مغازلة مستلمي منحة الـ 3 آلاف بالهدايا والخصومات

حرب استقطابات استهلاكية: أريد متقاعداً

20 يونيو 2022 10:00 م

- سحوبات «الكاش» نمت من 16 إلى 25 مليون دينار في يوم
- أعداد عمليات السحب ارتفعت من 160 ألفاً إلى 210 آلاف
- زيادة ملموسة بمبيعات نقاط البيع منذ أول من أمس
- شركات ذهب وشاليهات طرحت عروضاً خاصة باسم المتقاعدين
- المنحة تعيد للأذهان تجربة «كورونا» حيث توسّع الإنفاق بمجرد رفع القيود
- فائض المدخرات وميزانيات الأسر والمنح ترفع منسوب الصرف الاستهلاكي

«هدية لأهلنا المتقاعدين: على كل فاتورة شراء بقيمة 500 دينار تحصلون على هدية سوار ذهب ناعم عيار 21... تستاهلون أهلنا المتقاعدين».

هذه الرسالة وغيرها الكثير بات مرورها ملحوظاً وبكثافة منذ أول من أمس، تزامناً مع تسلم نحو 213 ألف متقاعد ومستفيد الرسالة المصرفية المنعشة للسيولة، والتي تفيد بأن منحة الـ3 آلاف دينار باتت في حساباتهم.

وحتى قبل وصول هذه الرسالة انهالت على مستحقي المنحة عروض المغازلة تارة بهدايا، وأخرى بنسب خصم خاصة شرط الحجز أو الشراء، ومن هنا تبدأ القصة.

حسابات المستفيدين

وفقاً لجميع المؤشرات يرجح ارتفاع إجمالي إنفاق الأسر في الكويت خلال الفترة الحالية بمعدلات ملموسة، وذلك بدعم من المنحة المالية التي أُقرّت أخيراً بقانون، وأودعتها المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية في حسابات المستفيدين أول من أمس.

وتشير أحدث البيانات التقريبية التي حصلت «الراي» عليها، إلى ارتفاع مستويات عمليات «الكاش» منذ إيداع المنحة المالية في حسابات المتقاعدين، من نحو 160 ألف عملية يومياً بجميع البنوك إلى نحو 210 آلاف، أي بنمو يتجاوز 30 في المئة، فيما ارتفعت مبالغ «الكاش» المسحوبة من أجهزة الصراف الآلي من 16 إلى 25 مليون دينار أمس، أي بزيادة تقارب 64 في المئة مقارنة باليوم المقابل من السنة الماضية، وكذلك مقارنة بمعدلات الأيام السابقة لإيداع المنحة المالية.

وتلفت البيانات نفسها إلى تسجيل نقاط البيع بالتجزئة ارتفاعاً ملموساً أيضاً في مستويات السحوبات المنفّذة عبر هذه الأجهزة، لكن بمعدلات أقل من «الكاش»، فيما يرجح استمرار الصرف السخي خلال الفترة القريبة المقبلة، حيث درجت العادة محلياً أن يسهم كل فائض بالمدخرات وبميزانيات الأسر ومع المنح برفع منسوب المشتريات والصرف الاستهلاكي عموماً.

تجربة محلية

ولعل ما يعزز التوقعات بنمو الإنفاق حتى نهاية العام، التجربة التي مر بها السوق المحلي بعد تحسن الوضع الوبائي في البلاد، وانتهاء فترة الحظر التي فرضت في بداية جائحة كورونا، حيث لوحظ بمجرد رفع القيود، تنامي وتيرة مشتريات التجزئة بمعدلات كبيرة، مدفوعة بالأموال التي تم ادخارها في فترة الحظر والتي كوّنت حسب تقديرات بعض الدراسات فوائض تعادل راتب شهرين عند الأغلبية، علماً أن هذه الميزانية تنفق عادة على السفر والمشتريات والمطاعم.

وما يزيد أهمية منحة المتقاعدين قيمتها الإجمالية التي تصل لنحو 640 مليون دينار، والتي يرتقب أن تفتح للسوق الاستهلاكي عموماً نافذة إضافية، في حائط أوسع، من النزعة الاستهلاكية الموجودة محلياً، حيث الرهان على أن تزيد المنحة المالية من شهية المتقاعدين وأهاليهم ومن قدرتهم على الشراء والتسوق والسفر وغيرها من أوجه الصرف التي لا يبخل عليها المواطن عادة.

وعدّلت وكالة فيتش سوليوشنز أخيراً توقعاتها لنمو الإنفاق الحقيقي للأسر في الكويت خلال العام الجاري بالزيادة من 5.7 إلى 6.2 في المئة، ليبلغ 11.8 مليار دينار مقارنة بـ10.7 مليار في 2021.

نمو الإنفاق

وتستند التوقعات المتفائلة بخصوص نمو إنفاق الأسر حتى نهاية العام على أكثر من سبب، وتأتي المنحة المالية المقرّة للمتقاعدين على رأس قائمة المحفزات لذلك، حيث لوحظ منذ أول من أمس اتساع نطاق الاستقطابات الاستهلاكية، بين أصحاب الشاليهات المعروضة للتأجير ومحلات الذهب والساعات وغيرها من مبيعات التجزئة التي انتهز أصحابها فرصة إيداع المنحة في حسابات المتقاعدين، بتقديم «باكجات» خاصة تحمل اسمهم، أملاً في سحب الـ3 آلاف دينار من حساباتهم، أو أقله الاستحواذ على حصة من صرفهم.

وما يذكي هذه التوقعات عموماً مواصلة المؤشرات الاقتصادية في البلاد تحسنها، مدعومة بالدرجة الأولى بالمستويات القياسية المسجلة منذ فترة لأسعار النفط، وترجيح نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للبلاد بـ6.7 في المئة في 2022، و3.1 في المئة العام المقبل.

وعملياً تغذي هكذا مؤشرات إيجابية التوقعات الخاصة بالأجور والتوظيف والمنح المستقبلية، ومن ثم انتعاش الإنفاق الاستهلاكي والتخفيف من سرعة الانكماش الاقتصادي الذي يضرب العديد من الأسواق الأخرى، منذ انطلاق الحرب الروسية-الأوكرانية، وتباطؤ سلاسل التوريدات العالمية التي أثرت على أسعار الشحن ومواعيده للعديد من السلع الرئيسية.