المركز أكد أن العالم يواجه تحديات معقّدة ومؤثرة على أداء اقتصاده

«CFP»: يتعيّن على الكويت تبني إستراتيجيات تضمن تنويع الدخل والتأقلم مع مستقبل مضطرب

11 يونيو 2022 10:00 م

- 2.4 مليون برميل يومياً معدل إنتاج النفط الكويتي في 2021 و2022

أوضح مركز استشراف المستقبل للاستشارات والدراسات «CFP»، أن العام 2021 شهد نجاحات ملحوظة لتحالف منتجي النفط بقيادة «أوبك» والدول المستقلة في التعامل مع وضع السوق النفطية، إذ استكمل التحالف إجراءاته في تحقيق التوازن وسحب الفائض النفطي بصورة متكاملة، وساهم في تعافي أسعار النفط وارتفاعها إلى مستويات عكست تحسّناً كبيراً في أساسيات السوق وخفض مستويات المخزون النفطي في العالم بما يحقق التوازن على أرض الواقع.

وشدّد المركز على ضرورة تبني الكويت إستراتيجيات تضمن تنويع مصادر اقتصادية غير نفطية للدخل، تضمن التأقلم مع المستقبل الجديد الذي يتسم بأنه مضطرب، من أجل تعزيز الأمن الإستراتيجي، والاستثمار في الطاقات المتجددة والتوسع بها لتعزيز أمن الطاقة محلياً وللمحافظة على التوجهات الدولية للمحافظة على البيئة ومحاربة التلوث بأشكاله المختلفة، والعمل الجاد في التوسع في التكامل الاقتصادي في منظومة مجلس التعاون، وتشجيع الاستثمار الأجنبي في الكويت وفق ضوابط مدروسة تحقق الأهداف التنموية والمصالح المشتركة التي تعزز الأمن الاقتصادي والأمني.

ولفت المركز في تقريره النفطي، إلى أن العالم يواجه عدداً من التحديات المعقدة المؤثرة على أداء الاقتصاد العالمي خلال العام الجاري، والتي قد تؤدي إلى تراجعه وانحساره، لا سيما مع تعديل توقعات أدائه بشكل ملحوظ، وهي في مجملها نتاج الحرب في أوكرانيا وتبعاتها الجيوسياسية والعقوبات الدولية المفروضة على روسيا، موضحاً أن أبرز هذه التحديات تشمل ارتفاعاً غير مسبوق في أسعار الطاقة وعموم السلع والأغذية، وتأثر المعروض في الأسواق وعدم وجود قدرات إنتاجية فائضة لسد النقص المتوقع، والقيود المالية التي تؤثر على أداء البورصات والأوضاع المالية نتيجة المستجدات الجيوسياسية.

ولفت إلى مخاطر قطع في الإمدادات خصوصاً عن أوروبا كونها تعتمد على الصادرات من روسيا دون وجود بدائل آنية، بحيث تسعى حثيثاً إلى سياسات لصالح تغيير خليط الطاقة بوتيرة متسارعة من دون توازن في الطرح، وتبني سياسات تستهدف الاستغناء عن الاعتماد على روسيا من خلال فرض عقوبات تخفض الصادرات الروسية بنحو مليوني برميل يومياً خلال الأشهر الستة المتبقية من العام الجاري، والبحث عن مصادر أخرى رغم صعوبة ذلك وعدم اتفاق بعض الدول داخل الاتحاد الأوروبي على هذا التوجه.

وكشف التقرير عن تحديات تتعلق بحالة الضبابية وتأثيرات ذلك على مؤشر الثقة والاستثمار وأنماط الاستهلاك، واستمرار تبني سياسة رفع الفائدة من قبل البنك الفيديرالي الأميركي، وتأثيرات التضخم وارتفاع حجم الديون في العالم، وتبعات ارتفاع إصابات فيروس كورونا في الصين من خلال فرض قيود وعزل وحجر على أداء الاقتصاد والطلب في الصين، وإن كان هناك انفراجة ورفع تدريجي في قيود العزل والذي قد يكون له الأثر الإيجابي في تعافي معدل الطلب على النفط في الصين خصوصا وآسيا عموماً.

وأفاد عن ارتفاع هوامش أرباح المصافي بشكل ملحوظ مستفيدة من نقص الاستثمار في طاقة التكرير، وخفض صادرات روسيا من المنتجات البترولية بفعل العقوبات، والذي ساعد في خفض تشغيل المصافي في الدولة، دخول عدد من المصافي الأخرى العالم برامج الصيانة، وخفض المخزون من المنتجات البترولية مقابل الطلب عليها، مبيناً أنه مع عودة المصافي للعمل مع نهاية فترة أعمال الصيانة فقد يشهد العالم تحسناً في هوامش أرباح المصافي رغم استمرار قوته.

