فشل وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأوكراني دميترو كوليبا، أمس، في التوصل إلى اتفاق حول وقف لإطلاق النار في أوكرانيا، خلال أول لقاء بينهما، منذ بدء هجوم الجيش الروسي الذي يواصل زحفه مع وصول دباباته إلى مداخل العاصمة كييف، في حين حذر الرئيس فلاديمير بوتين، من أن العقوبات الغربية، قد تؤدي إلى ارتفاع هائل في أسعار المواد الغذائية عالمياً، في وقت تعد روسيا من أكبر منتجي الأسمدة الضرورية لسلاسل الإمداد العالمية.
وقال بوتين في اجتماع حكومي متلفز، إن «روسيا وبيلاروسيا من أكبر مزودي الأسمدة المعدنية. إذا استمروا في اختلاق المشكلات للتمويل والخدمات اللوجستية الخاصة بتسليم سلعنا، عندئذ سترتفع الأسعار وهذا سيؤثر على المنتج النهائي، السلع الغذائية».
وتابع أن روسيا ستخرج في نهاية المطاف من الأزمة أقوى وأكثر استقلالية بعد التغلب على الصعوبات الناجمة عن «العقوبات الغربية غير المشروعة».
وأعلن بوتين، أنه «لم يكن هناك بديل للعملية العسكرية الخاصة»، وأن روسيا «ليست الدولة التي يمكنها قبول المساس بسيادتها من أجل مكاسب اقتصادية قصيرة المدى».
وتابع «هذه العقوبات كانت ستفرض على أي حال... هناك بعض المشاكل والصعوبات لكننا تغلبنا عليها في الماضي وسنتغلب عليها»، معتبراً أن «الغرب يخدع شعوبه والعقوبات على روسيا غير مشروعة».
في المقابل، شدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتس، خلال محادثات هاتفية مع بوتين على ضرورة «مرور أي حل لهذه الأزمة بمفاوضات بين أوكرانيا وروسيا»، وطالبا بـ «وقف فوري لإطلاق النار»، وفق مصدر حكومي ألماني.
وأقر الكرملين، أمس، بأن الاقتصاد الروسي يتعرض «لصدمة» وأن إجراءات تتخذ لتخفيف أثر ما وصفه بحرب اقتصادية «غير مسبوقة على الإطلاق».
ووصف الناطق دميتري بيسكوف للصحافيين في مؤتمر عبر الهاتف، الوضع بـ «المضطرب»، لكنه قال إنه يجري بالفعل اتخاذ إجراءات للتهدئة وإعادة الاستقرار.
وأضاف «هذا غير مسبوق على الإطلاق. الحرب الاقتصادية التي بدأت ضد بلدنا لم يشن مثلها من قبل. لذلك من الصعب للغاية التنبؤ بأي شيء».
من جهتها، حظرت الحكومة الروسية، تصدير أجهزة الاتصالات والمعدات الطبية والزراعية والكهربائية والتكنولوجية والسيارات، من بين أشياء أخرى حتى نهاية عام 2022 رداً على العقوبات الغربية.
وتم إدراج أكثر من 200 بند في قائمة الصادرات المحظورة والتي شملت أيضاً عربات السكك الحديد والحاويات والتوربينات وغيرها من السلع.
وفي أنطاليا (جنوب تركيا)، تمسك لافروف وكوليبا، بمواقفهما خلال الاجتماع الأول على هذا المستوى منذ 24 فبراير الماضي، برعاية نظيرهما التركي مولود جاويش أوغلو، الذي قال إن الاجتماع كان متحضرا رغم كل الصعوبات وإن أهم نتيجة للمحادثات كانت الاتصال بين الجانبين.
وقبيل بدء الاجتماع الثلاثي، استقبل أوغلو، واجتمع على انفراد، مع كل من الوزيرين اللذين وصلا مساء الأربعاء إلى تركيا ونزلا في فندقين مختلفين.
وأقر الوزير التركي لاحقاً، بأن أحداً لم يتوقّع أن يحدث هذا اللقاء «معجزة»، لكنّه أعرب عن أمله في تنظيم قمة بين بوتين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
واستقبل أوغلو، أولاً، كوليبا الذي كان مبتسماً، ثم لافروف الذي ظهر عابساً. ولم يتصافحا علناً، وفقاً للصحافيين الموجودين.
وقال كوليبا للصحافيين «تحدثنا عن وقف لإطلاق النار ولكن لم يتم إحراز أي تقدم في هذا الاتجاه»، مضيفاً أنه «يأمل» في أن يتمكن من مواصلة النقاش مع نظيره الروسي.
