أبرزا الجوانب الثقافية في العلاقة بين الكويت والإمارات

بلال البدور: مجلة «العربي» قامت بدور مهم في التعريف بالإمارات عبد الخالق عبد الله: الخليج الآن... مركز الثقل الثقافي العربي

1 يناير 1970 02:18 م
| كتب مدحت علام |

ارتبطت الكويت منذ القدم بعلاقات ثقافية وتاريخية بكل الدول الخليجية، التي تشاركها في الكثير من السمات، وان هذه العلاقات كان لها دور فاعل في مسألة التأثير والتأثر.

ولأن الامارات العربية المتحدة هي ضيف شرف مهرجان «القرين» الثقافي في دوته السادسة عشرة، فقد تضمنت فعاليات الاحتفاء بالشقيقة الامارات محاضرة عنوانها «الجذور التاريخية للعلاقات الثقافية بين الامارات والكويت والمشهد الثقافي في الامارات»، حاضر فيها الباحثان الاماراتيان بلال البدور والدكتور عبد الخالق عبد الله.

وأدار هذه المحاضرة الباحث عادل العبد المغني الذي تحدث بدوره عن هذه العلاقة بين الشقيقتين «الكويت والإمارات» في شتى المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية والفكرية وانعكاسات مثل هذه العلاقة على تطلعات وآمال البلدين.

في البداية تحدث الباحث بلال البدور عن «الجذور التاريخية للعلاقات الثقافية بين الامارات والكويت»، متحدثا عن العلاقة الاجتماعية أولا ووقوع الشعبين في اقليم واحد تربطهما روابط الدين واللغة والجوار والقيم والعادات والتقاليد.

وأوضح البدور ان مجتمع البحر الذي اعتمد عليه الخليجيون في كسب رزقهم هو اول مساحة جغرافية لتلاقي ابناء الخليج، وقال: «العلاقة بين الامارات والكويت بدأت من خلال هذه البوابة».

وتحدث المحاضر عن العلاقة البحرية وأثرها الثقافي في تقارب البلدين، كما تحدث عن بداية القرن العشرين حينما ترسخت وزاد الترابط والتلاحم بين البلدين الشقيقين من خلال عدد من الشخصيات منها الاديب عبد الله الصانع وهو من اهم الشخصيات الادبية الكويتية التي زارت الامارات وأقامت بها فترة من الزمن في عشرينات القرن الماضي، ومن ثم فقد ارتبط بالامارات وأهلها، وكانت فترة وجوده فيها فترة تأثير وتأثر في العلاقات الثقافية مع مثقفي الامارات ومن اهم هذه المظاهر قيامه بتمثيل مجلة الكويت التي اصدرها الاديب عبد العزيز الرشيد في مارس عام 1928 حتى عام 1931، كما ارتبط برجالات الامارات والمثقفين ومنهم الشيخ مانع بن راشد آل مكتوم، والاديب احمد بن سلطان بن سليم، والشيخ سلطان بن صقر القاسمي، ومبارك بن حمد العقيلي.

كما تحدث البدور عن الشيخ حمد محارب المطيري الذي قدم الى عجمان عام 1934 وأقام بها واتصل بحاكمها الشيخ راشد بن حميد النعيمي، وكان عالما شاعرا، ولقد عينه الحاكم معلما لأولاده، ثم ولاه القضاء، كما كان خطيبا في الجامع الكبير وأقام في عجمان خمسة عشر عاما ثم عاد الى الكويت.

الى جانب عبد اللطيف بن حمد القناعي، وزين العابدين بن الحاج حسن باقر، وهلال بن رمضان الشميس، والاديب السيد ياسين الغربللي، ومرشد العصيمي، وهؤلاء اشخاص كان لهم الدور الفاعل في زيادة الروابط والتقارب بين الكويت والامارات.

كما تحدث المحاضر عن المرحلة الثانية في توثيق العلاقات من خلال وجود ابناء الامارات في الكويت، وخلال مرحلة الكساد الاقتصادي حينما نشبت الحرب العالمية الثانية عام 1939 وانتقل بعض اهالي الامارات بعائلاتهم الى الكويت للاقامة معهم فدرس ابناؤهم هناك وعملوا، وكانت لهم جهود بارزة في الحركة الثقافية في الكويت ومنهم عبد الرحمن الصالح، وأحمد الراشد.

كما تطرق المحاضر الى دور الوسائل الاعلامية في دعم العلاقة الثقافية بين الكويت والامارات، مشيرا الى «مجلة الكويت» التي اشترك بالكتابة فيها ادباء ورجال فكر وسياسة من الامارات.

الى جانب مجلة «كاظمة» التي اصدرها الشاعر احمد السقاف عام 1948 وتعنى بالعلوم والفنون والاجتماعات والقصص والشعر والكتب.

