5 أضعاف زيادة بتكلفة البرميل في عقدين لمبررات لا تتعلق بالإنتاجية

«الشال»: أكبر انتفاخ وترهل حكومي في «النفط» كوادر وامتيازات... واستثمارات خاسرة

22 يناير 2022 10:00 م

- القطاع فقد أفضل قياداته بسبب مشروع خاطئ للتقاعد المبكر
- للقطاع تاريخ في تسليمه هبة سياسية لشراء ولاء سياسي
- استثمارات ضخمة فاشلة بدايتها «سانتا في» مروراً بمصافي هولندا ومحطات بيع وقود التجزئة في بريطانيا
- فارق الأسعارالمحتملة وتكاليف الإنتاج سيضيق ونتائجه وخيمة
- تصرف جائر إقرار «الدين العام» والسحب من «الأجيال» دون إصلاح جوهري

أشار مركز الشال للاستشارات الاقتصادية، إلى أنه ضمن أولويات برنامج الحكومة الحالية، ترشيق القطاع العام، وهو هدف مكرر في خطط التنمية وبرامج الحكومات الأخيرة، موضحاً أن ما تحقق حتى الآن هو عكسه، في حين أن أوضاع البلد المالية والاقتصادية تغيّرت جوهرياً، إذ لم يعد تحقيق ذلك الهدف خياراً، وإنما واجب.

وذكر «الشال» في تقريره الأسبوعي، أن أهم وأكبر القطاعات ضمن القطاع العام هو النفط، مبيناً أنه تعرض لأكبر عملية انتفاخ وترهل وارتفاع في التكاليف، سواء بكوادره وامتيازاته، أو باستثماراته الخاسرة حول العالم.

وأوضح التقرير أن أخطر تبعات ترهله، أنه فقد أفضل ما لديه من قيادات بسبب مشروع خاطئ للتقاعد المبكر، من أجل إحلال آخرين محلهم، إضافة إلى ارتفاع تكلفة إنتاج برميل النفط لمبررات لا علاقة لها بالإنتاجية إلى أكثر من 5 أضعاف في أقل من عقدين من الزمن، حتى تساوت تكلفة إنتاج البرميل في يوم من أيام الجائحة، مع سعر برميل النفط الكويتي في السوق.

نائب ونافذ

وأفاد بأن للقطاع تاريخه في تسليم هبة سياسية لشراء ولاء ذلك الفصيل السياسي أو ذاك، وله حصص وظيفية تُمنح لذلك النائب أو النافذ، معتبراً أن الإفراز الطبيعي والحتمي لمثل تلك السياسات، هي تخلف وفساد القطاع.

ورأى أنه للقطاع استثمارات ضخمة فاشلة، بدايتها «سانتا في» في ثمانينات القرن الفائت، مروراً بمصافي هولندا ومحطات بيع وقود التجزئة في بريطانيا وغاز الجنوب وسرقة ممنهجة لشركة ناقلاته، وانتهاؤها باستثماري مصفاة فيتنام و«شركة البولي برولين» المشتركة مع شركة كندية.

وأضاف أنه لم يبقَ للقطاع سوى التباكي على كنز فقده لفشل صفقة «كي داو»، وهي صفقة لو تحققت لحصدت أكبر خسارة مما لحق القطاع من صفقات مثل مصفاة فيتنام والشركة الكندية.

وتابع التقرير أنه مازال هناك من يعتقد أن صفقة «كي داو» هي صفقة لشراء نصف شركة «داو كيميكال»، بينما هي صفقة بائسة لشراء 40 مصنعاً قديماً من شركة «داو كيميكال»، من ضمنها مصنع في إيطاليا بملكية مناصفة بين القطاع و«داو كيميكال» تم إنشاؤه عام 2004، خسر رأسماله مرة ونصف المرة، إضافة إلى التزام بسداد نحو 130 مليون دولار بعد 6 سنوات من المساهمة فيه، رغم أن معدل العائد الداخلي عند إقرار دراسته كان 16 و18 في المئة.

إنتاج مزدحم

وبيّن التقرير أنه في تبرير رسمي لشركة «داو كيميكال» لمشروع بيعها 40 مصنعاً قديماً للكويت، أي أقل من نصف المصانع القديمة التي تملكها، تذكر إدارة الشركة «أنها ترغب في الانتقال إستراتيجياً من صناعة تقليدية سوق إنتاجها مزدحم وهامش ربحيتها منخفض، إلى صناعة بتروكيماويات متقدمة، التنافس فيها محدود وهامش الربح فيها مرتفع».

