افتتح مؤتمر «مواقع التواصل الاجتماعي: الأطر النظرية وإشكاليات التطبيق»

عبدالله الهاجري: جامعة الكويت حريصة على مواكبة التطور المعلوماتي

16 مايو 2022 10:00 م

- الوهيب:
- معظم الأحكام والآراء السياسية تقوم بتقسيم المجتمع
- مطالبون بالتفكير جدياً بدور وسائل التواصل في هدم الاستقرار المجتمعي

أكد عميد كلية الآداب بالإنابة في جامعة الكويت الدكتور عبدالله الهاجري أن الجامعات ستظل دائماً ركيزة التقدم والكيان الناطق عن العلوم والثقافة والفنون والآداب والقادرة على الوفاء باحتياجات ومتطلبات المجتمعات.

وقال الهاجري في كلمته في افتتاح مؤتمر «مواقع التواصل الاجتماعي: الأطر النظرية واشكاليات التطبيق» والذي نظمه قسم الفلسفة بكلية الآداب أمس، «لا شك أن العالم يعيش حالياً أزهى عصور ثورات التواصل الاجتماعي الذي أصبح أهم معزز من معززات التبادل الثقافي والتواصل والتعاون بين الأمم».

وأضاف أن جامعة الكويت مثلها مثل كل الجامعات في العالم كانت حريصة على ألا يفوتها ركب هذا التطور الحاصل في ثورة المعلومات، لا سيما إبان الفترة التي اجتاحت فيها العالم جائحة كورونا حيث كانت كلية الآداب بأقسامها المختلفة حريصة على الاستفادة من برامج ووسائل التواصل الإلكتروني المختلفة.

وأشار إلى أن الكلية وأقسامها نظمت العديد من المؤتمرات والندوات، وقام بعض الزملاء بنشر أبحاثهم ونتائج دراساتهم المختلفة في فضاء شبكات التواصل الإلكتروني، كما قام قسم الفلسفة والزملاء فيه بالمشاركة في عدد من الندوات والمؤتمرات الداخلية والخارجية على مستوى جامعة الكويت وخارجها.

من جهته، أكد رئيس قسم الفلسفة وأستاذ الفلسفة السياسية والمعاصرة بجامعة الكويت الدكتور محمد الوهيب، «أن التحدي الأكبر الذي يقف أمام أي احتكام للحس المشترك أن معظم الأحكام والآراء السياسية تقوم بتقسيم المجتمع، والتي تحتكم لجزء لا إلى الكل، وإلى الحد الذي أصبح معه الاستقطاب علامة حواراتنا السياسية حيث يزعم جوناثان هايدت، عالم النفس الاجتماعي بجامعة نيويورك، بأن الاستقطاب المتفشي في عالمنا السياسي قد تفاقم بسبب وسائل التواصل الاجتماعي في العقد الماضي، مثل فيسبوك وتويتر ومنصات الوسائط الاجتماعية الأخرى».

وقال الوهيب «إن مؤسسات كاملة قد تحولت بسبب هذا الأسلوب الجديد، حيث حدد علماء الاجتماع ثلاث قوی رئيسية على الأقل تربط مجتمع الديموقراطيات الناجحة، ألا وهي رأس المال الاجتماعي (شبكات اجتماعية واسعة ذات مستويات عالية من الثقة)، ومؤسسات قوية، وقصص مشتركة، والحقيقة هي أن وسائل التواصل الاجتماعي قد أضعفت هذه العناصر الثلاثة».

وأضاف «إننا مطالبون بالتفكير جدياً بهذا الدور الخطير جداً الذي تلعبه وسائل التواصل الاجتماعي في التأثير بل وهدم الاستقرار المجتمعي، وربما من هنا تحديداً انطلقت أهمية مؤتمرنا، فيصبح فرصة لنا للتفكير بهدوء وعقلانية نقدية في تلك التحديات التي تواجه مجتمعاتنا المعاصرة».

