قيم ومبادئ

قيم الديموقراطية وهمٌ!

24 مارس 2022 10:00 م

يمكن أن ألخص الأخلاق الديموقراطية -عند المنادين بها- في كلمة واحدة وهي السماحة، وإذا نظرنا إلى دين الدولة الإسلام وبحسب الدستور لوجدنا أنه ما من صفة أمرَ بها الإسلام إلّا جاز أن توصف بالسماحة، لأنها صفة تميّز بها المجتمع الكويتي قبل النفط، فقد تلاحموا بالسراء والضراء، وإن تفارقوا في الأقدار والأعمال!

فتجد الكبير يرحم الصغير والصغير يوقر الكبير، كما تجد عندهم الكبرياء خلةٌ ذميمة، والقول سواء كان للحاكم أو المحكوم قول حسن وليس لأحد أن يسخر من أحد ولا يُفشي سرّهُ.

وللمرء على صاحبه حق في حال غيبته أعظم منه حال حضوره؟ كما أن الحقوق مـؤداة لأهلها فلا مطل في الديون ولا نكران للمعروف ولكنه وفاء المودة والمعونة لا على البغضاء والشحناء؟ ومن البخل المذموم أن يغلو المرء في مقاضاة غريمه ولو كان مُعسراً!

وفي الإصلاح بين الناس وتوكيد الصدق للإصلاح وليس بالكذاب الذي يُصلح بين الناس فيقول خيراً أو يُنْمي خيراً ليُصلح بين المتخاصمين، والرفق بالناس والتيسير عليهم أمر مطلوب وجُبل عليه المجتمع الكويتي آنذاك. وهنا نقول أين هذه القيم التي جاء بها الإسلام من الكتل السياسية عندنا بالكويت؟ والتيارات الحزبية في عالمنا الديموقراطي اليوم؟ لقد ضاعت معظم قيمنا الإسلامية واستبدلناها بقيم أوروبا وأميركا، وتوسعنا في باب الحريات والحقوق حتى دخلنا باب الحرمات والعقوق؟ فأهُدرت حرمة أعراض الناس والمال العام، وأصبح مستباحاً فلا قانون يمنع ولا مجلس أمة يـؤيد؟ ولا تربية تحجز! ومن له حيلة فليحتل!

وفي هذا المعرض مجال لبيان مدى التجني الواضح ممن يزعمون أن أحكام الإسلام وآدابه حالت بينهم وبين النهضة ومراعاة أحوال العصر في التشريع؟ ولنضرب لذلك مثلاً... عقوبة التعزير في الفقه الإسلامي، فهذه العقوبة وحدها كافية لتمنع واضعي النظم الحديثة من أن يتجنوا على التشريع الإسلامي أو يتهموه بالتحجر على الحكومات في وضع القوانين الملائمة لكل زمن، حيث تنوعت عقوبة التعزير من القتل إلى النفي إلى التوبيخ إلى الغرامة أو الحبس، فليس ثمة ما يمنع الحاكم أن يختار من هذه العقوبات من أجل إصلاح المجتمع وهذا يحملنا إلى هذه النتيجة المستقرة وهي أن قواعد العقوبات الإسلامية في الفقه الإسلامي قامت عليها شؤون الجماعات من البشر بمختلف الثقافات منذ آلاف السنين وهي لا تعاني كل ما يعانيه النظام الدولي المعاصر؟ كالغزو والاحتلال والظلم والجرائم والسرقات والغش!

في مقابل العقوبات المحدثة في القانون الدولي وفي مجلس الأمن والمحكمة الدولية والأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي والمؤسسات التابعة، لم تكن تصلح للتطبيق قبل ألف سنة وكانت تتنافى مع مقتضيات العصر في ذلك الحين، ولكن القواعد القرآنية بما فيها من وسائل الحيطة والضمان ومباحات التصرف الملائم لنصوص الكتاب والسنة ولا تتعارض معها وتفي بمتطلبات الزمان والمكان كل ذلك قد صَلُح للتطبيق قبل ألف سنة!

كما أنه يصلح في هذه الأيام دون الضرورة الملجأة وسيبقى صالحاً إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وعليه نقول يجب فتح باب الاجتهاد في كل عصر بل هو فريضة على العلماء اليوم خصوصاً مع عُرف بالرسوخ في العلم مع البصيرة في واقع الناس واشتهر بالتعقل والعمل بما يؤمر به عن فهم ودراية.

ومذهب الفضلاء المتأخرين في هذا أرجح من مذهب القائلين بالثورات والمتعصبين للمذاهب المنادين بإقفال باب الاجتهاد، ومازالوا يعيشون داخل جحورهم التنظيمية والحزبية!

والسبب في ذلك لأن مراجع فقه الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة كانت مطوية عنهم أو مقصورة عند فقه - الجماعة - أو على بلد دون بلد؟ ولكنها بحمد الله قد نُشرت اليوم وتيسّرت لمن يُحسن فهمها والاقتباس منها مع حفظها والقيام بها علماً وعملاً، فلا يقفل باب الاجتهاد مع فتح باب التكليف إلا بهذا القيد فهل نعقل هذا؟ بدل الانسياق وراء سراب القيم الديموقراطية.