاية شخصية تحكمها أدوات مسمومة تنال من كرامة وحقوق الطرف المقابل.

وحكماً يقود هذا المناخ مستقبل الكويت لمزيد من التخريب، وحفر مزيد من الفجوات التي تتسع يومياً لتهدم معها جسور التوافق والتعاضد المطلوب تشييدها على وجه السرعة من أجل عبور المرحلة الأكثر تأزماً وانشقاقاً في تاريخ الكويت.

ومن المفيد هنا استحضار كلمة سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد، التي ألقاها نيابة عن سمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد، حيث أعلن فيها حلّ مجلس الأمة حلاً دستورياً، حيث قال «رأينا أن الخروج من المشهد السياسي الحالي بكل ما فيه من عدم توافق وعدم تعاون، واختلافات وصراعات، وتغليب المصالح الشخصية وعدم قبول البعض للبعض الآخر، وممارسات وتصرفات تهدد الوحدة الوطنية (...) فقد قررنا اللجوء إلى الشعب باعتباره المصير والامتداد والبقاء والوجود ليقوم بنفسه بإعادة تصحيح مسار المشهد السياسي من جديد بالشكل الذي يحقق مصالحه العليا».

ومصالح الشعب العليا تتطلب التنزه عن لغة الحوار الهابطة التي بدأ يستخدمها البعض في استقطاب المؤيدين التي تغذيهم الكلمات المتطرفة أكثر بدلاً من الاعتماد على الكلمات الثائرة التي تستهدف ترسيم حدود المستقبل ببرامج واعدة تصنع الذاكرة بإنجازات وليس بانحرافات دخيلة على مسار السياسة المحلية.

الخلاصة:

القيادة الحقيقية لتمكين الكويت سياسياً واقتصادياً واجتماعياً تحتاج لأن يقوم الشعب بنفسه ليقول كلمة الفصل في عملية تصحيح مسار المشهد السياسي من جديد باختيار من يمثله الاختيار الصحيح والذي يعكس صدى تطلعات وآمال هذا الشعب.

ولذلك يتعين على الشعب أن يتفادى طريق التطرف واللجوء إلى الحكماء الذين يستهدفون تنمية وطن يتسع للجميع، خالٍ من العمل بقاعدة الفرقة الناجية والأخرى الضالة، فالكويت تحتاج من جميع أبنائها جولة فكر والتركيز عملياً على من يملك كاريزما رجل الدولة الذي يستطيع أن يصنع وعياً عنوانه العريض تقديم مصلحة ديرته عن مصلحته الشخصية.