ذكرى الغزو تعيد للأذهان بطولات المواطنين وتضحيات المقاومين

الخميس الأسود... حكاية صمود كويتية

31 يوليو 2022 10:00 م

مع حلول الذكرى الـ 32 للغزو العراقي للكويت، التي تصادف غداً في الثاني من أغسطس الجاري، يستذكر الكويتيون صفحات البطولة والفخر والصمود عندما وقفوا صفاً واحداً في وجه العدوان الآثم.

تضحيات كتبها رجالات الكويت بدمائهم ليسطروا بذلك واحداً من أروع دروس التاريخ المليئة بحب الأوطان والذود عنها والدفاع عن ترابها والتمسك بقيادتها الشرعية، مخلفين وراءهم حكايا وأسراراً لا تنتهي عن أبطال المقاومة رجالاً ونساءً.

وما إن مرت ساعات قليلة على العدوان الغاشم الذي طعن الكويت في قلبها، حتى تشكّلت جيوب المقاومة الباسلة موزعة على مناطق مختلفة في أنحاء البلاد، كان من أبرزها مناطق كيفان والرميثية والروضة وبيان والأندلس، فيما تفنن أبطال المقاومة في استخدام كل الوسائل المتاحة ليذيقوا المحتل ويلات لم يكن يتوقعها من مقاومة شعبية غير مُدرّبة عسكرياً.

وفي موازاة مع ملحمة الصمود الداخلية، كان ثمة ملحمة أخرى تدور رحاها خارج الكويت لإيصال صوت الحق للعالم أجمع، لتقول للدنيا كلها «هنا الكويت الحرة العربية الإسلامية»، «هنا الكويت المسالمة التي ترفض التعدي ولا تقبل أن يعتدي عليها أحد».

ولعبت الديبلوماسية دوراً حاسماً في إيصال الصوت الكويتي للمجتمع الدولي، بينما كان الأشقاء العرب والدول الإسلامية والدول الصديقة لا تألو جهداً في السير قدماً في طريق إرجاع الحق لأهله، وعودة الحكومة الشرعية لتراب الوطن.

ساعات الغدر الأولى

لم يكن اختيار يوم الخميس الثاني من أغسطس عشوائياً، فقد كان يوم عطلة ما يسهل الأمر على القوات الغازية، وفي الساعة الخامسة فجراً قام العراقيون بقصف المطار الدولي وأصابوا طائرة بريطانية وأخذوا ركابها أسرى، وتوالت بعدها الهجمات الجوية والبرية.

وأبلت القوات الكويتية بلاء حسناً وفق الإمكانات المتاحة في ذلك الوقت.

في الساعة 11 مساء يوم 2 أغسطس، جاءت الأوامر للقوات الكويتية بالانسحاب والانضمام إلى رجال المقاومة كل في منطقته التي يسكن فيها، وبعدها بدأ الضباط وضباط الصف والأفراد والمدنيون في تشكيل خلايا مقاومة متعاهدين على العمل في الخفاء للدفاع عن أرض الوطن.

بدأت عملية تجميع السلاح من معسكرات الجيش التي دخلتها القوات العراقية وخرجت منها.

وكان هناك دور بارز في هذا الصدد الضابط المصري المتقاعد الذي كان يعمل مدرباً بمعهد الدفاع الجوي صلاح الدين عبدالفضيل، وفقاً لما رواه آمر مركز العمليات في القوة الجوية خلال فترة الاحتلال العميد الركن متقاعد صالح إسحاق سليمان الصالح في تصريحات صحافية.

«تي ان تي»... خدمة التوصيل للمنازل

تعددت أشكال المقاومة الكويتية، وتفنن الكويتيون في فنون المقاومة حيث قاموا بابتكارات جديدة لم تخطر في بال أحد، من بينها استغلال خدمة توصيل الأطعمة والمشروبات للمنازل في نقل متفجرات «تي ان تي».

وتطورت طبيعة المقاومة حيث انتقلت إلى استخدام أسلحة أخرى استطاعت المقاومة الاستيلاء عليها من مخازن وزارة الدفاع الكويتية في الأيام الأولى للاحتلال، وحصلت من هذه المخازن على متفجرات «سي ـ 4» و«تي ان تي» والصواعق وصواريخ «سام 7».

وتزامناً مع ذلك، بدأت خلايا للمقاومة تتمركز في منازل المواطنين في مناطق الجهراء وبيان والأندلس والرميثية، ثم انتشرت في جميع مناطق الكويت حتى وصلت أعداد الأفراد الذين يقومون بتنفيذ هذه العمليات قبيل التحرير إلى نحو 2000 فرد.

