فيصل مساعد الجزاف يكتب: خليفة محمد بودي ضابط كويتي شجاع

13 يناير 2022 10:00 م

كان لوقع الخبر الفاجع الذي تلقيته قبل عدة أيام بوفاة أخ وصديق هو خليفة محمد بودي رحمه الله تعالى، أن أعود بذاكرتي إلى فترة ما بعد الغزو، وذلك تحديداً في عام 1992، حيث كنت بزيارة أخي في مكتبه في مبنى الصالحية الذي بجانب المخفر، وبينما أنا خارجاً من المبنى باتجاه سيارتي بجانب الرصيف، وإذ بي أسمع المرحوم يصرخ بأعلى صوته «فيصل امسك هذا».

كان شخصاً آسيوياً من الجنسية الفيلبينية، هارباً وخليفة يركض خلفه، فاعترضته، وإذ بخليفة ينقض مسيطراً عليه من ناحية رقبته، وأنا محاولاً إمساك يديه، لكنه فجأة أخرج سكيناً أوتوماتيكياً حاداً موجهاً به عدة طعنات قاتلة إلى بطن خليفة ويده اليسرى، فسقط على الأرض نازفاً.

وأصاب أيضاً اصبعي بجرح نازف عميق اضطررت إلى ربطه بغترتي وملاحقته، والناس من حولنا مصدومون لم يتحركوا لمساعدتنا، فصرخت بهم لطلب الإسعاف وإبلاغ مخفر الشرطة وأنا لا أعلم بمدى إصابة خليفة، ملاحقاً المجرم إلى أن حاولت إيقافه عند مبنى البريد العام.

وبينما هو ملتفت إلى الشارع، ألقيت بنفسي عليه وساعدني في ذلك وصول أخي الضابط في المباحث ووصول الشرطة من المخفر.

تم نقل خليفة إلى المستشفى الأميري وأنا إلى مستشفى الرازي، حيث تمت معالجة إصبعي وخرجت متوجهاً للاطمئنان على خليفة، فوجدت تجمعاً، من أهله ووالده محمد، حيث عرفت منه أن الجرح عميق في بطنه، والحمدلله قد أجريت له عملية ناجحة.

في اليوم التالي عند زيارتي له، ذكر لي خليفة أنه بينما هو واقف بسيارته عند مبنى الصالحية، رأى هذا الفيلبيني يحاول سرقة فتاة كويتية عند سيارتها ومهدداً إياها بسكين، فهب لمساعدتها، فهرب المجرم، فلاحقه على الفور وحصل ما حصل.

إن هذا الموقف البطولي من خليفة هاباً لنجدة وإنقاذ مواطنة معرّضاً نفسه للموت، لابد من ذكره.

بعد هذا الحادث، تعززت صداقتنا نتواصل إلى ما قبل وفاته بأسبوع رحمه الله تعالى.

لقد كان خبر وفاته مفجعاً لكل من عرف خليفة الخلوق المحب الصادق الوفي المخلص الخدوم، ولكن هذا قضاء الله وقدره. سيبقى في ذاكرة محبيه لن یغیب، سائلين الله تعالى أن يتغمده بواسع رحمته وأن يلهم أهله وعائلته الصبر والسلوان.

خليفة نموذج للضباط المخلصين، خدم وطنه الكويت وأهلها في كل مجال ومكان عمل به، وكان لا بد أن أذكر هذا الموقف البطولي له.

إنا لله وإنا إليه راجعون...