ارتفاع جنوني للمواد الأساسية... والمواطن يستصرخ الحكومة

بيت العمر... «تحطّم» على صخرة غلاء أسعار البناء

9 مايو 2022 10:00 م

- خالد العنزي:
- ضرورة حماية المواطن من العقود التي تصب دائماً لمصلحة المقاول
- لابد من رقابة «التجارة» و«البلدية» و«الداخلية» لضبط الأسعار
- خالد المري:
- على المواطن الاطلاع على سابقة أعمال المقاول من أصحاب البيوت التي نفذها
- على المواطن أن يدفع 30 ألف دينار فوق القرض ليكمل بناء بيته
- محمد العتيبي:
- أسعار المصنعيات زادت بنسبة 80 في المئة والمواطن المتضرر الأول
- على أصحاب البيوت الضغط على التجار من خلال اللجان الأهلية و«قروبات» العقود الجماعية لضبط الأسعار

لم تكتمل فرحة المواطنين الذين تسلموا أذونات البناء لقسائمهم، بعد أن تحطمت فرحتهم على صخرة الغلاء الكبير لمواد البناء الذي يبخّر أحلامهم في سرعة إنجاز بيت العمر والسكن به، حيث ارتفعت مطالب أولئك المواطنين، مستصرخين الحكومة لوضع حلول لارتفاع أسعار البناء ومواده في الآونة الأخيرة مع صدور أوامر البناء للمدن الإسكانية الجديدة.

«الراي» استطلعت القضية، والتقت بمواطنين لمعرفة معايير الاتفاق مع المقاولين لبناء بيوتهم، هل يتم الاتفاق على السعر والجودة أو أن الغلاء يبعد قضية الجودة عن الاتفاق؟ وكيف يتم التعرف على المقاول وعلى سابقة أعماله؟ وما أبرز السلبيات التي يواجهونها من المقاولين؟ وكيف يتم ابتزاز المواطن؟ وهل أسعار مواد البناء مناسبة؟ وهل أسعار المصنعيات مناسبة؟ وما الحلول من وجهة نظرهم لضبط الأسعار وتوفير الأيدي العاملة الفنية؟ فكان رد المواطنين أن على الجهات الحكومية المعنية أن تتحمل عبء الرقابة وضبط الأسعار الجنونية لأسعار مواد البناء والأيدي العاملة التي أصبحت مبالغاً بها بشكل كبير جداً، وبات على الحكومة أن تتدخل لضبط سوق مواد البناء والانتصار للمواطن ليتمكن من بناء بيت العمر.

بين السعر والجودة

رئيس لجنة أهالي مدينة المطلاع التطوعية خالد العنزي، قال إنه «لبناء بيت العمر يجب أن تكون هناك جودة، ولها معايير يتطلب أن يتقنها الأشخاص الذين يقومون بتنفيذ البناء، وأنا لا يهمني السعر بنفس ما تهمني الجودة، لأن هذا بيت العمر، وذلك لأن البيت للسكن وأرغب بأن يعمر معي دون مشاكل في البناء والتنفيذ»، مبيناً أنه «إذا كنت أبحث عن أرخص الأسعار فهناك مواد في السوق ذات أسعار منخفضة جداً، وجودتها متدنية جداً، فأنا لا أؤيد تقليل الجودة مقابل السعر».

وقال العنزي لـ«الراي» إن «من السلبيات التي تواجه المواطنين من قبل المقاولين، صياغة العقود، فدائما العقود تصب في صالح المقاول، فيأتيك المقاول لبيتك وعقده بيده، وكأنه يبحث عنك ليوقعك على هذه العقود، ويقنعك أن هذا العقد من صالحك وأنه يطلب دفعات مالية قليلة، وعندما تبحث في العقود تجد أن العقد مصفوف لصالح المقاول، وعندما يذهب المواطن ليشتكي لا يحصل على حقه من المقاول المقصر أمام القانون، خصوصاً أن المواطن موقع على عقد والعقد شريعة المتعاقدين».

ولفت إلى أنه «بخصوص ضبط الأسعار، فلابد أن تكون هناك رقابة من قبل وزارة التجارة وبتعاون من البلدية ووزارة الداخلية، إضافة إلى تشكيل لجان تطوعية تراقب أي عمل يقوم به التاجر لرفع الأسعار، وتبلغ عنه لضبطه ومخالفته، وإغلاق محله، لأننا اليوم إذا حمرنا العين على هذه الشركات فستكون هناك نتائج إيجابية.