كيفان... أيقونة المقاومة

تشكّلت المقاومة الشعبية الكويتية بعد دخول القوات العراقية الكويت بساعات، حيث تداعى أبطال الشعب الكويتي لخوض معارك شرسة تحولت في ما بعد لمقاومة سرية، بعد أن سقطت منطقة كيفان التي صمدت لسبعة أيام أمام الجيش العراقي الغازي الذي لم يستطع اقتحامها طوال تلك الفترة.

وبعد ذلك، تمت محاصرة جميع المناطق التي تركزت فيها المقاومة الكويتية، لتقوم خلايا المقاومة بتكوين خلايا سرية، بغرض التأثير على الجيش العراقي وتوجيه ضربات موجعة له، والحد من الضرر الذي يلحقه بالشعب الكويتي، وبث الذعر والرعب في نفوس الجنود والضباط العراقيين ورفع معنويات الشعب الكويتي وحمايته، وتوجيه رسالة للخارج أن الشعب الكويتي يرفض الاحتلال العراقي ويقاوم وجوده فيها، ويقاتل من أجل حريته.

بيت القرين... شاهد على البطولة

وقعت معركة «بيت القرين» في 24 فبراير 1991 وخاضها شباب المقاومة الكويتية ضد الاحتلال العراقي، حيث قادها 19 شاباً كويتياً ينتمون إلى مجموعة المسيلة المقاومة ليعزفوا ملحمة وطنية ذهب ضحيتها 12 شهيداً وكتب الله النجاة لسبعة، في حين وقف القدر حائلا بين بقية أفراد المجموعة والمشاركة مع رفقاء دربهم إما بسبب وقوع بعضهم في الأسر وإما نتيجة لانقطاع سبل المواصلات والاتصال بهم.

كما قامت مجموعة من 31 شاباً من إحدى مجموعات المقاومة بتسمية نفسها بمجموعة المسيلة (قوة الكويت)، وقاومت العدوان بكل الطرق والوسائل إضافة الى جمع السلاح، فكان يتم ذلك إما من القواعد العسكرية وغيرها أو عن طريق شراء السلاح من أفراد الجيش العراقي نفسه الذي كان على استعداد لبيع سلاحه بأبخس الأثمان مقابل الحصول على الزاد والماء.

واستمرت تضحيات المقاومة، حتى الرابع والعشرين من فبراير حين أعلن بدء الهجوم البري حيث طغى الفرح على نفوسهم، إذ انطلقت «المسيرة الخالدة» لأبطال بيت القرين في الساعة الثامنة من صباح ذلك اليوم، عندما طلب القائد من أفراد مجموعته لبس الزي الخاص بهم الذي أعده بنفسه وهو عبارة عن قميص أبيض اللون نقش عليه اسم المجموعة وشعارها.

وفي غمرة تجهيزهم للسلاح وصلت سيارة استخبارات عراقية كانت تجوب المنطقة بحثاً عن الشباب الكويتي يتبعها باص صغير به عدد من الجنود العراقيين المدججين بالسلاح ووقفت أمام منزل القيادة.

وترجل أحد الضباط العراقيين من السيارة متوجهاً نحو المنزل وبدأ بالطرق على الباب فلم يستجب له أحد، وكعادتهم في هذه المواقف أمر الضابط أحد الجنود بالقفز من فوق سور البيت واقتحامه لتتسنى لهم سرقة محتوياته.

كان قائد المجموعة وبصحبته أحد أفرادها يراقب الموقف من خلال النافذة المواجهة للشارع فأدرك القائد بأن الموقف بلغ نقطة حرجة ولابد من التصرف، فإما الخضوع للقوات العراقية والاستسلام للأسر فالإعدام المؤكد وإما الدفاع عن النفس والوطن فكان القرار الذي اتخذ هو الشهادة على أرض الوطن في ظل العلم الأبي.

بادر القائد الى إطلاق النار على الجندي العراقي ولكن لسوء الحظ فقد تعطل السلاح بيده ليبادر زميله الواقف الى جانبه بإطلاق النار، فكانت البداية لملحمة الصمود والتحدي التي أصيب على إثرها الضابط الواقف بجانب السيارة في حين لاذ بقية أفراد القوات الغازية بالفرار، حتى وصلت جحافل الغزاة من كل حدب وصوب مدججين بالسلاح فحاصروا المنزل من جميع الجهات، فأمر قائد المجموعة أفراد مجموعته بعدم التمركز في مكان واحد والتوزع على جميع أنحاء المنزل وفي المنازل المجاورة لتفريق قوة العدو.

