أبعاد السطور

رجال الجيش والشرطة... انصفوهم

13 يناير 2022 10:00 م

تأسس الجيش الكويتي في عام 1948، وله تاريخ مُشرّف من خلال مشاركته في حروب إسلامية عربية عدة، وتأسس جهاز الشرطة الكويتي عام 1938، وهو جهاز مشهود له بالتطوّر والقوّة والكفاءة العلمية، لكن مقالي هذا ليس من أجل أن أُسطّر تمجيداً في الجيش أو الشرطة، على الرغم من أنهما يستحقان بلا شك، بل إن هذا المقال من أجل أن أسأل الحكومة أسئلة تتقافز في رأسي كما يتقافز السمك المتعاقب يميناً وشمالاً أمام صياد السمك، وهو في قاربه بالبحر والدهشة تحاصره!

تعالي يا حكومة اجلسي معي إلى طاولة الحوار، وسوف أطلب لكِ واحد ليمون بالنعناع، وسأسئلك، وأريد منك بهدوء رداً مقنعاً، س/ لماذا تحرمون مُنتسبي القوات المسلحة ومُنتسبي الشرطة في الكويت من حق الانتخاب في مجلس الأمة والمجلس البلدي طوال تلك السنين الماضية؟! هل لأنهم مثلاً -لا سمح الله- لا يستحقون أن يمنحوا حقهم الدستوري ومساواتهم ببقية المواطنين الكويتيين، خاصة وأن المادة السابعة من الدستور تنص على أن «العدل والحرية والمساواة دعامات المجتمع».

ثم يا حكومة يا رشيدة لماذا تسمحون لمُنتسبي الحرس الوطني بالتصويت في الانتخابات، ولا تسمحون لمُنتسبي الجيش والشرطة بذلك؟! على الرغم من أن جميعهم يعملون في الحقل العسكري الأمني، وجميعهم يرتدون بدلاً عسكرية ببنطلون وقميص وطاقية، وجميعهم لديه رُتب عسكرية متشابهة، وجميعهم يخضعون لدورات وتدريبات عسكرية وأمنية ودورات مخصصة لاستخدام السلاح، فما هو الذي جعلكم تميزون منتسبي الحرس الوطني عن منتسبي الجيش والشرطة؟ أم أن الحكاية حكاية مزاج أو عِناد أو أنكِ يا حكومة لا تزالين نائمة عن هذا الأمر المضحك؟

حكومتنا المحترمة، هل قرأتِ أو حتى سمعتِ –وهذا أضعف الإيمان- ماذا تقول المادة 29 من الدستور التي تنص على أن «(الناس) سواسية في الكرامة الإنسانية، وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين». وبما أن مُنتسبي الجيش والشرطة من (الناس) الذين ذكرتهم المادة 29 من الدستور الكويتي فلماذا لا تعطونهم حقهم كاملاً مُكمّلاً بشكل مباشر وبلا لف ودوران؟!

حكومتنا الرشيدة، هل تعلمين أن الجيش الأميركي والجيش الروسي وجميع جيوش الدول الأوروبية والجيش الاسترالي والجيش الكندي والجيش الهندي والجيش الإسرائيلي، كل تلك الجيوش تُعطي حكوماتها لمُنتسبيها حق التصويت الانتخابي، على الرغم من أعدادها الكبيرة جداً، وعلى الرغم من تواجد بعض تلك الجيوش في داخل بلدانها وفي خارجها.

وحتى في عالمنا العربي فإن في جمهورية مصر في عام 2013، حكمت المحكمة الدستورية العليا بجواز تصويت مُنتسبي الجيش والشرطة في الانتخابات، وأكدت المحكمة أنه طبقاً للدستور فإنه «لا يجوز حرمان أيّ مواطن من ممارسة حقه الدستوري في الانتخاب متى توافرت فيه شروطه». وهذا على الرغم من أن الرئيس الراحل أنوّر السادات هو مَنْ ألغى قانوناً يسمح بمشاركة العسكريين المصريين في التصويت وضع عام 1956.

حكومتنا الرشيدة، وقبل أن يخلص كأس الليمون بالنعناع، ماذا تنتظرين لكيّ تقومي بإلغاء المادة الثالثة من القانون رقم 35 لسنة 1962، التي تنص على «أن يوقف استعمال حق الانتخاب بالنسبة إلى رجال القوات المسلحة والشرطة».

وذلك لأنها مادة تغتصب حق مُنتسبي الجيش والشرطة، ولأنها مخالفة دستورية كبيرة، آن الأوان أن يتم تصحيحها، ولأن مُنتسبي الجيش والشرطة هم مواطنون أبناء البلد فأنصفوهم.