وقد أطلقنا حملة وطنية في الفترة الأخيرة ونجحت في مهمتها، خصوصاً أن الكثير من الشركات (زعلت) من إطلاقنا الحملة في هذا الوقت، وخصوصاً أن المواطنين يعانون من ارتفاع الأسعار، فلو تذهب لشركات التكييف تجد أن الشركات رفعت أسعارها أربع أضعاف خلال هذه السنة، واذا أتيت للمقاول تجده رفع سعره من 22 إلى 32 ألف دينار، خلال هذه الفترة، وهذا كله من جيب المواطن».

وذكر العنزي أن «مع كل هذا يخرج لنا بعض المقاولين والتجار، ويقول إن ارتفاع الأسعار طبيعي بسبب ارتفاع أسعار المواد والأيدي العاملة وغيرها، ففي حال ادعاء رفع أسعار الأيدي العاملة، فلابد أن يكون هناك مستند موثق في البلدية يبين كم تكلفة الأيدي العاملة، وأن راتب العامل كذا، فلا يجوز أن اعطيه ضعفي راتبه ويتسرب من الشركات الرسمية ويتجه للشارع ليضمن دخلاً أكبر، وهذا ما أدى لارتفاع الأسعار بشكل كبير. وضبط ذلك لا يتم إلا بتضافر الجهود بين وزارات التجارة والداخلية والبلدية وتشكيل لجنة ثلاثية من قبل هذه الوزارات».

تاريخ المقاول

بدوره، قال رئيس لجنة أهالي مدينة الوفرة السكنية خالد المري لـ«الراي» إن «أهم معايير الاتفاق مع المقاول عند بناء القسيمة تكون معتمدة على السعر والجودة في آن واحد، فيجب أن تكون الجودة ممتازة والسعر مناسب، ولابد من الاطلاع على سابقة أعمال المقاول والاطلاع على البيوت التي بناها، وأخذ أرقام هواتف أصحاب البيوت التي نفذها للتأكد من جودتها، واسألهم عن تعامله معهم ومدى التزامه، وهل هو صاحب مشاكل وغيرها».

وأضاف المري لـ«الراي» أن «السلبيات التي نواجهها مع المقاولين، تتمثل في التأخير ومخالفة شروط العقد، بحيث يدعي ارتفاع الأسعار ويطلب زيادة قيمة العقد، فالعقد لابد أن يلتزم به الطرفين، فهو يلزمك أن تدفع فروق أسعار المواد. وهذا الأمر لا أقبل به كصاحب بناء فهو سيقوم بتأخيرك في تنفيذ العقد وانجاز البناء ويتعطل البناء ولا يعطيك ورقة المخالصة، مما تضطر الى اللجوء للمحاكم والانتظار سنة أو سنتين في المحاكم للفصل في الموضوع».

ولفت إلى ان «ورقة المخالصة هذه تعتبر أكبر موضوع لابتزاز المواطن من قبل المقاول، وفي الآونة الأخيرة ارتفعت أسعار البناء بشكل كبير، خصوصاً الحديد ارتفع بشكل غير طبيعي، فالطن وصل الى ما يقارب 300 دينار، ففي السابق كان طن الحديد لا يتجاوز 120 ديناراً، هذا بالاضافة الى ارتفاع أسعار المصنعيات بشكل كبير جدا، فأصبح من الصعب أن يبني المواطن وفقاً للقرض الحكومي البالغ 70 ألفاً مع المدعوم».

وتابع «البنيان الحالي لابد للمواطن أن يدفع فوق القرض 30 ألف دينار تقريباً، ليكمل بناء بيته، فالأسعار مرتفعة جداً جداً في الكويت، فحتى لو استوردت المواد من الخارج، فستدفع الجمرك والنقل وغيرهما من التكاليف التي تصل بها الى ما يوازيv أسعارها في الكويت، والمواطن أصبح بين أمرين أحلاهما مر، إما ان انتظر حتى تنخفض الأسعار وإما اخذ قرضاً لاستكمال البناء.

