ألوان

الفنان الصغير والرسام

8 مارس 2022 10:00 م

يعاني الإعلام الكويتي من قلة وضعف البرامج الثقافية بشكل عام، ومن ندرة البرامج التي تعنى بالفن التشكيلي بشكل خاص، وهذا الأمر يشمل الإعلام الرسمي والخاص معاً، وكأنهما اتفقا على ذلك الأمر السيئ كون الثقافة هي أحد معايير المجتمع المتحضر.

وإذا رجعنا إلى الماضي أي قبل أكثر من ثلاثة عقود من الزمن فإننا نجد أمامنا برنامجاً يحمل اسم «الفنان الصغير» حيث كان يقدم بعض لوحات المواهب الصغيرة، وقد يستضيف بعضهم لكنه دون مستوى الطموح، لأنه لا يقدم أفكاراً فنية جيدة تعمل على تطوير أدواتهم الإبداعية الصغيرة، لكنه كان ضمن العصر الذهبي للإعلام الكويتي، وبالتالي فإنه ما زال عالقاً في ذاكرة الإنسان الكويتي.

وفي الوقت الحالي، يتكرر الوضع إذ يوجد برنامج فني آخر يحمل اسم «الفنان الصغير»، وهو برنامج لا يختلف كثيراً عن برنامج الفنان الصغير رغم مرور أكثر من ثلاثة عقود من الزمن، الأمر يجعلنا أمام أسئلة حول المادة الإعلامية الثقافية التي تقدم إلى الأطفال؟ وحول مواصفات المذيع الذي سيقوم بتقديم تلك البرامج وقبل ذلك الإعداد، حيث إننا ما زلنا نلاحظ أن البرنامجين إنما هما إعداد سريع جداً.

إن المادة الإعلامية الثقافية التي تقدم للأطفال هي مهمة خطرة جداً، لذا، كان هناك تخصص بكلية التربية اسمه «أدب الأطفال»، وأذكر أن الدكتورة كافية رمضان، متخصصة به وقامت بتدريس تلك المادة لأكثر من أربعة عقود من الزمن، وبالطبع كان هناك آخرون، لكنني لا أعرفهم إلا أنهم موجودون، وهناك بعض المؤلفين الذين قاموا بالتأليف للأطفال من الكويتيين ومن المقيمين في الكويت، لكن المادة التي تقدم إعلامياً هي عالم آخر يجب أن يكون فيه الكثير من البهرجة من الإضاءة والألوان لجذب انتباه الأطفال، وهذا ما يقدمه مسرح الطفل ومن خلال تلك الأدوات يمكن تقديم الرسالة التي يراد غرسها لدى الناشئة.

ومن هذا المنطلق، أوجه كلمة إلى المسؤولين في وزارة الإعلام وبالتحديد القياديون الذين يرسمون الخطوط العريضة لطبيعة البرامج التي تقدم للأطفال لأنها مهمة وخطيرة بالوقت نفسه، وبالتالي يجب ألا يسمح لأي شخص بتقديم أي مادة للأطفال إلا بعد التأكد من قدرته على ذلك، بدءاً بالإعداد ومروراً بالتقديم وانتهاء بالإخراج.

ولا أرى أي بأس في البحث عن الدول المتطورة في هذا المجال لمعرفة أفضل الطرق المعاصرة لذلك الأمر، فقد شاهدت على «الجزيرة الوثائقية» برنامجاً في اسكتلندا حيث يقوم المقدم بالذهاب بالأطفال إلى البيئة المحيطة بهم حيث المناظر الطبيعية الخلابة من الأشجار والبساط الأخضر والكثير من الخرفان، ثم بدأ يتحدث عن الفنان «بيكاسو»، مستعرضاً لوحة قام برسمها وهو مراهق، ثم لوحة أخرى رسمها بعد مرحلة النضج الفني والشهرة، وراح يشرح الفرق في أسلوبه في الرسم وكيف تطور مع الزمن، وهذه فكرة قد تروق للبعض منا في أن يتم التصوير في فصل الربيع في الصحراء وفي فصل الصيف على «السيف» بعيداً كل البعد عن الاستوديو وأجوائه الرتيبة، ويمكن من خلاله التطرق لبعض الفنانين الكويتيين الذين تركوا بصمة لمن رحل عن الدنيا وبقيت أعماله خالدة، مثل معجب الدوسري وعبدالله القصار وبدر القطامي، وتلك الأسماء للذكر وليس للحصر، إضافة إلى بعض الفنانين الرواد الذين ما زالوا يعيشون بيننا، ولا بأس باستضافتهم في البرنامج مع الأطفال، عندها سيكون مشاركتهم بمثابة ورشة عمل فنية قد تؤتي ثمارها في المستقبل.