التصعيد الروسي - الأميركي إلى تزايد... بعد أوكرانيا

20 أبريل 2022 06:00 م

... «موسكو لن تستخدم السلاح النووي في أوكرانيا». هذا ما أعلنه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ليحسم الجدل حيال إمكانية استخدام هذا السلاح الفتاك من عدمه.

وهذا يؤشر إلى مسألتين: الأولى، أن روسيا تتجه بقوة إلى تحقيق أهدافها في المرحلة المقبلة كتحرير منطقتي لوغانسك ودونيتسك، بعدما أصبح مصير مدينة ماريوبول الساحلية شبه محسوم.

والثانية، تتمثل في احتمال استخدام أو التلويح بالسلاح النووي مستقبلاً، وخارج حدود أوكرانيا، خصوصاً بعدما قررت فنلندا تغيير سياستها في شأن الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ما يشكل تحدياً كبيراً في منطقة بحر البلطيق المتجمد في الأشهر المقبلة، والمرشح لأن يصبح أكثر سخونة.

ميدانياً، بدأ القصف في مدينة خاركوف الشمالية، يتصاعد يومياً، مما يدل على نيات موسكو دخول المدينة، مما يفتح الطريق أمام الجيش الروسي نحو التقدم على طريقة «الكماشة» ليغلق المنطقة ويصلها بمدينة ماريوبول، لعزل الجيش الأوكراني الموجود في دونباس (نحو 40.000 - 50.000 يقاتلون هناك).

ما زالت طريق الإمداد بالسلاح واللوجستي مفتوحة أمام الجيش الأوكراني، لأن «الكماشة» لم تغلق ولن تغلق في القريب العاجل، بل تحتاج روسيا لوقت لتنفيذ خطتها.

من جانبه، طلب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من «كتيبة آزوف»، مواصلة القتال في ماريوبول «حتى النهاية»، وعدم الاستسلام.

إلا أن خطراً آخر يلوح في الأفق وهو انضمام فنلندا إلى «الناتو».

ويعتبر انضمام الدول الحدودية مع روسيا ودول «حلف وارسو» السابق إلى الحلف، في صلب الأزمة الأوكرانية، وتصميم روسيا - التي أصبحت أكثر قوة مما كانت عليه عام 1990 - على منع ذلك أو العمل على قيام بيئة تتحدى حلف شمال الأطلسي وأعضائه وعلى رأسهم الولايات المتحدة.

وتمتلك فنلندا 1300 كيلومتر كحدود مشتركة مع روسيا، وتالياً فإن تمدد «الناتو» إليها سيفرض معادلة جديدة تدفع موسكو - كما قال نائب رئيس مجلس الأمن ديمتري مدفيديف - إلى نشر صواريخ فرط صوتية وقنابل نووية على الحدود السويدية - الفنلندية.

وهذا يعني أن الحلف الأطلسي، وعلى رأسه أميركا، سينشر في المقابل صواريخ نووية.

وتملك أميركا أكثر من 150 صاروخاً نووياً في القارة الأوروبية وتركيا، وهي تخضع لسلطة قواتها مباشرة.

غير أن وجود صواريخ نووية روسية في كالينينغراد، يجعل برلين (500 كيلومتر) وباريس (1200 كيلومتر) ولندن (1400 كيلومتر)، تحت مرماها.

وكان الاتحاد السوفياتي السابق، استولى على كالينينغراد عام 1945، التي تقع في محيط البلطيق بين بولندا وليتوانيا، وتعتبر مرفأ أساسياً للبحرية السوفياتية وأسطول البلطيق الروسي.

وهذا يعني أن روسيا وأميركا ستكونان مجدداً على تماس مباشر، كما هي الحال في سورية.

إلا أن الأمور قد اختلفت اليوم، حيث لم تعد واشنطن وموسكو، مجرد متنافسين بل صارا أعداء يترقب كل طرف، الفرصة المناسبة للانقضاض على الآخر من خلال حلفائه.

تقول أوروبا إن روسيا تنشر صواريخ نووية في كالينينغراد، وتالياً فإن أي شيء لن يتغير بانضمام فنلندا والسويد إلى «الناتو».

إلا أن التغيير الواضح اليوم، يشي بأن مستوى العداء بين الطرفين لم يسبق له مثيل، في حين أن الدول العظمى تعودت احتلال الدول الأقل قوة أو الضعيفة من دون الحاجة إلى تقديم أعذار أو تفسيرات لأفعالها...

من هنا، فإن منطق القوة سيبقى هو الحاكم من دون حسيب أو رقيب دولي، لأن دور الأمم المتحدة تضاءل وأصبح هامشياً.