ولابد أن تكون هناك حلول واقعية من قبل الجهات الرسمية المعنية، وأن تحدد الحكومة الأسعار لأهالي المناطق السكنية الجديدة، بحيث أن كل شخص لديه رخصة بناء يستطيع أن يأخذ من أي شركة في الكويت مواد البناء الأساسية، ويكون سعرها محدداً من الحكومة، وبهذا تحافظ على الأسعار للمواطنين وتمنع الجشع ليستطيع المواطن بناء بيته. كما أنه لابد من توفير الأيدي العاملة من قبل الهيئة العامة للقوى العاملة، وتحدد الأسعار للشركات لقيمة العمالة الفنية، بحيث تحدد يومية هذه العمالة وتكون معروفة للمواطن».

ضبط صيغة العقد

من جهته، قال الناشط الإسكاني محمد العتيبي لـ«الراي» إن «من الأشياء التي ينبني عليها الاتفاق بين المواطن والمقاول، أولاً الجودة وهذا هو المفترض، بعد تقييم المقاول ومعرفة سابقة أعماله، بزيارة المشاريع التي نفذها قريباً، وسؤال ملاك البيوت عن مدى رضاهم على أعمال المقاول، ويحرص على اختيارهم، ثم بعد ذلك يبدأ صاحب المشروع بالبحث عن الجودة والمواصفات الفنية، وأن يكون ذلك كله مكتوباً بالعقد، واذا كانت التفاصيل كثيرة تلحق بالعقد كراسة مواصفات فنية، وبعد ذلك يدخل في مرحلة السعر ويحاول المفاضلة بين المقاولين بالأسعار، ويأخذ الأرخص سعراً ولا يبحث في السوق بشكل مباشر عن اأرخص سعراً».

وأضاف العتيبي «أما في ما يخص أسعار مواد البناء، والمصنعيات فلا شك أنها اصبحت غير مناسبة، فقبل جائحة كورونا كانت الأسعار مناسبة، والدليل على ذلك انه كان هناك استياء من المقاولين بشكل عام، وخاصة بموضوع المصنعيات، وان الأسعار في نزول وخاصة في مرحلة بناء منطقة غرب عبدالله المبارك، لكن الآن للاسف اصبحت أسعار المصنعيات غير مناسبة لملاك القسائم، والأسعار زادت بنسبة كبيرة وزادت بنسبة 80 في المئة تقريبا، ومواد البناء ايضا زادت كما هو مشهود، فالمواطن صاحب البيت هو المتضرر الاول والاخير في ارتفاع أسعار مواد البناء».

ولفت الى انه «من الحلول في ضبط الأسعار من وجهة نظر المواطن، وكوني احسب نفسي مراقباً للسوق، أن يقوم أصحاب البيوت بالضغط على التجار من خلال اللجان الأهلية و«قروبات» العقود الجماعية، ولكن بشكل عام هناك دور اكبر متعلق بالحكومة، وهي من بيدها القرارات المؤثرة والناجعة في موضوع الأسعار.

فالمواد فيها زيادة طبيعية بسبب جائحة كورونا، وبسبب كثرة المشاريع، وارتفاع أسعار المواد كان للاسف بسبب عدم وضع الحكومة لخطة للمواطنين، ولم تكن هناك اي تدابير رغم وجود بعض الامور التي اتخذتها الحكومة ولم يكن لها تأثير كبير، وهي استطاعة المواطن استيراد مواد البناء من الخارج، وهذا الامر ليس بالجديد، فالمواطن باستطاعته الاستيراد من الخارج برخصة استيراد موقته فإن كانت هناك واقعية في هذا الحل، فلماذا لم يعف المواطن من الضرائب والرسوم؟ حيث يؤخذ منه اكثر من 500 دينار تحت مسمى الضريبة».

وأشار إلى أنه «اذا كانت هناك ارادة حقيقية لحل هذه الامور، فيجب مراقبة السوق والضغط اكثر والتسهيل على الموردين بشكل عام، وحتى لو وصل الامر لاعفائهم من الضرائب في مقابل الا يزيد السعر على المستهلك، ولكن للاسف لم تتخذ الحكومة اي اجراء مقابل انها وزعت الكثير من اذونات البناء وبهذا هي سببت لهم الضرر. اما في ما يخص المصنعيات، فلا شك ان جائحة كورونا كانت مؤثرة، إضافة إلى سفر كثير من الوافدين، وهذا الأمر أثر في السوق.

