مجرد رأي

اليوم الوطني... تفرقة وجدال

20 فبراير 2022 10:00 م

أيام قليلة تفصلنا عن أعياد الكويت الوطنية، والتي تصادف يومي 25 و26 فبراير من كل سنة. ورغم أن إحياء ذكرى هذه الاحتفالات يرمز إلى الاستقلال والتحرير، والتأكيد على أن أبناء الكويت مُتّحدين داخلياً في وجه أي عدو، يبدو أن شيئاً ما تغير هذه السنة في طعم وفلسفلة هذه الاحتفالات.

ففي مختلف أنحاء البلاد، تجد العديد من واجهات المنازل والسيارات مزينة بعلم الكويت، وكذلك تتزايد في أماكن العمل والمدارس الفعاليات التي تؤكد أن الجميع متفق على حب الكويت والتجانس قولاً وفعلاً، بل ونتغنى بذلك.

لكن على النقيض تماماً من ذلك، تبدو الصورة خلف جدران المنازل التي تتلفح بعلم الكويت، مغايرة، وكذلك داخل كبائن السيارات التي يغدو أصحابها ويعودون في مختلف الطرقات مُتغنّين بالكويت وحبها.

والحال نفسه لا يختلف كثيراً داخل الجهات الحكومية، وتحت قبة عبدالله السالم حيث المظاهر تخالف هذه الفرحة تماماً، وهذا ما تعكسه الآراء المتبانية بخصوص جميع القضايا السياسية، ووجهات النظر المتباعدة حولها.

حتى أنه وللمفارقة قد تجد معارضة داخل معارضة داخل معارضة بالجلسة نفسها التي تجمعهم، ما يعكس حجم صناعة الجدل الذي وصلنا إليه، والذي يخالف في معطياته حتى بدهيات المبادئ التي يتغنى بها المواطنون منذ الاستقلال أي منذ 50 عاماً، والتي تؤكد جميعها على تعزيز مفهوم الوحدة وإننا يجب أن نكون صفاً واحداً.

وهنا تتدافع الأسئلة، سؤال تلو الآخر، ماذا تغير في الكويت لتطغى هذه الحالة من الخلاف السياسي غير المعهودة، لدرجة يعتبرها بعض المحللين الأسوأ في تاريخ الكويت منذ الاستقلال لجهة انسداد أفق الحل السياسي؟ ماذا تغير لينقسم الجميع بشكل لا يمكن تجاوزه، ولأسباب غير مفهومة، لنتحول مع ذلك جدلاً في أروقة داخل أروقة من الصدام غير المبرر أحياناً، دون أن ننتبه إلى أننا نتجاوز الإشارة الحمراء التي تقول «قف حيث هنا الكويت»؟ لماذا تغيرت العلاقة بين القوى المتنافسة سياسياً في الكويت لهذه الدرجة، ليعكس الواقع انحراف المسار السياسي كثيراً، عن طريقه، الذي يفترض أن يكون باتجاه واحد وهو وضع حلول لمصلحة الشعب؟ الخلاصة: بالطبع لا أحد ينكر أن مسارات السياسة دائماً مختلفة، محلياً وخارجياً، لكن يفترض أن تتقاطع جميعها على مبدأ الدفاع عن البلاد، وحمايته، خصوصاً في هذه المرحلة الحرجة اقتصادياً وسياسياً والتي تتطلب التفاف أوسع حول مصالح أكبر ينبغي حمايتها بأي وسيلة.

كما يجب أن يتخلى الجميع عن سياسة توليد الخلاف تلو الآخر، لصالح الاتجاه إلى تحقيق الإصلاح المأمول في أن يكون خلافنا باباً أوسع لتحقيق التنمية المستحقة وبمفهومها الشاملة.

وختاماً كل عام والكويت بخير... ودامت أفراحنا.