وأكد التقرير أنه غير صحيح ما يذكر بأن معارضة الصفقة بدأت من الكويت، فالمعارضة المهنية والمالية، بدأت من مكتب الاستثمار الكويتي في لندن ومستشاريه الثلاثة في نص مذكرة أسمتها المؤسسة «Call Report»، وشارك في اجتماع لندن فريق من قياديي المؤسسة، وكانوا 6 زائداً فريق مكتب الاستثمار الكويتي في لندن، إضافة إلى «مورغان ستانلي» و«كريديت سويس» و«دويتشه بنك»، واعترضوا بالإجماع على الصفقة، مبدين 6 مبررات صحيحة لاعتراضهم.

وأفاد بأنه حتى عندما تم الاعتراض عليها لاحقاً في الكويت وبات احتمال رفضها أكبر، وافق الفريق الداعم للصفقة في أواخر شهر نوفمبر 2008 على تعويض «داو كيميكال» بنحو 30 في المئة من قيمتها في حال الرفض، وكان زمن أزمة مالية عالمية لم تحدث منذ 80 عاماً، ولا يفترض أن يزيد التعويض في أوضاع عادية عن 10 في المئة، منوهاً بأنه حول إقرار ذلك التعويض علامة استفهام كبيرة.

وذكر التقرير أنه في المستقبل، ووفقاً لسيناريوهات توقعات أسعار النفط على المدى الطويل، فإن إدارة قطاع النفط تتطلب توافر رشاقة وقدرة وحصافة ومهنية عالية، فالفارق ما بين أسعار النفط المحتملة في السوق، وتكاليف إنتاج البرميل إن استمرت الممارسات على ما هي عليه سيضيق، وستكون نتائجه وخيمة على المالية العامة.

وأوضح أن من أمثلة السيناريوهات المحتملة، ما ذكره تقرير وكالة «ستاندرد آند بورز» الأخير، إذ إن توقعاته لمعدل أسعار النفط لعام 2022 و2023 هي 65 و55 دولاراً على التوالي هبوطاً من معدل 71 دولاراً 2021، وتقديراته لسعر تعادل موازنة الكويت حتى 2025 هي 85 و90 دولاراً للبرميل.

تقرير «S&P»

وأوضح «الشال» أنه لابد من قراءة جيدة لمحتوى تقارير التصنيف الائتماني، لنعطيه ما يستحق من اهتمام، ولكن اعتبار العمل على تحسين التصنيف وفقاً لمؤشرات مالية وليس وفقاً لمعايير الاستدامة الاقتصادية أمر خاطئ، مبيناً أن الضرر المحتمل على الاقتصاد إن أخطئت القراءة والإجراء لا يمكن جبره.

وأفاد بأن قانون الدين العام أو السحب المنظم من احتياطي الأجيال القادمة من دون إصلاح جوهري للسياسات المالية والاقتصادية، عبارة عن تصرف جائر بحق البلد، وأن المثال القاطع ما حدث للاحتياطي العام، وللأموال التي تم اقتراضها من السوق العالمي أو استبدال الأصول بين الاحتياطيين أو وقف الاقتطاع لصالح الأجيال المقبلة، و كلها حدثت ما بعد خريف 2014 وحتى اليوم وكلها أموال ضاعت هدراً.

وأضاف أن التقرير يثبت تصنيف الكويت السيادي عند (+A) مع استمرار النظرة السلبية على المستقبل، وأن التصنيف السيادي خاضع للمراجعة على المدى القصير، أي ما بين 12 و24 شهراً، وقد يخفض ما لم تنجح الكويت في إيجاد حل لعجزها عن تمويل الموازنة العامة.

وتابع أن التصنيف قد يعدل النظرة المستقبلية إلى مستقرة إن نجحت الحكومة في تمرير قانون الدين العام أو السحب من احتياطي الأجيال القادمة، وأن الوكالة تؤكد ضرورة تبني سياسة مالية منضبطة.

وأفاد بأن الفزاعة التي استخدمتها الوكالة هي تقديراتها بلوغ معدل عجز الموازنة للسنوات حتى 2025 نحو 12 في المئة من حجم الناتج المحلي الإجمالي، وأنها تقدر أن يبلغ الناتج المحلي الإجمالي نحو 140 مليار دولار 2024، أي أن متوسط رقم العجز المالي السنوي سيبلغ نحو 17 مليار دولار، أو نحو 84 ملياراً للعجز المتراكم خلال تلك السنوات، وهو في تقديرها ربما الأعلى في العالم للدول المصنفة من قبلها.