تعزيز التنوع الثقافي والفكري

أكد الهاجري «أن الجميع يدرك أهمية أن تكون المؤسسة التعليمية الناجحة قادرة على تشجيع وتعزيز التنوع الثقافي والفكري المقدم من خلالها، و لعلّ هذا الدور تحديداً يجعلنا حريصين على تعميق عملية التواصل والتعاون في ما بيننا وبين المؤسسات والمراكز البحثية على المستويين الداخلي والخارجي والمضي به قدماً نحو فضاءاتٍ أرحب».

وتابع «ها نحن اليوم نجتمع معاً في هذا المؤتمر الذي يجمع كوكبة من الفلاسفة والمفكرين من الزملاء سواء داخل دولة الكويت أو خارجها، وذلك لمناقشة قضية على درجة فائقة من الأهمية والخطورة وهي قضية الحرية غير المحدودة التي أفرزتها مواقع التواصل الاجتماعي وغياب إشكاليات التطبيق الصحيح لها، حيث يفرد المؤتمر ويناقش من خلال الأوراق العلمية والدراسات والأبحاث التي ستعرض فيه هذه الإشكالية، محاولاً الوصول لبعض الحلول والمقترحات والتوصيات التي نأمل جميعاً أن تعم بها الفائدة المرجوة».

«لا يمكن الحديث عن حكم سياسي في غياب مصادقة المجتمع عليه»

ذكر الوهيب أن الفيلسوفة الألمانية - الأميركية حنة أرندت كتبت بأن الحكم أو الرأي السياسي يجب أن يقع بين الأفراد الذين ينتظمهم مجتمع سياسي، أو من يجمعهم الحس المشترك، مشيراً إلى «أن هذه الفكرة التي يبدو أنها كانت قد استعارتها من الفيلسوف الألماني الكبير إيمانويل كانط وهي (أنه لا يمكن الحديث عن حكم سياسي في غياب احتكام للمجتمع ومصادقة من قبله)».

وأضاف «السياسي، بالنسبة لأرندت، هو الشخص الذي يتحدث ويتصرف بطريقة تعيد تأكيد أو تشكيل الشعور العام، الصحي والسليم، لما هو صواب وما هو خطأ»، لافتا إلى «أن النظريات في الحكم تستند على فكرة بسيطة ظاهرياً وهي (أنك بحاجة إلى من يشاركك في وجبة الطعام إن أردت الاستمتاع بها)، فماذا عن حاسة التذوق، أو أي ملذات حسية أخرى يبدو أنها تتطلب منا التعليق على ما نتذوقه، ومشاركة آرائنا مع صديق، وإشراكهم في تجربتنا؟».

وأوضح «أن الفيلسوفة أرندت تزعم بأن هذه الملذات تمتلك توجها أساسيا نحو الآخر، وهذا يلهمنا لتحويل تجربتنا الجسدية الفريدة والشخصية تماماً إلى تقييم لفظي يستدعي انتباه شخص آخر. فالحكم هو عملية فتح إحساسنا عبر عالم اجتماعي مشترك، وهنا فقط يمكننا أن نرى الطريقة التي تتحدث بها عن أذواقنا، كما يحدث كل ليلة حول موائد العشاء».

الجلسة الأولى: التصدي للإشاعات والتطرف والإرهاب

انطلقت الجلسة الأولى للمؤتمر تحت عنوان «الأطر النظرية لفهم مواقع التواصل الاجتماعي»، برئاسة استاذة الميتافيزيقا في قسم الفلسفة بكلية الآداب الدكتورة شيخة الجاسم، ودعا المشاركون في الجلسة إلى ضرورة تدريب الشباب على الاستخدام الآمن لمواقع «السوشيال ميديا»، والتصدي للإشاعات والتطرف والإرهاب وغيرها من الأفكار والظواهر السلبية الأخرى، مؤكدين ضرورة المواءمة بين الحرية والمسؤولية في استخدام هذه المواقع.