كما تحدث عن مجلة «العربي» التي قامت بدور مهم في ابراز الامارات والتعريف بها، من خلال ما قدمته من استطلاعات حول اماراتها، ومن خلال موضوعها الرئيسي «اعرف وطنك ايها العربي»، كي تبرز «العربي» في استطلاعاتها الامارات كي يتعرف عليها الانسان العربي شرقا وغربا وشمالا وجنوبا.

وتحدث البدور عن دور شعراء الامارات في ربط العلاقة الثقافية بين البلدين، ومن هؤلاء الشعراء عبد الله الشيبة وقد كان قاضي عجمان، واولاده كانوا يعملون في الكويت، وتزوجوا منها، وكانوا يرسلون الى والدهم الكتب الصادرة من الكويت، ولما جاءه ديوان الشاعر عبد الله سنان قرضه بقصيدة قال فيها:

ان الخليج شماله وجنوبه

مع غربة في قمة اليقظان

قد هب من سنة الذهول مراقبا

ما حلّ في اقليمه المتداني

كما تأثر الشاعر سلطان العويس بشخصية امير الكويت عبدالله السالم الصباح وجهوده في نشر العلم فحياه بقصيدة قال فيها:

هناك بالملك علم طاب مورده

مولاك قبل ورود العلم جوزاء

بالاضافة الى الشاعر حمد بو شهاب الذي اعجب بقصيدة لأحمد السقاف فأنشأ قصيدة مساندة لها يقول فيها:

غرد فما انت إلا الطائر الغرد

وما نشيدك إلا الدر منتضد

كما تحدث المحاضر عن دور الكويت في دعم التعليم في الامارات وما قدمه امير الكويت المغفور له الشيخ عبد الله السالم الصباح من اياد بيضاء من خلال تقديم العون التعليمي والصحي والاعلامي للامارات.

وفي ما يخص دور الكويت في دعم الاعلام في الامارات اوضح البدور انه في حوالي عام 1968 افتتحت حكومة الكويت محطة للتلفزيون باسم تلفزيون الكويت من دبي، وكان ذلك فرصة لأبناء الامارات للتدرب والعمل في مجال الاعلام سواء في الاذاعة او الاخراج او الهندسة.

بينما جاءت ورقة الباحث الاماراتي الدكتور عبد الخالق عبدالله في سياق ابراز المشهد الثقافي الاماراتي، متحدثا عن نشأة هذا المشهد وتطوره وذلك من منظور ايجابياته وسلبياته، موضحا ان مشروع تنمية الثقافة في الامارات بدأ منذ نشأة الاتحاد، وان هناك زخما ثقافيا اماراتيا ساعدت عليه الوفرة المالية التي رافقت التنمية الاقتصادية، وكذلك التنوع في الثقافات كون الامارات عبارة عن اتحاد ووجود التنافس والتشجيع، وتحدث المحاضر عن مظاهر هذا الزخم الثقافي من خلال اقامة الفعاليات والانشطة الثقافية، والمتاحف وان آخر تلك المظاهر جائزة «بوكر» للرواية العربية في نسختها العربية.

ثم تحدث عن نقاط الضعف في الثقافة الاماراتية ومنه الاهتمام بالاستهلاك اكثر من الانتاج، طارحا سؤاله: ما الذي يبقى بعد كل هذا الزخم؟»، مؤكدا ان الثقافة هي الشيء الذي يبقى بعد ان ننسى كل شيء، واوضح ان التحدي الاكبر هو تطوير المنتج الوطني ورفع سقف الحريات.

كما تطرق الى هموم المثقفين في الامارات ومنها هم الهوية... في ظل الخلل السكاني في الامارات، والانفتاح الكبير على العولمة، ما جعل العالمية تتضخم في الامارات، ثم تحدث قضية الصراع بين المحلي والاتحادي في الامارات، موضحا ان المحلي ربما يهيمن وينتزع الاتحادي.

وكشف عبد الله ان الامارات تركز على الاقتصاد اكثر من السياسة والنشاط الفكري.

وقال المحاضر: «المشهد الثقافي في الامارات لم يأت من فراغ... فهو جزء من الحالة الخليجية»، موضحا ان هناك لحظة الخليج في التاريخ العربي المعاصر، وان مركز الثقل الثقافي الآن في الخليج وليس في المراكز التقليدية، وقال: «هل نحن بالفعل في الخليج نشعر بهذه المسؤولية»، وأشار المحاضر الى انهم في الامارات ينظرون الى الكويت على انها المثال في الديموقراطية السياسية، من خلال ما يعبّر عن الحرية السياسية في الكويت، رغم ان البعض يتساءل ما الذي تحقق من مثل هذه الحرية؟