«سمرتان» من «ليالي عدن»... كانتا كفيلتين بإشعال مدرجات قاعة الشيخ جابر العلي في مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي.
فعلى مدار ليلتين طربيتين (الخميس والجمعة)، تزيّنت خشبة المسرح بجلسة أرضية توسطها باقة من النجوم الشباب، وهم فواز المرزوق وطلال الصيدلاني وسلطان المفتاح وعلي عبدالله وعبدالعزيز الضويحي، وأحاط بهم عدد من العازفين والمرددين، و«الكفّافة»، فعاش الجميع أوقاتاً استثنائية، كما لو أن عقارب الزمن قد عادت به إلى سنوات مضت، حيث «السمرات» الشعبية الجميلة، التي افتقدها الجمهور الكويتي.
«سلطان زمانه»
في الليلة الأولى، استحضر المرزوق والصيدلاني والمفتاح روائع الغناء العدني والحضرمي الذي صدحت به أصوات من الزمن الجميل، ولا سيما أغاني الفنان الراحل أبوبكر سالم، كما قطفوا من حدائق الطرب الغنّاء لـ «نبض الكويت» الفنان القدير نبيل شعيل، وردة تفشى شذاها في جنبات المسرح وكانت كفيلة بتسخين الأجواء.
فالحفل بدا فخماً بكل ما للكلمة من معنى، بدءاً من ديكورات القاعة، والتي تم تصميمها بطريقة عبقرية، لتمنح الجمهور متعة بصرية، ونقاوة مُبهرة في الصوت، كما شهدت حضور حشد غفير من الجمهور، الذي ملأ المدرجات وأضفى حساً جمالياً أخاذاً في أركان المسرح، وتجلى ذلك من خلال تفاعله الكبير مع الأغاني.
استهلّ الفنان سلطان المفتاح «السمرة» الأولى بأغنية «سلطان زمانه» التي تفاعل معها الجمهور بالصفقات والغناء، وهي من الأغاني التي لاقت نجاحاً منقطع النظير، حين تألق بأدائها الفنان الراحل يوسف المطرف، كما تعدّ إحدى أغانيه الخالدة في ذاكرة الأغنية الشعبية.
بعدها قدم الفنان الصيدلاني موال «ما كنت متوقع خيانته لي» مستعرضاً من خلاله طبقات صوته الجهوري، فأتبعه بأغنية «لو خيروني» لأبو بكر سالم، ليثبت أن معدن الطرب الأصيل لا يصدأ، حتى وإن غمرته رمال الحداثة.
وبعد عزف منفرد على الكمان، أبدع المرزوق بأغنية «بعلمك» للفنان القدير نبيل شعيل، تلك الأغنية التي لحنها «بوشعيل» بنفسه وصاغ كلماتها الشاعر عبدالعزيز الميلس، إذ يقول مطلعها: «بعلمك كيف البشر في غيابك... بقولك أصحابك ترى مو صحابك... قالوا لي عنك وإنت تمدح لي فيهم... قالوا لي إنك ما تبيني وتبيهم».
ثم عاد المفتاح ليشدو بأغنية «نار بعدك يا حبيبي» لأبو بكر سالم، فأغنية «يا ليالي» وهي من الموروث اليمني، كما شدا بها الفنان ماجد المهندس في أحد ألبوماته الرسمية.
ولم تنته وصلة الطرب عند ذلك الحد، بل اشتعلت الأكف غير ذي مرة على وقع «العدنيات»، حتى بلغت ذروتها في أغنية «الحب أسرار» التي تغنّى بها الصيدلاني، ليصبح الجمهور هو الكورال، في حين أطرب المرزوق الجمهور الكويتي بأغنية «مرحيب» لأبو بكر سالم، وأغانٍ أخرى عديدة، حظيت بإعجاب الحاضرين.
«السمرة» الثانية
أما «السمرة» الثانية من «ليالي عدن»، فلم تكن أقلّ من سابقتها، حيث أبدع الفنانان علي عبدالله وعبدالعزيز الضويحي، في غناء مجموعة من الأعمال المختارة بعناية بالغة.
وقد افتتح عبدالله الليلة بأغنية «كشفوا سر الهوى» ليوسف المطرف، ومن ثم أغنية «يا سمار» لأبوبكر سالم، فأغنية «ألا يا طير يالأخضر» من الفولكلور اليمني، ليختار من بعدها أغنية «ياخذون اللي يبونه» للفنان عبدالمجيد عبدالله، والتي سرعان ما تفاعل معها الجمهور الذي راح يردد كلماتها مع المطرب.
بعدها، غنّى عبدالله رائعة «يا منيتي» لعبدالمحسن المهنا، و«الحب أسرار» لـ«أبوأصيل» حيث ألهبت حماسة الجمهور، قبل أن تنطلق موجة من التصفيق الحار على وقع «الكفّافة» وإيقاع «الطبلة»، ليختم فقرته بأغنية «شويّخ من أرض مكناس» للفنان البحريني أحمد الجميري.
وما إن اعتلى الضويحي خشبة المسرح، حتى تعالت هتافات الجمهور الذي رحب به كثيراً، وبدوره ردّ التحية، واستهل فقرته بأغنية «جاءت تقول كلمة وداع» للمطرف. تلتها أغنية «قالوا ترى» للفنان عبادي الجوهر، فأغنية «مضى عمري مضى» للفنان علي بن محمد، وأغنية «لا تبتعد أرجوك» التي استقبلها الجمهور بالتصفيق الحار، ما جعل الضويحي يطالبهم بغنائها.
أيضاً، لم يَفُت الضويحي أن يشدو بأغنية «سر حبي» لأبوبكر سالم، كونها من الأغاني التي تحظى بشعبية واسعة النطاق في الخليج عموماً والكويت تحديداً، بالإضافة إلى غناء مجموعة من الأغاني العدنية، ليعود من جديد الفنان علي عبدالله إلى خشبة المسرح ويشارك الضويحي في غناء مجموعة من الأغاني، منها «ليلة لو باقي ليلة» لعبدالرب إدريس، ولاقى «الدويتو» بينهما إعجاب الجمهور الذي تمايل طرباً على جمال أدائهما، ليختتما الحفل بأغنية «إن يحرمونا» للفنان أحمد فتحي. وبعدها شكرا الجمهور على هذا التفاعل الذي أسهم وبشكل كبير في إنجاح الحفل.