استمرت المعركة بين الطرفين حتى الساعة السادسة من مساء اليوم نفسه، حيث استخدم الطغاة كل ما لديهم من أسلحة ثقيلة... مقابل كل ذلك كان الشباب الكويتيون مجهزين بالسلاح الذاتي فقط، وهو سلاح خفيف مقارنة بتجهيزات العدو الضخمة.

ومع فارق العتاد، أبلى الشباب الكويتيون بلاء حسناً في المعركة التي انتهت باستشهاد ثلاثة من أبناء الكويت في الحال وأسر تسعة من افراد المجموعة والذين تم العثور على جثثهم في ما بعد ملقاة في مكان آخر، بعد أن كان جلاوزة الجيش الغازي قد أذاقوهم التعذيب.

وكتب الله النجاة لسبعة من أفراد المجموعة حيث تمكن اثنان من الناجين من الخروج في الساعات الأولى من المعركة إلى المنازل المجاورة.

أما الخمسة الباقون فقد استمروا في المعركة حتى نهايتها بعد أن فشلت القوات العراقية في العثور عليهم وسط الأنقاض والظلام الدامس، نتيجة لانقطاع التيار الكهربائي، فقد نجى الله هؤلاء ليرووا لنا أحداث ملحمة القرين ويسطروها في سجل الخلود.

الشيخ جابر... رأس الشرعية

مثل سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد رأس الشرعية، فقام بإصدار أمر أميري يقضي بأن تنعقد الحكومة بصفة موقتة في السعودية، وأن يتولى الوزراء مباشرة أعمالهم.

وقاد الأمير الراحل الجهود الكويتية من أراضي المملكة العربية السعودية باقتدار لاستعادة الحق الكويتي.

واستطاع من خلالها توثيق وتعزيز علاقات الكويت بالأمم المتحدة وجميع مؤسساتها ودولها الأعضاء.

الشيخ سعد... بطل التحرير

لعبت التحركات السياسية التي قام بها سمو الأمير الراحل الوالد الشيخ سعد العبدالله في مختلف الاتجاهات، دوراً بارزاً في التحرير وتطبيق قرارات مجلس الأمن، فقد قام بزيارة عدد من الدول من بينها سورية وتركيا والمغرب والجزائر وتونس وليبيا.

وقال في مؤتمر صحافي في ليبيا، آنذاك، إن «أبناء الكويت رفضوا ويرفضون وجود القوات الغازية في بلادهم، ولم ولن يتعاونوا بشكل مباشر أو غير مباشر مع هذه القوات، وأصروا جميعاً على الدفاع عن كيانهم وأرضهم، وسيستمرون في النضال والكفاح حتى طرد آخر جندي عراقي من الكويت».

وأضاف ان «عمليات المقاومة ستتصاعد قريباً من أجل تحرير الأراضي الكويتية من الغزاة، وكل الاتفاقيات الدولية تعطينا الحق في الدفاع عن أنفسنا ومواطنينا وبلدنا».

الشيخ صباح... قائد الديبلوماسية

لعب سمو أمير البلاد الراحل الشيخ صباح الأحمد دوراً حيوياً في كسب تعاطف المجتمع الدولي مع الكويت، حيث نجح في حشد التأييد الديبلوماسي العربي والدولي لمصلحة دعم ومساندة الشرعية الكويتية، وذلك بفضل خبرته الديبلوماسية الطويلة التي تشكلت منذ لحظة توليه حقيبة وزارة الخارجية العام 1963.

الملك فهد... وحدة مصير الكويت والسعودية

ألقى خادم الحرمين الشريفين الراحل المغفور له الملك فهد بن عبدالعزيز سبعة خطابات للشعب السعودي، علاوة على الكلمات الصحافية خلال ترؤسه جلسات مجلس الوزراء أو في مناسبات مختلفة، وكان آخرها قبل إعلان لحظة النصر، وبدء عملية «عاصفة الصحراء».

وشدد على أن «علاقة الكويت والمملكة العربية السعودية هي علاقة المصير الواحد القائم إلى الأبد»، قائلاً ان «كل ما يمس كرامة الكويت يمس كرامة المملكة». ولفت إلى أن «خيار المملكة الوقوف ضد العدوان العراقي ومناصرة الحق الكويتي كان خيار: إما الحياة والعيش مع الكويت وإلا الموت والفناء لكلينا».