ومن جهة أخرى التدابير التي اتخذت ومنعت الكثير من دخول الكويت إلا بشق الأنفس وكل هذا تسبب في شح العمال ونفرة العمالة من دخول الكويت، بالاضافة الى المؤسسة العامة للرعاية السكنية التي افرجت عن الكثير من الوحدات السكنية وهذا امر جيد ولكن من دون خطة، فالسوق بشكل عام لا يستوعب هذا الطلب الكبير من ناحية المواد او المصنعيات، في ظل عدم اتخاذ اي اجراءات او تسهيلات».

8 أسباب

1 - إصدار الكثير من أذونات البناء من دون النظر لاستيعاب السوق لها.

2 - شح العمالة الفنية في السوق.

3 - محدودية الطاقة الاستيعابية لسوق البناء.

4 - عدم اتخاذ الحكومة أي إجراءات أو تدابير لضبط أسعار المواد والمصنعيات.

5 - عدم تخفيض الضرائب والرسوم الجمركية عن واردات مواد البناء.

6 - ندرة المهندسين والمكاتب الهندسية المشرفة على عقود البناء.

7 - توافق بناء المواطنين لمساكنهم مع العديد من مشاريع الدولة الكبرى.

8 - ضعف الرقابة الحكومية على أسعار مواد البناء وعلى المقاولين والعمالة السائبة.

8 حلول

1 - وضع خطة حكومية لإصدار أذونات البناء بشكل تدريجي يتوافق مع الطاقة الاستيعابية للسوق المحلي.

2 - إنشاء شركة مساهمة لجلب العمالة الفنية المدربة لتغذية شركات المقاولات.

3 - ضبط أسعار المصنعيات ومحاربة العمالة السائبة غير الفنية.

4 - مراقبة عقود المقاولين وتوثيقها وإصدار عقد موحد يحمي المواطن من ابتزاز المقاولين.

5 - ضبط أسعار المواد الاساسية ومنع تلاعب التجار بها.

6 - إلغاء الضرائب والرسوم الجمركية عن واردات مواد البناء.

7 - تكثيف الجولات التفتيشية على المشاريع والتأكد من اقامات العمالة.

8 - السماح لشركات المقاولات والمكاتب الهندسية بجلب العمالة الفنية.

أساليب أصحاب الجانب المظلم من المقاولين

قال محمد العتيبي إن «بعض المقاولين يستخدمون أساليب الجانب المظلم، فهم يستغلون جهل الملاك، في عملية البناء ويضعون بنوداً مجحفة في العقود، لذلك على الملاك تثقيف أنفسهم بالمعلومة.

فأصحاب الجانب المظلم يستغلون عامل الزمن، ويكونون مبيتين النية لمخالفة العقد أو المواصفات، وفي حال احتجاجك على ما ذكر في العقد أو المخالفة، يهددك بشكل مباشر أو غير مباشر بأن هذا الاعتراض سيعطل المنشأة، وتكون أنت السبب ويستغل استعجالك وتوترك وتخاف وتتنازل عن حقوقك وترضخ لمخالفاته».

وأضاف العتيبي «هنا تكون فائدة التحاكم لغرفة التحكيم، واجراءاتهم تأخذ شهرين تقريباً ويتم البت فيه وتصديقه من قبل المحكمة، ويكون نافذا، فلابد من ذكر شرط التحاكم لغرفة التحكيم في حال اي خلاف في العقد، وبهذا لا يستطيع المقاول استغلال عامل الزمن في ابتزاز أصحاب القسائم.

ومن أساليب أصحاب الجانب المظلم عدم التزامهم بالمخططات إما جهلا وخطأ لاستخدامهم عمالة غير فنية، أو أنهم يرغبون بالتوفير على حساب قسيمتك، وبعض المقاولين يحاول ممارسة الضغط على مهندسي الإشراف وهناك اساليب كثيرة يستخدمها اصحاب الجانب المظلم لتجاوز مهندس الإشراف، وكل هذا ليعظم جانب الربح أو يعوض هامش الربح للسعر الرخيص الذي جذبك فيه منذ البداية».