وذكر التقرير أن معدل إنتاج النفط الكويتي بلغ 2.4 مليون برميل يومياً في 2021 و2022 متجاوزاً معدل الإنتاج في 2020 و2021 بنحو 100 ألف برميل يومياً، بالرغم من أن الإنتاج في شهر أبريل 2020 فاق 3 ملايين برميل يومياً، نتيجة لاتفاق تحالف «أوبك بلس» الذي قرر سحب نحو من 10 ملايين برميل يومياً من أسواق النفط التي عانت من فائض كبير بسبب جائحة كورونا آنذاك، وأسهمت في تراجع كبير في معدلات الطلب العالمي على النفط وأسعاره، مشيراً إلى أن اتفاق «أوبك بلس» حقق استعادة استقرار الأسواق وتوازنها وتعافي الأسعار ليتزامن وأهداف مساندة تعافي الاقتصاد العالمي.

ارتفاع النفط

ويأتي ذلك في وقت تشير التوقعات إلى أن الإنتاج سيواصل الارتفاع إذا ما استمرت «أوبك بلس» في إستراتيجيتها الحالية التي بدأتها منذ شهر أغسطس 2021، وأثبتت فاعليتها في أمن المعروض في النفطي في الأسواق، خصوصاً في ظل مستجدات السوق الجيوسياسية والصراع الروسي - الأوكراني، الذي يمثل تحدياً جدياً أمام الأسواق.

وتابع التقرير أن تحالف «أوبك بلس» فاجأ توقعات أسواق النفط برفع مستوى الإنتاج لشهري يوليو وأغسطس المقبلين بنحو 648 ألف برميل يومياً، ما برهن على سرعة استجابة المنتجين لتطورات السوق ومحاولة طمأنتها واستقرار الأسعار، إلا أن ذلك لم يغير مسار الارتفاع لارتباطه بعوامل خارج تأثير التحالف كما هم معلوم.

استعادة الاستقرار

أوضح تقرير «CFP» أنه رغم التزام تحالف منتجي النفط بإعلانهم عن اتفاق التعاون الهادف إلى استعادة الاستقرار في الأسواق وطمأنتها، إلا أن القفزات في الأسعار وحالة التذبذب والتقلب بها كان مصدرها عوامل من أبرزها التطورات الجيوسياسية ومنها الحرب الروسية-الأوكرانية، وتناقص الطاقة الإنتاجية غير المستغلة التي تعتبر صمام أمان للأسواق، وتحول تمويل البنوك والاستثمار من الوقود الأحفوري خصوصاً النفط تحت شعار التحول إلى خليط الطاقة يكون فيها المصدر الرئيسي للطاقات المتجددة بطريقة غير مدروسة.

وكشف عن تناقص الاستثمار في قطاع التنقيب والإنتاج وقطاع التكرير الذي ساعد في رفع هامش أرباح المصافي إلى مستويات غبر مسبوقة تاريخياً، ومعاناة الكثير من الدول التي تعتمد على الشركات العالمية النفطية والاقتراض من البنوك خصوصاً في أفريقياً، من استراتيجيات هذه الشركات والبنوك في عدم الاستثمار في الاستكشاف والتنقيب والإنتاج، ما يحمل في طياته استمرار مخاطر التحديات أمام أسواق النفط التقليدي.

وتابع أن هناك عدداً من العوامل التي ستظل تؤثر في الأسواق وترتكز على السياسات الحمائية التي تنتهجها العديد من الدول في التجارة الدولية، وانعكاسها على أداء الاقتصاد العالمي والأسواق المالية، إلى جانب ضعف قدرة إيران على زيادة إنتاجها مع إطالة أمد التوصل لتوافق دولي قريب، واستمرار الحظر وإمكانية مخاطر المواجهة مع القوى الدولية، والتي تحد من آفاق مستقبل تعاون تحالف المنتجين في التعامل مع الأسواق.

واعتبر التقرير أن حجم التحديات أمام مستقبل صناعة النفط والسياسات التي تستهدفها من دون النظر الى حاجة العالم، تحتاج إلى التوسع في استغلال الطاقة بكل أشكالها، وتحمل مخاطر تستوجب الأخذ في احتمالاتها وتغيير التفكير النمطي في مواجهتها، إلا أنه في الوقت ذاته يتوجب على المنتجين استغلال الفائض الحالي والمتوقع في إدخال إصلاح حقيقي على الموازنة وجدية الخطوات نحو تنويع مصادر الدخل وترسيخ الأمان الوطني والاقتصادي وإحداث نقلة نوعية في الهيكلة الاقتصادية نحو مستقبل تنموي واعد على كل الصعد.