وتابع أن لافروف أكد له أن روسيا «ستواصل عدوانها إلى أن نقبل شروطهم بالاستسلام». وصرح «سمعت أن الاتحاد الروسي ربط وقف إطلاق النار في أوكرانيا باحترام مطالب الرئيس بوتين».
وأكد أمام الصحافيين أن «أوكرانيا لم تستسلم ولن تستسلم الآن ولا مستقبلاً».
من جانبه، قال لافروف إن روسيا تريد مواصلة الحوار، لكنه اعتبر أن «الصيغة الروسية - الأوكرانية في بيلاروسيا» التي تجري على مستوى تمثيل أدنى «لا بديل لها». وعُقدت منذ بداية الغزو ثلاث جولات من المحادثات في بيلاروسيا، أسفرت عن وقف لإطلاق النار وفتح ممرات إنسانية لإجلاء المدنيين من البلدات المحاصرة.
لكن روسيا اتُهمت مراراً بانتهاك هذه الاتفاقيات. وقال لافروف «لا نعتزم مهاجمة بلدان أخرى، نحن لم نهاجم أوكرانيا».
كما تفرض روسيا حصاراً على المدن الكبرى وحملة قصف مكثف كالتي استهدفت مستشفى للأطفال الأربعاء في ماريوبول، الميناء الاستراتيجي على بحر آزوف (جنوب شرق) المحاصر من قبل القوات الروسية.
وأعلنت رئاسة بلدية ماريوبول، أمس، مقتل ثلاثة أشخاص بينهم فتاة صغيرة في حصيلة جديدة وإصابة 17 شخصاً. وقال عضو في الإدارة العسكرية لمنطقة دونيتسك لـ «فرانس برس»، إن القصف وقع بينما كانت نساء يلدن في المستشفى الذي أعيد تجهيزه للتو.
وأعلن لافروف أن المستشفى كان يستخدم قاعدة لكتيبة قومية.
وتابع «استولت كتيبة آزوف ومتطرفون آخرون على عيادة التوليد منذ فترة طويلة وتم طرد جميع الحوامل والممرضات وجميع موظفي الدعم».
وأعلنت رئاسة بلدية المدينة أن حصار ماريوبول، الذي استمر تسعة أيام أسفر عن مقتل 1207 أشخاص. وذكرت وزارة الدفاع الروسية أن العديد من الأحياء شرق المدينة استولت عليها القوات الانفصالية الأوكرانية الموالية لروسيا.
كما اعتبر لافروف «تسليم الغرب أسلحة لأوكرانيا» أمراً خطيراً.
وصرح للصحافيين بأن «الذين يغرقون أوكرانيا بالأسلحة يجب أن يدركوا بالتأكيد أنهم سيتحملون مسؤولية أفعالهم»، مديناً خصوصا تسليم شحنات صواريخ أرض - جو محمولة على الكتف اعتبر استخدامها مخالفاً «للطيران المدني».
ودان تجنيد «مرتزقة» أجانب.
وقال لافروف، من ناحية ثانية، إنه لا يعتقد أن المواجهة بين روسيا والغرب «ستفضي إلى حرب نووية».
وفي السياق، أكد نائب مدير إدارة منع الانتشار والحد من التسلح في الخارجية الروسية إيغور فيشنفيتسكي، أن «الحرب النووية مستحيلة كونها تعني نهاية الحضارة».
من ناحيته، دعا كوليبا، القوات الروسية إلى مغادرة منشآت الغاز والمحطات النووية الأوكرانية.
محاصرة كييف
ووصلت دبابات روسية أمس، إلى أطراف المناطق الواقعة شمال شرقي العاصمة كييف.
وبحسب رئاسة الأركان الأوكرانية، تواصل القوات الروسية «عمليتها العدوانية» لمحاصرة كييف بينما تهاجم على جبهات أخرى مدن إيزيوم وبتروفسكي وهروتشوفاكا وسومي وأختيركا وفي منطقتي دونيتسك وزاباروجي.
وفي شمال كييف، أقام جنود نقاط تفتيش وحفروا خنادق في درجات حرارة بلغت 9 تحت الصفر.
وأعلن رئيس بلدية كييف فيتالي كليتشكو، أمس، أن نصف سكان العاصمة الأوكرانية فروا. وقتل ما لا يقل عن 71 طفلا منذ بدء الغزو، على ما أعلنت ليودميلا دينيسوفا المكلفة حقوق الإنسان لدى البرلمان الأوكراني، أمس.
