على الرغم من تسجيل أرقام قياسية خلال موجة «أوميكرون»، على مستوى حالات الإصابة بفيروس «كورونا» المستجد، فإن الكويت استطاعت تحقيق «العبور الآمن» منها بأفضل النتائج وأقل الخسائر، خلال 55 يوماً فقط، ما بين نهاية ديسمبر 2021 ونهاية فبراير 2022، لتسطر المنظومة الصحية، بتعاون مؤسسات الدولة، فصلاً جديداً من النجاح في التعامل مع الوباء.
تتعدد وتتنوع العوامل التي ساهمت في عبور هذه الموجة بزمن قياسي، وفق مصادر مطلعة، وهو ما تكلل بإقرار سلسلة من الاجراءات الانفتاحية التي أعطت الإشارة لبدء العودة الشاملة للحياة الطبيعية، والانتقال إلى مرحلة جديدة من التعايش الكلي مع الوباء.
وفضلاً عن تجاوز الموجة سريعاً، فإن السلطات لم تضطر إلى اللجوء لأي نوع من الإغلاقات أو فرض أي نوع من الحظر أو العزل المناطقي.
وترصد «الراي» في ما يلي أبرز العوامل التي أدت إلى سرعة تخطي هذه الموجة، في ظل المواءمة المستمرة بين الإجراءات الاحترازية الضرورية على المستوى الصحي والجانب الاقتصادي:
1 - طبيعة «المتحور»
مع ظهور المتغيّر «أوميكرون» في نهاية العام الماضي، سادت حالة من الخوف والهلع في الكثير من دول العالم، بعدما كانت قد بدأت تتراجع تدريجياً مع السيطرة على الوباء، لا سيما في ظل التقارير الأولية عن انتشاره السريع مقارنة الطفرات السابقة للفيروس.
لكن رغم تسارع الانتشار إلا أن حالات الدخول إلى المستشفيات ووحدات العناية المركزة كانت أقل من موجات المتحورات السابقة، فضلاً عن أن المؤشرات الأولية لحالات الوفاة بسببه جاءت أيضاً مطمئنة لحد كبير، وبالتالي كانت أعداد الإصابات قياسية لكن غالبيتها تتعافى من دون دخول المستشفيات.
2 - المناعة المجتمعية
وفق التقارير العلمية، فإن من العوامل الأساسية في تجاوز مرحلة الفيروسات الوبائية، تراكم المناعة عن طريق التطعيم أو الإصابة التي تؤثر بشكل كبير على الفيروس وتحوره لإنتاج مرض أقل خطورة.
وعليه، فإن جهود حملة التطعيم ساهمت في تحقق المناعية المجتمعية مع وصول نسبة من تلقى اللقاح إلى نحو 85 في المئة من الشريحة المستهدفة من سكان البلاد.
3 - الوعي الجماعي
شكل الوعي الجماعي للمجتمع وصناعة الإرادة دوراً بالغ الأهمية في تجاوز هذه الموجة.
وتمثل ذلك بالحرص على الالتزام بالاشتراطات الصحية، والمبادرة إلى تلقي التطعيم وتجنب المعلومات الصحية المضللة، أو ما بات يعرف بـ«الوباء المعلوماتي» الذي ساهم به أصحاب الآراء والمعلومات المغلوطة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
4 - الخبرات التراكمية
لعبت الخبرات التراكمية للكوادر الطبية والمنظومة الصحية، على مدى أكثر من عامين، دوراً بارزاً في تجاوز هذه الموجة وتداعياتها، على الرغم مما شهدته من تسجيل أرقام قياسية على مستوى الإصابات والحالات النشطة التي وصلت إلى 55058 حالة، وهو ما انعكس إيجاباً على حالات الوفاة، التي شكلت الحصيلة الأقل مقارنة بموجات الوباء الثلاث السابقة.
كما يرجع ذلك أيضاً إلى عدد من العوامل الأخرى، أهمها طبيعية المتحوّر وتحقق المناعة المجتمعية.
5 - التحرك السريع
في ظل تطورات المتحوّر الجديد، وسرعة انتشاره في عدد من دول العالم، بادرت الجهات المعنية لاتخاذ حزمة من الإجراءات الاحترازية، في الوقت المناسب، والتي شملت على سبيل المثال وقف إقامة المناسبات الاجتماعية، واشتراط اكتمال التحصين للقادمين للبلاد، وتحديد نسبة العاملين في مقار العمل الحكومية، وتفعيل الخدمات عن طريق «الأونلاين»، ومواصلة الجهود التوعوية للحض على تلقي التطعيم والجرعة التعزيزية، وغيرها من الإجراءات الأخرى.
6 - تماسك المنظومة الصحية
نجحت المنظومة الصحية بفضل تميّز كوادرها وقوة إمكاناتها في العبور بالبلاد إلى بر الأمان، منذ بداية الأزمة وحتى تجاوز الموجة الأخيرة، إذ تحتل الرعاية الصحية في البلاد قمة الاهتمامات، مع تسخير الدولة كل أوجه الدعم والمساندة للقطاع الصحي الذي خاض معركته ضد الوباء، وفق أعلى درجات المهنية والتفاني.
7 - استيطان المرض
تشير تقارير علماء الفيروسات إلى أن الفترة الزمنية لبقاء الفيروسات، تتراوح بين عامين ونصف العام إلى 3 أعوام، لتنتقل بعدها إلى مرحلة جديدة يمكن السيطرة والتحكم فيها مع تطور الفيروسات الوبائية إلى مرض مستوطن. وهذا الأمر قد يكون أحد العوامل التي لعبت دوراً في سرعة الخروج من هذه الموجة.