كلمات من القلب

رمضان وطفولة البحرين...

31 مارس 2022 10:00 م

ما أسرع خطوات الأيام، كنا بالأمس مودعين رمضان وها نحن اليوم مستقبلونه، اللهم لك الحمد الذي اعاده علينا.

إن لشهر رمضان رائحة طيبة تختلف عن كل الشهور، يأتي هذا الشهر حاملاً معه بشاير خير ورحمات وأجوراً مضاعفة، وأيضاً يأتي محملاً بحنين وذكريات لا تنسى ويتجدد ذكراها في كل شهر رمضان، بل أصبح جزءاً من ماضي حياتي يأخذني الحنين إلى تلك الأيام، أيام طفولتي، وأول صيامي وأنا طفلة صغيرة كان في البحرين، حيث كنا نقضي إجازتنا الصيفية مع الوالدة، رحمة الله عليها.

فذكرى صيامنا بالصغر وما تحتويه من قصص لا تفارقنا، فلكل منا ذكريات الطفولة الحلوة والمرة في هذا الشهر، فبالنسبة لي رمضان الطفولة، هو رمضان صيف البحرين نهاراً و«دواعيس» السكك الضيقة في المحرق مساءً.

كنا مجبرين بقضاء الإجازة الصيفية الطويلة والتي كانت ثلاثة شهور حارة ورطبة بحرارة ورطوبة صيف البحرين بسبب الزيارة العائلية لأهل وعائلة الوالدة، رحمة الله عليها، فأمي من عائلة الزياني الكرام من البحرين.

فلو استرجعت طفولتي وصيامي في ذلك الوقت فسأجد انه كان متعباً ونحن صغار في نهار حار وحيث الرطوبة المرتفعة، وكانت أمي تسمح لنا بشرب الماء وتقول انه ما يفطر الصغار. أما الكبار فيكملون صيامهم... كنا ننتظر موعد الافطار بلهفة وشوق للأطباق البحرينية اللذيذة فأنا من طفولتي من عشاق «الثريد»، «والخنفروش» ومازلت.

وبعد اذان العشاء نتراكض بسرعة للعب في الفريج وسكك المحرق التي امتلأت بأطفال الفريج بنات وأولاد، كل منا يلعب بألعابه الخاصة بجنسه وعمره. فنحن البنات نردد أهازيج بحرينية جميلة نستقبل بها شهر الصوم نقول فيها «حياك الله يا رمضان يا با القرع والبيديان (الباذنجان)».

لم نفهم معنى وجود هذه الخضار في الأغنية إلا بعد ما كبرنا وعرفنا أنها توضع بكثرة على المرق الذي يعمل به الثريد (التشريبة) وهي من أهم الأكلات لدينا في رمضان، كانت وما زالت إلى اليوم.

ذكريات جميلة لأيام رائعة، ولا أنسى قبل الفطور وتوزيع نقصة من فطور البيت على الجيران، تبادل أطباق بين الفريج الواحد.

يا لها من ذكريات كبرت معنا ومازالت محافظة على عبقها في داخلنا.

فيا ليت يكون رمضان هذا العام رمضان الذكريات الجميلة التي كانت تجمعنا مع أشخاص قد غابوا عنا بسبب خصام أو زعل أو سوء تفاهم، فجميل أن نبدأ بالسلام والسؤال ونفتح معهم البوم الذكريات الرمضانية والذي يحتوي ذكرى صيام الطفولة، وأكياس القرقيعان التي تخيط لنا ونلبسها بكل سذاجة وعفوية، ونتسابق أيهما أكثر كيس ممتلئ بالحلوى وبعدها نفترش الأرض ونرمي كل ما تحتويه ونقوم بأكله وتبادل المحتويات التي أكل عليها الزمن ولكنها ألذ من سويسرا وباريس.

عاد رمضان ولكن هناك من كان ينتظره ولم يعد عليه. إن في القبور أشخاصاً كانوا معنا في رمضان صائمين وقائمين وفرحين، أشخاصاً نحبهم وأحبونا، واشتقنا لهم كلما اجتمع الأحبة وتذكرناهم كلما تمر بنا المناسبات، غابوا عنا بين أحضان القبور قد واراهم الثرى، اسأل الله أن يجعل قبورهم روضة من رياض الجنة، وان يؤنس وحشتهم وينوّر قبورهم ويفتح لهم باباً من ابواب الجنة في قبورهم على مد بصرهم اللهم آمين.