هل يتسلّم النازيون الجدد الحكم في أوكرانيا؟

2 أبريل 2022 06:00 م

الحرب قرار صعب، ولكن يبدو أن إنجاز اتفاقية السلام أصعب بكثير لما تواجهه من تحديات دولية وداخلية.

لم يستطع فولوديمير زيلينسكي، انتزاع موافقة الولايات المتحدة وبريطانيا لضمان أمن أوكرانيا بعد التوقيع على اتفاقية مع روسيا لإنهاء الحرب، لأنه يبدو أن الدولتين لا ترغبان في مواجهة موسكو في أي وقت مستقبلي، وتالياً فان الرئيس الأوكراني فشل في جذب الغرب إلى جانبه للقتال ويعاني من الدعم الغربي له بعد الحرب إذا ما خرقت كييف «الاتفاقية» في حال توقيعها.

يواجه زيلينسكي تحديات داخلية أخرى تتمثل بالتيار النازي القوي، والذي كان جابهه في مراحل سابقة من حكمه. فمن الواضح ان الرئيس فلاديمير بوتين كان حدد أهدافه الأولى منذ 24 فبراير الماضي، يوم بدأت الحرب. وهي إلى جانب الاعتراف بجزيرة القرم على أنها روسية ورفض انضمام أوكرانيا إلى حلف «الناتو»، وإيقاف إمدادات أسلحة من الغرب واستعادة مقاطعة دونباس، فإنها شملت إنهاء «النازيين الجدد» ونفوذهم القوي، خصوصاً في الجنوب الأوكراني.

وتستخدم روسيا وجود النازيين الجدد، كهدف لإكمال سيطرتها على ماريوبول في الجنوب، وكشرط أساسي في معاهدة الاستسلام. بينما يتغاضى الغرب عن هذه الحقيقة التي يحاول إنكارها بعض المسؤولين الأميركيين والأوروبيين الذين ساهموا في إظهار النازيين الأوكرانيين وانتشار نفوذهم.

إلا أن علاقة الحكومة الأوكرانية مع أحزاب اليمين المتطرف تعود إلى عام 2014 حين سيطر هؤلاء ومعهم النازيون الجدد على الساحات التي قامت بانقلاب ذاك العام، وبعدها بالهجوم على الانفصاليين في منطقة دونباس، شرق أوكرانيا، التي تحاول روسيا فصلها عن سلطة كييف بعدما احتلت القوات الروسية نحو 75 في المئة من مساحة دونباس الإجمالية التي تمثل 13 في المئة من مجمل مساحة أوكرانيا.

من المرجح أن تؤدي الحرب إلى زيادة نفوذ النازيين الجدد واليمين المتطرف، خصوصاً حزب «سفوبودا» الذي يرأسه اوليه تيانيبوك وأندريه باروبي، وهما عملا مع الإدارة الأميركية في شكل لصيق لقيادة المسيرات ومداهمة مستودعات الشرطة ليصبحا من قادة الميدان الأوكراني في كييف عام 2014.

وهما من الذين رفضوا حينها اتفاق 21 فبراير الذي اتفق عليه وزراء خارجية الدول الأوروبية مع الرئيس المنتخب فيكتور يانوكوفيتش ويقضي بإجراء إنتخابات جديدة ونزع سلاحهم، فقادا المسيرة العنيفة على البرلمان التي أطاحت بالحكومة أيضاً.

وعين هؤلاء - باتفاق مع وزارة الخارجية الأميركية - أرسيني باتسيتيوك، رئيساً جديداً للوزراء، قبل أن يسقط بعد عامين بسبب اتهامه بالفساد.

وهو كان كافأ الحزب المتطرف «سفوبودا» بثلاثة مناصب وزارية ومنصب نائب رئيس الوزراء ورئاسة البرلمان.

وبدأت حملة «تطهير البلاد» من الموالين لروسيا، وانضم اليمين المتطرف إلى القتال المسلح ضد مقاطعة دونباس التي تسكنها أكثرية من الأوكرانيين الناطقين باللغة الروسية.

وسيطر النازيون الجدد على «كتيبة أزوف» التي أسسها أندري بيلتسكي، والذي وضع هدفاً يريد من خلاله تخليص أوكرانيا من جميع الناطقين باللغة الروسية والأعراق الأقل شأناً، هو الذي قاد المعركة لاستعادة ماريوبول من الانفصاليين.

ويسيطر هؤلاء اليوم أيضاً على مناطق في الغرب، كمدينة ليفيف قرب الحدود البولندية.

بعد انتخاب زيلينسكي عام 2019، هدد اليمين المتطرف بعزله من منصبه إذا تفاوض مع قادة الانفصاليين في دونباس، ما اضطر الرئيس الجديد حينها إلى رفض التحدث إلى القادة الانفصاليين ونعتهم بـ «الإرهابيين».

وكان الرئيس باراك أوباما حظر بيع السلاح إلى أوكرانيا، وهو القرار الذي ألغاه الرئيس دونالد ترامب لأنه لم يمانع في تسليح النازيين الجدد الأوكرانيين أو دعم الزعماء الذين اتهموا بالفساد وجعلوا أوكرانيا، أفقر دولة في القارة الأوروبية.

وقارن مركز صوفان الإستراتيجي الأميركي - الذي يعنى بالإرهاب ومكافحة الإرهاب - أسلوب وممارسة «كتيبة أزوف» النازية بتنظيم «القاعدة» و«داعش».

إلا أن ذلك غير ذي أهمية للولايات المتحدة المعروفة ببراغماتيتها، والتي لا تعتبر النازيين مشكلة تحول دون التعامل معهم، بل إن مقارعة روسيا ومحاولة ترويضها أو كسر اقتصادها يقع في سلم أولويات واشنطن، حتى ولو سيطر اليمين المتطرف على دولة في أوروبا الشرقية.