د. عبداللطيف محمد الصريخ / زاوية مستقيمة / العيار اللي ما يصيب... يدوش

1 يناير 1970 05:01 م
الإشاعات جزء أساسي من أي معركة سواء في المجال العسكري أو السياسي أو الاقتصادي، بل تعتبر من العناصر التي لا يمكن الاستغناء عنها، وهي بلا شك حرب قذرة، وأسلوب دنيء يمارسه الكثير من دون مراعاة لأخلاق الفرسان في ميدان التنافس الشريف.

الإشاعات أسلوب وتكتيك إعلامي يهدف من خلاله الخصوم المتنافسون إلى إشغال منافسيهم عن أعمال أخرى أكثر أهمية، من خلال الرد على تلك الإشاعات أينما واجهوا مناصريهم، بل تجعلهم مشوشي التفكير عما يمكن أن يقدموه للمصلحة العامة، وإذا كثرت تلك الإشاعات الموجهة والمنظمة فقد تجعل من الصعب التفرغ للإنجاز والعطاء الإيجابي.

حرب الإشاعات أسلوب قديم قدم التاريخ، وليس وليد اللحظة، فقد تعرض إليه النبي (صلى الله عليه وسلم) عندما كان بمكة، حيث قام كفار قريش بنشر الإشاعات عنه بأنه ساحر، وأنه يفرق بسحره بين المرء وأهل بيته، حتى إن أحد الصحابة خاف على نفسه قبل أن يسلم، ووضع القطن في أذنيه، وهو يطوف بالكعبة، حتى لا يسمع كلام محمد بن عبدالله، ويتأثر بالتالي بسحره، حسب ادعاء كفار مكة!

المهم... أن هذا الصحابي الجليل رجع إليه عقله قبل أن يغادر مكة، وقال في نفسه لم لا أسمع كلام هذا الرجل، فأنا قادر على تمييز الشعر وخزعبلات الكهنة عن غيرها، وفعلاً كان ما كان، وجلس يسمع من نبي الرحمة ودخل في الإسلام عن اقتناع كامل، ومثل هذا الأمر لم يكن ليحدث لو أنه ظل منصتاً لترهات قريش وإشاعاتهم، وذلك هو منهج أصحاب العقول النيرة، الذين يستثمرون عقولهم لمعرفة الحق من دون الالتفات إلى القيل والقال من دون دليل أو برهان سوى وكالة يقولون، أو جاءتني رسالة أو إيميل يؤكدان هذا الكلام!

أخطر تلك الإشاعات أثراً على الإنسان ما كان موضوعه العرض والسمعة والشرف، وهو يصيب المرء في مقتل. ولذا يحرص الخصوم على مثل تلك النوعية من الإشاعات لأنها تدمر الآخر، والعيار اللي ما يصيبْ... يِدوِشْ، على رأي إخواننا المصريين

.

في الأفق

أنزل الله عز وجل آيات تتلى إلى يوم القيامة للدفاع عن عرض النبي (صلى الله عليه وسلم) مبيناً فيها المنهج الذي يجب أن يسلكه المؤمنون تجاه الإشاعات، فقال سبحانه: «لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراً وقالوا هذا إفك مبين».



د. عبداللطيف الصريخ

مستشار في التنمية البشرية

[email protected]