على الهواء

رابعة العدوية اللّاهية النّاسكة

23 يناير 2022 09:30 م

هي أم الخير، رابعة العدوية القيسية البصرية، مولاة بني عدوة من آل العتبك، ولدت في أسرة فقيرة، وذلك في أوائل القرن الثاني للهجرة.

وانشغلت باللهو والغناء، في نوادي القصف الليلي والمجون حتى تابت، وحملها ندمها على ماضيها بالزهد.

تدخلت في سيرتها مختلف الروايات بين الحقيقة والخرافة... وتخبطت الأفلام والمسارح في نسج الخرافة بأن رزقها يأتيها دون عناء وقاربوها بالسيدة مريم ابنة عمران، عليها السلام، من خرافة تلو خرافة، قضت بقية حياتها زاهدة متبتلة.

لم تتزوج... كانت تقضي أيامها بالصوم والصلاة والتهجد. وتعد من المتصوفة والانشغال بالحب الإلهي، وكان لها أقوال في النثر والشعر لغيرها، إذ كانت تُردد شعر آدم بن عبدالعزيز، حفيد الخليفة عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه مثال ذلك:

أحبك حبين: حب الهوى

وحبّا لأنك أهل لذاكا

فأما الذي هو حب الهوى

فشغلي بذكرك عمّن سواكا

واما الذي انت اهل له

فكشفك لي الحُجب حتى أراكا

فما الحمد في ذا ولا ذاك لي

ولكن لك الحمد في ذا وذاكا

وجميع الذين كتبوا عن رابعة في التصوف من المتأخرين والمتقدمين ينسبون الأبيات لرابعة... وصاحب كتاب الأغاني 15/ 289 نسب الشعر الى آدم بن عبدالعزيز، الشاعر المتصوف، حفيد الخليفة عمر بن عبدالعزيز، كما ذكرنا قبل سطور... وهو من مخضرمي الدولة الأموية وأوائل الدولة العباسية، ومن أقوله في النثر الذي رددته رابعة: إلاهي انارت النجوم ونامت العيون وغلقت الملوك أبوابها... وخلا كل حبيب بحبيبه... وهذا مقامي بين يديك - الهي وهذا الليل قد أدبر، وهذا النهار قد أسفر، فليت شعري أقبلت مني ليلتي فأهنأ، أم رددتها عليّ فأعزى (أي تعزى وتأسى)... فوعزتك، هذا دأبي ما أحييتني وأعنتني، وعزتك لو أخرجتني من بابك، ما برحت عنه، لما وقع في قلبي من محبتك.

ومما رددته رابعة العدوية:

اني جعلتك في الفؤاد محدثي، أبحت جسمي من أراد جلوسي فالجسم مني للجلوس مؤانسي، وحبيب قلبي في الفؤاد انيسي.