سفير أوروبي مخضرم لـ«الراي»:

أوروبا «تنتحر للمرة الثالثة»

22 مارس 2022 10:00 م

«لقد انتحرت أوروبا عندما خاضت الحرب العالمية الأولى. وانتحرت للمرة الثانية عندما خاضت الحرب العالمية الثانية... وها هي تنتحر من جديد، من خلال العقوبات التي تفرضها على روسيا، شريكها الاقتصادي وبالأخص في مجال الطاقة، لتدفع القارة الثمن الباهظ وتربط نفسها لعشرات السنين بقرار الولايات المتحدة».

هكذا قال لـ«الراي» أحد السفراء الأوروبيين المخضرمين، والذي طلب عدم الكشف عن اسمه، في وقت تتحضر بروكسيل، للقاء الرئيس الأميركي جو بايدن، غداً الخميس، لبحث الحرب الروسية على أوكرانيا.

لا يمر يوم في قلب العاصمة الأوروبية بروكسيل، من دون اجتماعات بين قادة أو مسؤولي دول الاتحاد الأوروبي، لبحث الحرب وتداعياتها الخطيرة على الأمن الأوروبي والأمن الغذائي والطاقة.

ويقول جوزف بوريل - الذي يشغل منصباً مهماً في الدوائر الأوروبية وبالأخص بالتمثيلية الخارجية للاتحاد الأوروبي، إن «أوروبا في خطر لأن الحرب في أوكرانيا تشكل تحولاً في المشهد الجيو - سياسي للقارة التي تخصص 1.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، أي نحو 200 مليار يورو، للإنفاق العسكري. إلا أننا لن ننشئ جيشاً أوروبياً لكننا سنعمل على إنشاء قوة قوامها 5000 جندي للتدخل في الأزمات».

هذا هو الرد الأوروبي على مقترح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بضرورة إنشاء جيش يكون قراره أوروبياً.

ويتابع السفير الأوروبي لـ«الراي»، أن «أوروبا قررت السير خلف الولايات المتحدة، حتى اقتصادياً».

ويوضح «سيكون لدينا مرافئ لاستقبال مصادر الطاقة من أميركا وليس روسيا، ليصبح أمن الطاقة بيد واشنطن. وسنبتعد عن روسيا بداية ومن ثم سنبتعد عن الصين، لنعزل أنفسنا داخل القارة ونسلم القرار للولايات المتحدة... إنه انتحار أوروبي جماعي».

تتلقى أوروبا، القرار الأميركي، بضرورة أخذ موقف موحد من الحرب على أوكرانيا. وقد فرض على القادة الأوروبيين العمل للتخلي تدريجياً عن موسكو التي تزود أوروبا بـ40 في المئة من احتياجاتها من الطاقة. وهذا يعني إن ارتفاع الأسعار للسلع اليومية والغذائية الذي يصيب الأسواق الأوروبية، سببه القرار الأوروبي بمعاقبة روسيا ومعاقبة القارة في الوقت نفسه.

ويرتفع عدد اللاجئين الأوكرانيين المتدفقين إلى أوروبا، والذين يتوقع أن يصل عددهم إلى نحو ثمانية ملايين. وتالياً فإن أوروبا تتحضر وتستعد لتقديم الخدمات الأساسية. وهذا يهدد، مع ارتفاع أسعار النقل، بأزمة اقتصادية حادة، خصوصاً أن القارة الأوروبية لم تخرج بعد من نتائج الضربة الاقتصادية التي تلقتها من خلال فيروس كورونا المستجد.

ومازالت الحرب الروسية دائرة في أوكرانيا، من دون أن يعلم أحد في العالم - ما عدا موسكو - ما هي الأهداف والوقت الذي خصصه الرئيس فلاديمير بوتين لها... إلا أن الدفاعات مازالت على قدم وساق لحلف الشمال الأطلسي خصوصاً على الجبهة الشرقية الأوروبية، تحسباً لما سيحدث بعد أوكرانيا، وهل سيكمل زعيم الكرملين، وهو أمر مستبعد، الحرب باتجاه دول من داخل «الناتو».

لن يتوجه بوتين إلى الدول الأعضاء للحلف بعد أوكرانيا، لأن ذلك من شأنه أن يطلق العنان لحرب أكبر بكثير من الحالية.

إلا أن ذلك لن يمنعه من الضغط على دول «الناتو» لسحب القنابل النووية الأميركية الـ150 المنتشرة على مسافة قريبة من بلاده.

بل من المتوقع أن يطالب الكرملين دول الغرب بإزالة السلاح النووي من القارة بعد تحقيق كل أهدافه في أوكرانيا!