وأفاد مراسل «فرانس برس»، أن أعمدة من الدخان تصاعدت في الشمال الشرقي فوق سكايبين على بعد أقل من كيلومتر من كييف. وقطع الطريق وحذر الجنود من أن المدفعية قد تقصف في أي وقت.
وبحسب الناطق باسم وزارة الداخلية فاديم دينيسينكو، دمرت القوات الأوكرانية خمس دبابات روسية في هجوم مضاد في الضواحي الغربية لكييف.
وفتحت مجدداً ممرات إنسانية، أمس، للسماح بإجلاء المدنيين من المناطق التي تضررت كثيراً جراء القتال.
وكانت قافلة حافلات تتجه صباحاً إلى شمال غرب كييف حيث تنظم السلطات إجلاء أشخاص عالقين في إيربين وبوتشا. وأعلن زيلينسكي مساء الأربعاء، أنه تم إجلاء ما لا يقل عن 35 ألف مدني من سومي وإنرهودار ومناطق قريبة من العاصمة كييف.
وفي وارسو، قالت نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس، للصحافيين إن «الحلف الأطلسي أقوى وروسيا أضعف بسبب ما قام به بوتين، هذا في غاية الوضوح لنا»، فيما ندد الرئيس البولندي أندري دودا بـ«وحشية» القوات الروسية التي تنطوي على «كل عناصر إبادة».
ويقول الصحافي ميخائيل زيغار، مؤلف كتاب «كل رجال الكرملين»، أحد أكثر الكتب مبيعاً في روسيا، في مقال رأي نشرته صحيفة «نيويورك تايمز»، أمس، إن مصادره الخاصة أبلغته أن سلوك بوتين خلال العامين الماضيين «ينذر بالخطر».
ويضيف أن رجال أعمال بارزين ومصادر مطلعة من داخل الكرملين، طلبوا جميعهم عدم الكشف عن هوياتهم، أبلغوه أن قرار الغزو جاء نتيجة قيام بوتين بعزل نفسه عن محيطه، وإيمانه العميق بضرورة استعادة الهيمنة الروسية على أوكرانيا، وقراره بإحاطة نفسه بالمنظرين والمتملقين.
ويكشف هؤلاء، وفقا لزيغار، أن بوتين أمضى ربيع وصيف عام 2020 في عزلة تامة في مقر إقامته في فالداي، وهي بلدة تقع في منتصف الطريق تقريبا بين موسكو وسانت بطرسبورغ. وبحسب مصادر مطلعة في إدارة بوتين، كان يرافق الرئيس الروسي في حينه يوري كوفالتشوك، وهو أكبر مساهم في «بنك روسيا»، ويسيطر على العديد من وسائل الإعلام المعتمدة من الدولة وكان صديق بوتين المقرب والمستشار الموثوق منذ التسعينيات.
لكن بحلول عام 2020، ووفقا لمصادر زيغار، تمكن كوفالتشوك من إثبات نفسه باعتباره الرجل الثاني بحكم الأمر الواقع، والأكثر نفوذاً بين جميع المقربين من الرئيس.
ويقول إن كوفالتشوك، الحاصل على درجة الدكتوراه في الفيزياء، معروف بتأييده نظريات المؤامرة المعادية للولايات المتحدة. ويضيف: «يبدو أن هذه النظرية باتت موجودة لدى بوتين أيضا». منذ صيف 2020، كان بوتين وكوفالتشوك لا ينفصلان تقريباً، وكان الاثنان يخططان معا لاستعادة عظمة روسيا، وفقاً لزيغار.
ووفقا لأشخاص على دراية بمحادثات بوتين مع مساعديه خلال العامين الماضيين، فإن زعيم الكرملين فقد تماماً الاهتمام بقضايا الحاضر، كالاقتصاد والمسائل الاجتماعية، ووباء فيروس كورونا المستجد، وبدلاً من ذلك، أصبح بوتين وكوفالتشوك «مهووسين بالماضي».
وينقل الكاتب عن ديبلوماسي فرنسي أن الرئيس إيمانويل ماكرون اندهش عندما ألقى بوتين محاضرة مطولة عن التاريخ خلال إحدى محادثاتهما الشهر الماضي.
ويشير زيغار إلى أن بوتين يعتقد أنه في وضع تاريخي فريد يمكنه من خلاله أن يتعافى أخيرا من سنوات الذل السابقة التي أعقبت سقوط الاتحاد السوفياتي.
