رؤية ورأي

تعزيز الحرّيات وإعدام المسيء

12 يناير 2022 10:00 م

أحداث جلسات مجلس الأمّة في الأسبوع الماضي، والمستجدات في المشهد السياسي، تشير إلى أن المعارضة الغوغائية قرّرت الاستمرار في ممارسة الشغب، ولكن ضمن حدود المقبول عرفاً، بعيداً عن مقاعد الوزراء والمنصة في قاعة عبدالله السالم، مع تغيير جذري في أولوياتها المعلنة، ذرائع الشغب، لتكون أكثر توافقاً مع احتياجات الشعب وأولوياته الحقيقية، وذلك من باب التكيّف مع التطورات المفصلية التي طالت تكتل المعارضة بعد «الحوار الوطني».

لذلك، قدّمت المعارضة عدداً من طلبات لإقرار حزم من القوانين في جلسات محدّدة، تضمّنت بعضها قوانين لم تعرض في اللجان البرلمانية المختصة، بذريعة أنها قوانين مستحقة، وسعت إلى إحراج غير الموافقين على الطلبات، المتخوفين من نتائج وتبعات التعجّل في إقرار القوانين، وعمدت إلى إظهارهم أمام الشعب كمعترضين على القوانين وأولويات المواطنين.

بالرغم من أن هذا النهج الذي تتبعه المعارضة مكشوف للمتابعين الموضوعيين، إلا أنه كان ناجعاً في تضليل شريحة واسعة من الشعب على مدى سنوات طويلة.

ومن أبرز القضايا التي مارست فيها المعارضة الدور التضليلي، كارثة إلغاء عقد الداو كيميكال، التي قاربت خسائرها المباشرة وغير المباشرة 20 مليار دولار. ولذلك أدعو الشباب والشابّات الذين لم يتابعوا أحداث تلك الكارثة إلى الاطلاع عليها من خلال الوثاق البرلمانية وأرشيفات الصحف اليومية.

ما يقلقني في الطلبات المقدّمة هو تضمنها اقتراحات بقوانين متعلقة بالحريات، كقانون المطبوعات والنشر وقانون المرئي والمسموع.

ولذلك لا يمكن القبول بإقرارها من دون تداولها في المجلس بإسهاب، وفي مداولتين منفصلتين.

فضلاً عن تداولها من قبل هيئات المجتمع المدني المعنيّة بالحرّيات، وفي مقدّمها جمعية المحامين الكويتية والجمعية الكويتية لحقوق الإنسان.

لا يجوز أن تقر الاقتراحات بقوانين المرتبطة بحقوقنا الأساسية الدستورية وفق تقارير مبنية على آراء فردية أو حزبية، لأنها غالباً تكون منحازة لصالح أصحابها فضلاً عن احتمالية كونها منقوصة ومعيبة.

من باب المثال على تغيّر الآراء وفق المصالح السياسية الفردية والحزبية، أستذكر انقلاب رأي أحد النوّاب المخضرمين تجاه قانون المرئي والمسموع. فالنائب الذي أكّد للصحف الكويتية في 2007 أن القانون لا يتعارض مع حرية الرأي والتعبير، وكان في حينها مقرر اللجنة التعليمية، اللجنة التي أعدت مشروع القانون؛ هذا النائب صرّح في إحدى الندوات التي شارك فيها قبل انتخابات 2020، أنه يعتبر هذا القانون أحد القوانين الأربعة التي قُمعت بها الحريات وجُمّدت بها التنمية وهُندست بها بيئة الفساد.

وأما الاقتراحات المبنية على معالجات منقوصة ومعيبة، فأحد شواهدها ما جاء في التقرير رقم (41) الصادر من اللجنة التعليمية في 25 مارس 2021، في شأن التعديلات المقترحة في قانون المطبوعات والنشر. حيث جاء في الصفحة (19) من التقرير أن اللجنة وافقت على مقترح حذف حظر «إهانة أو تحقير القضاء أو أعضاء النيابة العامة أو ما يعد مساساً بنزاهة القضاء وحياديته» من قانون المطبوعات والنشر، الذي عقوبته غرامة من 3 آلاف إلى 10 آلاف دينار، ولكن المقترح لم يتضمن تعديلاً في المادة (147) من قانون الجزاء التي بموجبها «يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنتين وبغرامة لا تجاوز (150 ديناراً) ألفي روبية أو بإحدى هاتين العقوبتين» كل شخص أخلّ «بالاحترام الواجب لقاض، على نحو يشكك في نزاهته أو اهتمامه بعمله أو في التزامه لأحكام القانون».

الشاهد أن هذا الاقتراح يلغي العقوبة المالية ويستبدلها بعقوبة حبس، وهو ما يتعارض مع الهدف الوارد في مذكرته الإيضاحية «تعزيز حرّية الرأي من خلال استبعاد الأفعال المجرّمة التي تتسم بالضبابية».

المراد، أنني لا أتفاءل بالاقتراحات بقوانين التي تقدّمها المعارضة بعنوان تعزيز الحرّيات، لأنها لم تعتذر حتى اليوم عن إقرارها قانون إعدام المسيء، ولأنها تتجنّب تنقيح مواد قانونية كشف التطبيق العملي حجرها حريات دستورية... «اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه».

abdnakhi@yahoo.com