وأكدت الجاسم أن الجلسة حظيت بمداخلات ممتازة عن اشكاليات التواصل الاجتماعي ومفهومها، وحريات التعبير، والمسؤولية المتعلقة عن حريات التعبير، والحسابات الوهمية، والاخلاق المتعلقة بالاحداث العالمية التي تحدث، مبينة ان جميع الجلسات المتعاقبة تتحدث التواصل الاجتماعي والحرية والمسؤولية والمشاكل المتعلقة بها.

بدوره، قال عضو هيئة التدريس في جامعة الملك سعود في المملكة العربية السعودية الدكتور عبدالله المطيري، «إن وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة وفّرت للإنسان خاتماً سحرياً شبيهاً بذلك الذي تحدث عنه أفلاطون، وبالتالي فهي تعيد سؤال الحرية والمسؤولية لا باعتباره تأملاً فكرياً فقط، ولكنه باعتباره حدثاً واقعياً يشكّل الحياة اليومية».

وأشار المطيري إلى أن المبحث الأخلاقي حالياً أمام مهمة أساسية تتمثل في إعادة التفكير في الحرية وأولويتها وعلاقة الذات بالآخر في الشرط الإنساني الجديد.

وتساءل: ماذا لو استطاع الانسان أن يكون لا مرئيا، متى شاء هل سيبقى ملتزما بالقيم الأخلاقية في علاقته مع الآخرين، أم أنه سيفعل ما يريد دون أي حسابات أخرى؟ ربما يكون هذا السؤال هو السؤال الأبرز في مجال العلاقة بين الحرية والمسؤولية، وقد طُرح منذ الخطاب الفلسفي المبكر في جمهورية أفلاطون.

ومن جهته، حث استاذ الفلسفة الحديثة في قسم الفلسفة في كلية الآداب بجامعة الكويت الدكتور محمود أحمد، على تدريب الشباب على الاستخدام الآمن لمواقع التواصل الاجتماعي، للتصدي للإشاعات من خلال تطبيق العقوبات على مروجيها، مع ضرورة التصدي للإيديولوجيات المتطرفة والأفكار التي تستهدف الشباب بصفة خاصة.

الجلسة الثانية: «السوشيال ميديا» تجعل البعض غير راضين عن حياتهم

تطرقت الجلسة الثانية في المؤتمر إلى «وسائل التواصل الاجتماعي والثقافة» وكانت تديرها رئيسة الجلسة استاذ قسم فلسفة الذهن في قسم الفلسفة الدكتورة حنان الخلف.

وقالت استاذة الإعلام الإلكتروني في جامعة الكويت الدكتورة فاطمة السالم، «إن كثرة متابعة مواقع التواصل الاجتماعي تجعل الأشخاص غير راضين على حياتهم، لأنها تخلق مشاعر الغيرة والحزن وذلك بدخولها للمقارنة الاجتماعية».

وفي شأن دراسة أجريت على 4275 شخصاً داخل الكويت، أوضحت السالم أن 41 في المئة من هؤلاء الأشخاص يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي لمدة 6 ساعات يومياً، فيما تبلع نسبة من يستخدمونها منهم لمدة أربع ساعات 25 في المئة، وتبلغ نسبة من يقضون من ساعتين إلى أربع على مواقع التواصل 22.4 في المئة.

وأكدت السالم أن هناك نسبة 19 في المئة راضون عن المحتوى.

ومن جهته، أكد الاستاذ المشارك في قسم الإعلام بجامعة الخليج للعلوم والتكنولوجيا الدكتور علي دشتي، «أنه أثناء تفشي جائحة فيروس كورونا، انتشرت الكثير من التغريدات الفكاهية التي كانت وسيلة للهروب من الواقع لتخفيف الذعر، وتثقيف الجمهور، ولجعل الناس غير مهتمين بخطورة هذا الوباء».