ويبين أن بوتين وكوفالتشوك يعتقدان أن الغرب استغل ضعف روسيا في تلك الفترة لدفع حلف الناتو إلى أقرب مكان ممكن من الحدود.
«يبدو أنه لا يوجد أحد مقرب منه يخبره أن هذا غير صحيح»، وفقاً للكاتب، الذي يؤكد أن بوتين لم يعد يلتقي بأصدقائه لتناول المشروبات وإقامة حفلات الشواء، بحسب أشخاص يعرفون الرئيس.
ويتابع أنه في السنوات الأخيرة، خصوصاً منذ بداية الوباء، قطع بوتين معظم الاتصالات مع مستشاريه وأصدقائه، وبات معزولا وبعيدا حتى عن معظم حاشيته القديمة.
ويقول أيضا أن حراس بوتين فرضوا بروتوكولاً صارماً لا يسمحون من خلاله لأي شخص برؤيته من دون الخضوع لحجر صحي لمدة أسبوع. ويشمل هذا الإجراء إيغور سيتشين، الذي كان ذات يوم سكرتيره الشخصي ويرأس الآن شركة «روسنفت».
وفرضت السلطات في موسكو حظراً شبه كامل على المعلومات غير الرسمية.
وعلقت العديد من المؤسسات الإخبارية الأجنبية العمل من روسيا.
وأغلقت السلطات، الأسبوع الماضي، آخر محطات بث كبرى مستقلة من عهد ما بعد الاتحاد السوفياتي، ويهدد قانون جديد بالسجن لمدد مطولة في حالة نشر تقارير «تنال من سمعة الجيش».
وبينما تتضاءل أعداد الروس، مقارنة بالمليوني شخص الذين فروا من أوكرانيا، فقد يكونون هم أوائل موجة من المغادرين بسبب تقلص الحرية السياسية والصعوبات الاقتصادية. وكان بوتين قال: «لا يوجد سبب حتى الآن لإعلان الأحكام العرفية».
وكانت منظمة «أو.في.دي-إنفو»، المعنية بمراقبة الاحتجاجات، أعلنت أن الشرطة الروسية اعتقلت الآلاف حتى الآن في احتجاجات مناهضة لغزو أوكرانيا.
وقال الناطق باسم الوزارة إيغور كوناشينكوف، أمس، «كان الهدف من هذه البحوث البيولوجية المموّلة من البنتاغون في أوكرانيا إنشاء آلية لانتشار مسبّبات أمراض قاتلة».
وأضاف أن موسكو حصلت على «وثائق قدمها موظفو المختبرات الأوكرانية»، مشيراً إلى «نقل مواد بيولوجية بشرية مأخوذة في أوكرانيا إلى دول أجنبية بطلب من ممثلين أميركيين».
وتحدث كوناشينكوف عن «مشروع أميركي لنقل مسببات أمراض عن طريق طيور برية مهاجرة بين أوكرانيا وروسيا ودول مجاورة أخرى».
وأكد أن الولايات المتحدة تُخطط «لإجراء أبحاث حول مسببات أمراض من طيور وخفافيش وزواحف في أوكرانيا في العام 2022» فضلا عن «إمكان انتشار حمى الخنازير الأفريقية والجمرة الخبيثة».
وتابع «في المختبرات الممولة في أوكرانيا، تظهر وثائق أن تجارب أُجريت على عينات من فيروس كورونا الذي تنقله الخفافيش».
من ناحيته، قال قائد قوات الدفاع الشعاعي والكيماوي والبيولوجي في القوات الروسية، إيغور كيريلوف، إن البنتاغون «قامت بإنشاء شبكة تتكوّن من 30 مختبراً بيولوجياً، في مدن لفيف وخاركيف وبولتافا»، مشيراً إلى أنه تم تدميرها، و«العثور على آثار لمسببات أمراض الطاعون والجمرة الخبيثة وداء البروسيلات والدفتيريا والسالمونيلا والدوسنتاريا».
وشهد عام 2019 نشاطا مكثفاً، بحسب الاتهامات الروسية، حيث أقامت واشنطن مختبرين في كييف وأوديسا، وهما المدينتان اللتان بادرت روسيا بقصفهما مع بداية عملياتها العسكرية في أوكرانيا، بالإضافة إلى مختبرات أخرى في مدن وضواحي فينيتسا، ولفيف، وخيرسون، وتيرنوبيل، ومناطق أخرى محاذية لحدود شبه جزيرة القرم.