مجرد رأي

حمد... «pcr» الحكومة

16 يناير 2022 09:30 م

قد ينظر البعض إلى تزامن الامتحانات الفصلية لطلاب الثانوية العامة والجامعات، مع الاستجواب المقدم لنائب رئيس الوزراء وزير الدفاع الشيخ حمد جابر العلي على أنه مجرد صدفة ليس إلا، فموعد الاختبارين لم يكن موقتاً بتاريخ محدد، كما أن طبيعة الامتحانين والممتحنين مختلفة تماماً.

وبالطبع هذا الرأي يعد من الناحية النظرية سليماً، لاختلاف المحتويات، وأوقات أجزاء الاختبارين، وأنواع الأسئلة، والدرجات، لكن من ناحية سياسية يعكس هذا التزامن أهمية المرحلة التي يأتي فيها الاختباران، كتعبير عن توتر وتصعيد حقيقيَّين للطلاب والحكومة.

فاستجواب الشيخ حمد يُمثل المحك الحقيقي لفكر وتوجه الحكومة في بناء مرحلة جديدة، إما يقودها للتماسك أو إضعاف موقعها وورقتها، وهنا تبرز قيمة التزامن.

فالشيخ حمد ليس كأي وزير لجهة ثقله وأهميته حكومياً، وكذلك لجهة موضوع استجوابه، ومن ثم لا يمكن تصور أن تقبل الحكومة بحرقه والتضحية به في مناورة لتحقيق مكاسب جزئية، مثل تفتيت أصوات المعارضة هنا أو هناك، لصالح الحفاظ على بقاء الحكومة أو حتى رأسها سمو الشيخ صباح الخالد.

ومن ثم يكون الرهان على المواجهة الحكومية بأقصى درجاتها. لكن تظل قدرتها على مواجهة المستجوبين تشكل تحدياً رئيسياً في مواجهة مرحلة كهذه، حتى أنّه لا تعد مجافاة للحقيقة القول إنّ استجواب الشيخ حمد أشبه بالـ«pcr» الذي على الحكومة أن تجريه لوزرائها لاختبار تماسكهم وقدرتهم على إظهار تنسيق المواقف والجهود بينهم في مواجهة مقدمي الاستجواب، بغض النظر عن أحقيته من عدمه.

فإظهار الحكومة لخاصية التماسك والوحدة بين وزرائها المفتقدة في الحكومات السابقة بمثابة بوابة عبورها المرحلة، ستضيق وتتسع بحجم ما يظهره أعضاؤها من تماسك، ولذلك تعد نتائج استجواب الشيخ حمد، محدداً حقيقياً ليس لمستقبل الحكومة فحسب بل لرئيسها نفسه سمو الشيخ صباح الخالد.

إذاً، استجواب الشيخ حمد مفترق طرق للحكومة، وخارطة طريق لمستقبلها، مثل اختبارات طلاب الثانوية العامة التي تحدد نتائجها بقية المستقبل العلمي للطلاب.

وإذا كان ليس متوقعاً أن تكون مهمة الحكومة سهلة في تجاوز أولى استجواباتها، إلا أن مسار أعضائها وتوحيد صفوفهم ولو بعقد تفاهمات مع النواب ضمن مناورة سياسية وبإطار مقنع للتأثير إيجاباً عليهم وعلى الشارع الذي انتخب المستجوبين يشكل اختباراً أساسياً أمام قدرة الحكومة في تحقيق أي خطوة إلى الأمام.

الخلاصة:

اختبارات طلاب الثانوية العامة والجامعات تتم من خلال أوراق وأقلام، يفرغون من خلالها قدرتهم وفهمهم لمنهجهم محل الاختبار، أما استجواب الشيخ حمد سيكون مقابلة وجهاً لوجه بين الحكومة من ناحية والنواب والشعب من جهة أخرى.

وهذا سيحتاج إلى أكثر من أدوات الاختبارات التقليدية، فأقلام الحكومة وأوراقها ستكونان في تماسك وزرائها وقدرتهم على تقديم عرض سياسي يسمح لهم بعبور المرحلة الصعبة على الجميع بأمان، وإلا سيكون عليها الاستعداد لعض أصابع وزرائها.