موجة «أوميكرون».. بداية جديدة وتساؤلات للوصول لصحة مجتمعٍ واعٍ

29 يناير 2022 01:02 ص

هل سيختفي فيروس كورونا بعد موجة أوميكرون؟ أم أن العالم سيواجه موجات متواصلة؟.

على الرغم من أن الابحاث حول العالم أحرزت تقدماً كبيراً في فهم فيروس كورونا الذي تسبب بعدد كبير من الوفيات في مختلف الدول، إلا أن هناك العديد من الألغاز التي طرحت في الآونة الأخيرة مع المتحور الجديد«أوميكرون» يجب فكها وحلها، لتفادي الخسائر الصحية و النفسية للطواقم الطبية.

جيناتنا لها دور

من أكثر الجوانب المحيرة حول مرض كوفيد-19 هو أنه كيف لهذا الفيروس أن يتطور لدى فئة من الناس إلى مضاعفات وخيمة قد تنتهي بالوفاة، في حين تظهر بعض الأعراض الخفيفة على آخرين منهم!.

لذلك يعتقد بعض العلماء بأن الاختلافات الجينية الصغيرة بين الأشخاص قد تلعب دوراً في تفسير ذلك، بالإضافة إلى السمات الخمس التي تم ربطها سابقاً بزيادة خطر الإصابة بفيروس كوفيد -19، وهي: السمنة وارتفاع ضغط الدم وارتفاع معدل الكوليسترول في الدم والتدخين والسكري.

بينت دراسات مهمة نشرت في المجلة العلمية المحكمة نيتشر (nature) وساينس (Science) أن العامل الرئيسي الذي له تأثير على ما إذا كان فيروس كورونا لدى الشخص المصاب قد يهدد حياته، هو وجود نقص في بروتينات الإنترفيرون، وعلى وجه التحديد النوع الأول من الإنترفيرون «آي إف إن-آي» (IFN-I).

وقد يحدث هذا النقص نتيجة الطفرات الموروثة في الجينات التي تشفر الجزيئات الرئيسية المضادة للفيروسات، أو من خلال تطوير الأجسام المضادة التي ترتبط ببروتين الانترفيرون-1.

وعلمياً، وما هو متعارف عليه هو أن بروتين الإنترفيرون هو مرسال جزيئي يحفز الدفاعات المناعية ضد الفيروسات، ويلعب دوراً حيوياً في الدفاع عن خلايا الجسم و هو جزء مهم للمناعة.

وجد الباحثون في مجال الجينات بعد دراسة شريحة من عينات المصابين بمرض كورونا، بأن هناك طفرات نادرة لدى بعض الأشخاص قد أثرت على توفير الإمدادات اللازمة من الإنترفيرون التي يحتاجونها لتحفيز استجابات مناعية فعالة لفايروس كوفيد-19، مما أدى إلى مخاطر صحية على الأجهزه الحيوية لهؤلاء المرضى.

ثقافتنا بتقليل العدوى لها دور

من منطلق آخر، لهذا الفيروس الفتاك أوميكرون، أن الأشخاص الذين لا يعانون من أي أعراض لن يبذلوا جهداً لتجنب نقل العدوى للآخرين لأنهم يجهلون إصابتهم بالفيروس.

اختلاف الأعراض بين الناس أيضاً مجهول السبب إلى اليوم.

ولقد تناولت العديد من الدراسات نظرية مهمة بأن فترة العدوى تختلف من فرد لآخر، وأن هناك أشخاصاً «لهم قدرة فائقة على نقل العدوى»، لكن العلماء ما زالوا يجهلون على وجه الدقة الفترة التي يظل فيها المريض معدياً أو ناقلاً للمرض.

وعلى الأرجح فإن المصاب يمكن أن يبقى معدياً لمدة تتراوح بين يوم أو 3 أيام أو 5 أيام قبل ظهور الأعراض الأولى، وهي الفترة الأخطر، ثم يستمر احتمال نقل العدوى لمدة أسبوع تقريباً، أي أننا يمكن أن ننقل الفيروس خلال فترة تمتد لـ10 أيام.

لذلك فإن الانعزال عن الآخرين لمدة 10 أيام من يوم نتيجة المسحة الإيجابية يعد ضرورياً للحد من انتقال العدوى بين الناس، والالتزام بالاشتراطات الصحية مهم جداً لتقليل نشر العدوى بين أفراد المجتمع.

والأهم تقوية المناعه باتخاذ نمط حياة صحي يرتكز على ممارسة الرياضة وشرب الماء بكميات مناسبة والالتزام بنظام غذائي صحي مدعم بكل الفيتامينات والمعادن اللازمة لتقوية جهاز المناعة بالجسم.

اللقاح والمناعة الذاتيه للجسم

كذلك من الاسئلة المبهمة التي إلى اليوم يتم دراستها، هو أن المعلومات المتعلقة بالمدة التي يبقى فيها الجسم محصناً ضد الفيروس بعد الإصابة بالمرض أمر بالغ الأهمية، فيجب معرفة هذه المدة، وكما لا يمكن إثبات المناعة المكتسبة للقاح إلى كم شهر قد تدوم وقد اختلفت الدراسات في هذا الموضوع ولم تنشر أرقاماً ثابتة، وذلك بسبب الاختلافات المناعية من شخص إلى آخر.

في حين أنه قد تبين بأن التحورات الجديدة قد يكون لها تأثير على فعالية اللقاح مستقبلاً.

لذا قياس الأجسام المضادة في الجسم أمر ضروري لابد النظر فيه كتحليل إلزامي للمحصنين لمعرفة مناعة الجسم المكتسبة، هل في منحنى فسيولوجي قابل لمقاومة الفايروس أم لا؟.

علاج نهائي لفيروس كوفيد-19

لا توجد علاجات فعالة سجلت حتى هذه اللحظة و لا يوجد علاج فعال لمرض كوفيد-19، ويستخدم الأطباء بشكل أساسي الأدوية التي تخفف الأعراض.

ونؤكد بأن الكثير من الآمال وضعت على عدد من العلاجات الواعدة التي تطورها المختبرات في شتى أنحاء العالم، لكن أغلبها في طور الدراسة ولم يحقق النتائج المأمولة.

لذا يجب علينا جميعا العمل بجد لتقليل انتشار هذه العدوى و التصدي للموجات القادمة.

فاطمة بهمن

دكتوراه بالطب الجزيئي