وشدد التقرير على أن المعالجة بقرار أو بقانون، هدف يحتمل أن تحققه الحكومة بعد التسويات السياسية الأخيرة، إذ قد ينجح تمرير القانونين بتحسين التصنيف لأنه يحقق مصلحة وهدف جمهور تقرير الوكالة، ولكن ثمنه باهظ على مستقبل الاقتصاد المحلي، وقد يتطلب قرارات حكومية غير مشروعة لصالح بعض النواب.

ونوه بأنه رغم انتقاد الوكالة الشديد لعجز الحكومات المتعاقبة وتخلف إجراءات الإصلاح لديها، فقد أبقت على تصنيف يوليو ثابت لمبررات لها علاقة بمتغيرين استثنائيين خارج قدرة الإدارة العامة المحلية على التأثير فيها، وهما ارتفاع أسعار وإنتاج النفط، وحجم احتياطي الأجيال القادمة بعد مكاسبه الأخيرة.

واعتبر أن ما تقدم يعني أن الكويت أمام 3 خلاصات، هي أنها عرضة للتأثر بعوامل هي خارج عن قدرتها على التحكم بها، وستتأثر إيجاباً أو سلباً إن تحسنت أو تراجعت، فإن تحسنت أوضاع سوق النفط وحجم صندوقها السيادي، ستستغلها إدارتها في تعميق اختلالات الاقتصاد، بشراء مزيد من الوقت بسياسات مالية واقتصادية بائسة، وإن تراجعت، ظهرت على السطح كل تبعات ومخاطر تلك الاختلالات.

وأوضح أن الخلاصة الثانية أن استمرار الأوضاع على ما هي عليه تعني حتمية استمرار تدهور تصنيفها الائتماني، وأن الخلاف حول التوقيت وليس النتيجة.

وكشف أنه ومع مرور الوقت، ستتآكل القدرة على إيجاد حلول ناجعة لعلاج أوضاعها المالية، ما يعني انتقالها إلى وضع اقتصادي مهدد لاستقرارها، لافتاً إلى أن الخلاصة الثالثة هي أخذ خيارها الصحيح والصعب وإن جاء متأخراً لنقل تأثير عوامل خارجة عن قدرتها على التأثير فيها، إلى انتقال تدريجي لأخذ زمام المبادرة في تنمية قدرتها على التأثير في مسارات سياساتها، وذلك لن يتحقق ما لم تكن مؤسسات سلطة اتخاذ القرار في الدولة، أو مجلس الوزراء على أقل تقدير، تتبنى مشروع إنقاذ موحداً.

13 مليار دينار إيرادات محصّلة

توقف «الشال» عند تقرير المتابعة الشهري لوزارة المالية لغاية نهاية ديسمبر 2021، والذي يشير إلى أن جملة الإيرادات المحصلة حتى نهاية الشهر التاسع من السنة المالية الحالية (2021 /2022)، بلغت نحو 12.983 مليار دينار، أو أعلى 18.8 في المئة عن جملة الإيرادات المقدرة للسنة المالية الحالية بكاملها والبالغة نحو 10.929 مليار.

وذكر التقرير أن الإيرادات النفطية الفعلية حتى 31 ديسمبر الماضي بلغت نحو 11.471 مليار دينار، أو أعلى بما نسبته 25.7 في المئة عن مستوى الإيرادات النفطية المقدرة للسنة المالية الحالية بكاملها والبالغة نحو 9.127 مليار، وبما نسبته نحو 88.4 في المئة من جملة الإيرادات المحصلة.

ويأتي ذلك في وقت بلغ معدل سعر برميل النفط الكويتي نحو 73.8 دولار للأشهر التسعة الأولى من السنة المالية الحالية، وأنه تم تحصيل ما قيمته نحو 1.511 مليار دينار إيرادات غير نفطية خلال الفترة نفسها وبمعدل شهري بلغ نحو 167.944 مليون، بينما كان المقدر في الموازنة للسنة المالية الحالية بكاملها نحو 1.802 مليار، أي أن المحقق إن استمر عند هذا المستوى، سيكون أعلى للسنة المالية الحالية بكاملها بنحو 213.236 مليون عن المقدر.

وأشار التقرير إلى أن اعتمادات المصروفات للسنة المالية الحالية، قـدرت بنحـو 23.048 مليار دينار، وأنه صرف فعلياً حتى 31 ديسمبر الماضي نحو 10.651 مليار، في حين تم الالتزام بنحو 3.015 مليار، وباتت فـي حكم المصروف، لتصبح جملة المصروفات الفعلية وما في حكمها نحو 13.665 مليار، وبمعدل شهري للمصروفات وما في حكمها نحو 1.518 مليار دينار.