مجرد رأي

نبض الكويت... هنا العجيري

13 فبراير 2022 10:00 م

طوى عالم الفلك والرياضيات في الكويت والعالم العربي العم الدكتور صالح العجيري آخر صفحات روزنامته الملهمة للأجيال، برحلة مليئة بالعطاء والإنجازات بعد أن وافته المنية الخميس الماضي.

وحقيقة، كان لافتاً الكم الهائل من مشاعر الحزن التي صاحبت وداع العم العجيري، والتي شعر بها الجميع وتأثروا بها، وكان ذلك واضحاً محلياً وخارجياً.

فمن أميركا وألمانيا وفرنسا والهند ومصر والأردن وعمان وغيرهم من سفراء العديد من الدول العالمية والعربية بالكويت لم تنقطع رسائل تعزية العالم بنبض الكويت الفلكي الكبير العام صالح العجيري، الذي ربط الماضي بالمستقبل كما قال السفير الالماني ستيفان موبس «إن النظر إلى النجوم هو أعمق بكثير من النظر إلى الأرض، نأسف لأننا فقدنا شخصاً يربط التاريخ والمستقبل معاً».

شارك أعضاء السلك الديبلوماسي الكويت مصابها في فقد عَلمها البارز وابنها البار، بإبداء عميق حزنهم على رحيل العالم الفلكي الجليل، مقدمين التعازي للكويت حكومة وشعباً، حاملين رسائل تعزية تؤكد أن العالم يشهد بمكانة رجالات الكويت الأوائل، وتأكيد دور الراحل في ما بذل من مجهود كبير لرفع مستوى علم الفلك في بلاده، من خلال الكتب التي ألّفها والمحاضرات والندوات التي قام بها والمؤتمرات التي شارك فيها.

ومحلياً، نعت الكويت بأسرها حكماً وحكومة وشعباً ونواباً العم صالح العجيري، مشيعين إياه إلى مثواه الأخير وسط حضور كبير من المشيعين والمودعين، في مشهد يؤكد اتفاق الجميع على مناقب هذا الرجل المتعددة والمتشعبة، للدرجة التي اختصر فيها أحد المشيعين مشهد وداعه عندما قال «بفقدان العم صالح العجيري فقدت واحداً من أهل بيتي».

حزن الكويت على الفلكي الراحل يؤكد كيف شكل دائماً مناخاً من المبادرة وطلب العلم وإرساء مبدأ محبة الجميع بغض النظر عن الإمكانات الضعيفة التي اتيحت له في بدايته وبداية نهضة الكويت، والتي تؤكد أنه رجل ملهم بكل ما تعنيه الكلمة، حتى أصبح «تقويم العجيري» - وفقاً لقرار مجلس الوزراء عام 2006- التقويم الرسمي للدولة، وذلك على مستوى حساب المواقيت والأهلة والظواهر الفلكية.

ولا يعد سراً القول إن العجيري قدم الكثير بدقة وحرفية. ويعرفه الكبير قبل الصغير، وهو قامة وطنية، بذل وأعطى الكثير للكويت والكويتيين من العلم، اعتمدوا علمه وحديثه وتقويمه، ومن ثم مثل رحيله فراغاً لا يمكن ملؤه لكن هو درب جميعنا سائرون فيه.

رحل العجيري لكنه ترك مؤلفات كثيرة أثرت المكتبة العربية، منها «تقويم القرون لمقابلة التواريخ الهجرية والميلادية، دورة الهلال، جدولة الوقت، التقويم قديماً وحديثاً، المواقيت والقبلة، الاهتداء بالنجوم في الكويت، علم الميقات، دروس فلكية للمبتدئين، كيف تحسب حوادث الكسوف والخسوف، التقويم الهجري وكيف يحسب تقويم القرون، خريطة ألمع نجوم السماء، مذنب هالي، تقويم الحائط».

الخلاصة:

كل فترة يأتي من يذكّرنا بأهمية ودور رجالات الكويت الأوائل، وإذا كانت هذه المناسبة قاسية في ما تركته من حزن في نفوس الجميع إلا أنها تؤكد أن نواخذة الكويت يستحقون كل الشكر والتقدير على ما بذلوه لأبنائهم وأحفادهم من المواطنين، ليكون العجيري وربعه ممن أثرى الكويت محطة عبور لنا جميعاً تدفعنا ذكراهم لأن نسير على درب النجاح وترك الأثر الإيجابي في جميع محطاتنا وترك صناعة الجدل لمستقبل أفضل.