قبل يومين من طي صفحة العام 2009، وجه صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الصباح (حفظه الله ورعاه) خطاباً للأمة بأسرها، وقد جاءت فيه دعوة من ولي الأمر لأبنائه وبناته بمختلف الأعمار من طلاب وطالبات وأولياء أمور والعاملين، وإلى السلطتين التشريعية والتنفيذية والعاملين في الحقل الإعلامي، تهدف إلى رص الصف والتوجه إلى المولى بالحمد على نعمة الأمن والأمان.
والعام الجديد يطوي ما قبله، والثانية التي تمر لا يمكن العودة إليها، فهي ذاهبة إلى حيز التاريخ بحلوها ومرها بالخطأ والصواب، بالاعتدال والانحراف عن جادة الصواب. وتأخذنا الأيام بدورة أحداثها، ففينا من يتعظ وبعضنا بحاجة إلى جلسة تنويم مغناطيسي، كي نفهم ما يدور في عقله الباطن عبر معالجة نفسية، لعل وعسى أن نفهم ماذا يريد من «شطحات» فكره غير المفهومة.
عندنا قوانين جميلة ودستور رائع وعقول نيرة، ونملك من الخير الكثير، والنعمة بحاجة إلى من يقدرّها ويشكر الله عليها... والقوانين تكتب وتعلق على الجدران، في وقت يغمض البعض عينيه عنها لرغبة في نفسه، مما ينتج عنها انتهاكا للقانون وتداخل في الاختصاصات... إنها النفس البشرية التي حوّلت الساحة إلى مساحة خصبة لزرع إفرازات سلوكية أوقفت عجلة التنمية ودهورت حال التعليم والصحة وغيرها من الخدمات.
في العام الجديد نريد للعقلاء كلمة مسموعة، وللفكر الاستراتيجي منهجاً يُتبع، وللقيادات السليمة فرصة لانتشال البلد من «المطبات» التي أخّرت عجلة التنمية.
في العام الجديد نريد أن نرى شوارع من غير زحمة... نريد علاجاً سليماً وحقلاً طبياً يُدار بأفضل النظم.
في العام الجديد نريد مشاريع تنموية، تعليماً مستواه راقٍ، خدمات ومعاملات تنتهي بدقائق بفضل تفعيل الحكومة الإلكترونية، بريداً يصل في اليوم نفسه، أسعاراً تنخفض وتحمي جيب البسطاء... نريد باختصار حالاً من الرخاء في تركيبة سكانية عادلة... نريد العدل والمساواة وتكافؤ الفرص.
إن القيادة الصحيحة هي تلك التي تؤمن في تحويل الأحلام إلى واقع: فهل لدينا قياديون فاعلون لمواجهة أحلام الغد؟
إننا قبل أن نحلم علينا أن نزور المدارس ونختبر قدرات طلبتنا، أن نسير في الشوارع، أن نذهب إلى الوزارات، أن نشاهد المآسي الصحية... علينا أن نتفقد الواقع قبل أن نكتب الأفكار المستقبلية على قصاصات الورق... شوفوا الحاضر وافهموه أولاً وبعدين «يفتح الله»!
الله يرحم والديكم أين نحن الآن؟ وهل فهمنا ما تضمنه خطاب صاحب السمو الأمير؟ والله المستعان!
تركي العازمي
كاتب ومهندس كويتي
[email protected]