مؤتمر جدة... تجديد البيعة

في الرابع عشر من أكتوبر من العام 1990، كان العالم على موعد مع ملحمة شعبية كويتية، حيث قامت مجموعة من رجالات الكويت بعقد المؤتمر الشعبي الكويتي في جدة بالمملكة العربية السعودية، وإعلان البيعة لأسرة آل الصباح، والتأكيد على أن ما قاله رئيس النظام العراقي هو كذب وافتراء، وأن الشعب الكويتي ملتف حول قيادته السياسية.

وكان الهدف من عقد المؤتمر، دحض إشاعات رئيس النظام العراقي بأن الكويت فيها خلاف كبير مع القيادة السياسية، خاصة أن البرلمان حينها كان معطلاً، والدستور معلقاً، ليصدر بعدها بيان للعالم أجمع بأن الشعب الكويتي متوافق مع قيادته الشرعية.

المجتمع الدولي لبّى نداء الحق

عقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة بناء على رغبة العديد من الدول في الثالث من أغسطس العام 1990، وفي نهايتها صدر القرار رقم 660 الذي دان الغزو العراقي للكويت داعياً إلى انسحاب العراق فوراً ومن دون قيد أو شرط من الأراضي الكويتية وعودة الشرعية إلى الكويت.

وأعلنت الدول الكبرى، ومن بينها الولايات المتحدة، تنديدها بالغزو، مطالبة العراق بسحب قواته فوراً من الكويت. وأصدرت الدورة التاسعة عشرة لوزراء خارجية الدول الإسلامية خلال انعقادها بالقاهرة بياناً طالبت فيه بانسحاب القوات العراقية من الأراضي الكويتية، في حين أجمع سفراء مجموعة دول عدم الانحياز خلال اجتماعهم في نيويورك على إدانة الغزو ومطالبة العراق بالانسحاب الفوري.

وتقدمت الولايات المتحدة بمشروع قرار جديد إلى مجلس الأمن يقضي بفرض عقوبات اقتصادية وعسكرية شاملة ضد العراق لإجباره على الانسحاب من الكويت من دون قيد أو شروط، تطبيقاً لقرار مجلس الأمن الذي صدر عقب ساعات من الغزو.

ووافق مجلس الأمن الدولي على مشروع القرار الذي تقدمت به الولايات المتحدة بعد تعديله وإضافة بعض البنود عليه، ليصدر قراره رقم 661 في السادس من أغسطس، وهو الثاني بعد الغزو، حيث أكد تصميم المجلس على إنهاء احتلال الكويت وإعادة سيادتها وسلامتها.

وجرت اتصالات بين مختلف العواصم العالمية لحشد تحالف دولي، بعدما أصدر مجلس الأمن الدولي قراراً ثالثاً في شأن احتلال الكويت هو القرار 662 الذي أكدت فيه الأمم المتحدة رفضها القاطع لقرار العراق بضم الكويت، واعتبرته باطلاً وملغى.

وطالب القرار جميع الدول والمنظمات الدولية والوكالات المتخصصة بعدم الاعتراف بذلك الضم.

وفي وقت بدأت فيه طلائع قوات عربية ودولية في الوصول إلى الأراضي السعودية لتشكل التحالف الدولي لتحرير الكويت، أصدر مجلس الأمن الدولي قراره الرابع الخاص بالغزو العراقي وحمل الرقم 664، مجدداً تأكيده على بطلان ضم الكويت إلى العراق، ثم أصدر مجلس الأمن الدولي القرار رقم 674 ضد العراق، واتفقت الدول الخمس الكبرى على صيغة مشروع قرار يسمح باستخدام القوة العسكرية ضد العراق، إذا لم ينسحب من الكويت.

وفي نهاية نوفمبر 1990 أصدر مجلس الأمن قرارات عدة، أولها القرار رقم 677 الذي حذر العراق من مغبة محاولاته الرامية إلى طمس هوية الكويت وتوطين عراقيين محل المواطنين الكويتيين، وأكد أهمية الاحتفاظ بالنسخ المهربة من سجل السكان في الكويت.

إغلاق ملف التعويضات

أعلنت وزارة المالية العراقية في ديسمبر من العام الماضي أنها قد سددت الدفعة النهائية للتعويضات عن غزو العراق للكويت بتسديدها آخر دفعة والتي بلغت 44 مليون دولار، ليكون العراق قد دفع جميع الالتزامات المفروضة عليه من قبل مجلس الأمن.

وقام العراق بتسديد مدفوعاته من خلال لجنة الأمم المتحدة للتعويضات، التي أنشأها مجلس الأمن في العام 1991 للفصل في دعاوى التعويض عن غزو عام 1990 ودفعها.

ومكنت قرارات مجلس الأمن اللجنة من أخذ 5 في المئة من عائدات النفط العراقي لدفع المطالبات المقدمة من الحكومات والشركات والمواطنين العاديين. وقام العراق، على مدى ثلاثة عقود، بدفع 52.4 مليار دولار كتعويض لأكثر من 1.5 مليون مُطالِب.

قالوا عن الغزو

جورج بوش: هدفنا تحرير الكويت وعودة حكومتها الشرعية

في الثامن من أغسطس، وجه الرئيس الأميركي جورج بوش الأب كلمة إلى الأميركيين عبر الإذاعة والتلفزيون قال فيها إن «طلائع القوات الأميركية وصلت إلى السعودية ضمن عملية (درع الصحراء)»، مشيراً إلى أن «خمساً وثلاثين دولة قد انضمت لتحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة لدحر العدوان». وبعد ذلك بساعات قليلة وافق مجلس الأمن الدولي على مشروع قرار يتيح استخدام القوة لفرض الحصار على العراق.

وفي الرابع عشر من نوفمبر، اجتمع بوش مع زعماء الحزبين في مجلسي الشيوخ والنواب تمهيداً للحصول على تفويض من الكونغرس يتيح له شن الحرب، فجوبه بمعارضة قوية وقيل له: اعط المقاطعة فرصة.. اعط الحصار الاقتصادي فرصة.. اعط مختلف أنواع العقوبات فرصة قبل الذهاب إلى الحرب.

وفي الحادي عشر من يناير، رأى الرئيس الاميركي أن الوقت مناسب لطلب تفويض من الكونغرس، ففعل وحصل على ما أراد في اليوم التالي.

أعلن الرئيس بوش، في خطابه، بعد ساعتَين من بدء العمليات العسكرية، مساء 16 يناير 1991 أن الهدف، هو «تدمير قدرات العراق النووية والكيماوية ومدفعيته، وتحرير الكويت، وعودة حكومتها الشرعية. وقال إن الجهد الديبلوماسي قد فشل. وإن الحصار الاقتصادي لم ينجح. وإن الخيار الوحيد، صار إخراج صدام حسين بالقوة. وأن الأمل، أن يقنع الشعب العراقي صدام حسين بإلقاء السلاح، ومغادرة الكويت».

تاتشر: لا وقت للتردد

قالت رئيسة وزراء بريطانيا الراحلة مارغريت تاتشر «تذكر يا جورج بوش انه لا وقت للتردد»، ثم أردفت بالقول «إن لم تتخذوا أيها العالم قراركم بإعادة الكويت فنحن سنتصدى لذلك»، معربة عن تأييدها التام لتأسيس تحالف دولي لطرد الاحتلال من الكويت.

حسني مبارك: الصورة كانت سوداء مخيفة

وصف الرئيس المصري الراحل حسني مبارك المشهد بعد أيام من الغزو العراقي خلال دعوته لعقد قمة عربية طارئة في غضون 24 ساعة، لإيجاد حل سريع «في الإطار العربي»، بالقول «الصورة كانت سوداء ومخيفة، وفي حال عدم تدارك الموقف ستصبح الأمة العربية جثة هامدة ومن دون كيان».

بوسافليوك: النظام العراقي أخطأ في قراءة التطورات

وفق رواية نائب وزير الخارجية الروسي الأسبق، وسفير الاتحاد السوفياتي في بغداد وقت الحرب، فيكتور بوسافليوك، في مذكراته، فإن «النظام العراقي أخطأ في قراءة التطورات على الساحة الدوليَّة، وكان أول هذه الأخطاء ظنّه أن الاتحاد السوفياتي سيقدّم له الدعم، وأن العالم سيلوذ بالصمت إزاء جريمته».

وحسب بوسافليوك، فإن غزو الكويت «أحدث انقساماً في العالم العربي، ستستمر تبعاته فترة طويلة»، مشيراً إلى أنه «عقد آمالاً كبيرة على حلّ عربي للأزمة»، مستغرباً «فشل المحاولات التي بُذِلت من أجل ذلك