عصر جديد لقطاع الطاقة يحد من التغير المناخي

الكويت تستهدف الوصول لصافي صفر انبعاثات على مدار الأعوام المقبلة

8 يناير 2022 09:45 م

- أهمية المنطقة ستمكّنها من المساهمة في تطوير بيئات عمل ومجتمعات منخفضة الكربون
- التخلص من الانبعاثات الكربونية يتطلب إعادة التفكير بكيفية توليد الطاقة وإدارة بنيتها
- قطاعا الطاقة والكهرباء يحتاجان مجموعة حلول شاملة تعتمد على التقنية

يتعايش العالم مع تحديات بيئية متسارعة في يومنا هذا الذي باتت فيه الاستدامة محور اهتمام الحكومات وقطاع الأعمال على حد سواء. ويتمثل الاهتمام المتزايد بالاستدامة في إطلاق العديد من البرامج والمبادرات في الكويت وسائر دول العالم، من أجل مسايرة أهداف صداقة البيئة، والحد من الانبعاثات الكربونية.

وتساهم الكويت في الجهود التي يبذلها المجتمع الدولي بخصوص طبقة الأوزون والحد من الانبعاثات الكربونية، في وقت كان قادة العالم قد اتفقوا خلال قمة الأمم المتحدة السادسة والعشرين للتغير المناخي، على الحد من ارتفاع درجات الحرارة عالمياً إلى أقل من درجتين مئويتين في القرن الحالي.

وتعتبر دول منطقتنا في قائمة الدول المعنية بأولويات الاستدامة، التي كانت موضوعاً حاضراً في أجندة العديد من المحافل الدولية التي نُظمت أخيراً في منطقتنا.

وتوصلت المؤتمرات الدولية التي عُقدت أخيراً حول هذا الموضوع، إلى أن التخلص من الانبعاثات الكربونية، يتطلب أن تعيد الدول التفكير في كيفية توليد الطاقة، وإدارة بنيتها التحتية في المستقبل.

وتنفذ العديد من الدول حالياً في منطقة الشرق الأوسط، وعلى رأسها الكويت، خططاً وإستراتيجيات تستهدف الوصول لصافي صفر انبعاثات على مدار الأعوام المقبلة، إذ يمكن أن يسهم الجيل الجديد من التقنيات الرقمية في تحقيق هذا الهدف.

الحقبة الرقمية والطاقة

وفي ظل جهود التحول الرقمي التي تبذلها الحكومة والمؤسسات في الكويت، ترى العديد من الشركات مثل «هواوي» للطاقة الرقمية التي تم إطلاقها أخيراً في الدولة، أن المنطقة تتمتع بأهمية إستراتيجية ستمكّنها من المساهمة في تطوير بيئات عمل ومجتمعات منخفضة الكربون.

ورأى النائب الأول لرئيس «هواوي» ورئيس التسويق والمبيعات والخدمات العالمية لأعمال الطاقة الرقمية في الشركة تشارلز يانغ، أن قطاع الطاقة دخل فعلياً عصر الطاقة الرقمية.

وأضاف أن دول العالم تعرف أن مصادر الطاقة النظيفة مثل الشمس والرياح، تعتبر من المقومات الأساسية للحد من الانبعاثات الكربونية على المستوى العالمي، إذ تأتي نحو 40 في المئة من انبعاثات الكربون في العالم من الأنظمة الكهربائية.

وياتي ذلك في وقت أكد الخبراء في «ماكينزي» للاستشارات، أهمية نشر التقنيات الرقمية وتقنيات التحليل المتطورة، مع استئناف الأعمال في قطاع توليد الطاقة كالمعتاد.

ورأى يانغ أن مصادر الطاقة المتجددة مثل الشمس والرياح تعتبر مصادر غير ثابتة الأداء والكفاءة في العديد من البلدان، لأنها تعاني من مشاكل التقطعات والتقلبات.

وتعتمد أنظمة تخزين الطاقة اللازمة لضمان ثبات الشبكات على بطاريات الليثيوم، إلا أن عدم التناسق بين بطاريات الليثيوم قد يؤدي لمشاكل كانخفاض سعة التخزين وعمر البطارية القصير ومخاطر السلامة.

ويجمع خبراء الطاقة وصناعة التكنولوجيا على أنه بالاعتماد على التقنيات الرقمية وإلكترونيات الطاقة، يمكن التغلب على مشكلة الأداء المتغير لبطاريات الليثيوم.

ولا تعتبر هذه الحالة سوى مثال واحد فقط، حيث يحتاج قطاعا الطاقة والكهرباء إلى مجموعة من الحلول الشاملة التي تعتمد على تقنية المعلومات والاتصالات لتحقيق أهداف الحد من الانبعاثات.

فرصة كبيرة

تتمثل رؤية «هواوي» للطاقة الرقمية بأن هناك فرصة كبيرة لابتكار حلول منخفضة الكربون، تشمل عملية تدفق الطاقة بأكملها بدءاً من توليد الطاقة النظيفة وصولاً إلى استهلاك الطاقة بكفاءة، من خلال الاعتماد على التقنيات الرقمية وإلكترونيات الطاقة.

وتتميز إستراتيجية الشركة باعتمادها على استخدام الـ«بتات» لإدارة الطاقة الكهربائية، وقدمت في يونيو 2021، بالتعاون مع شركة «إنفورما تك» مبادرة «شدة الانبعاثات الكربونية في الشبكات»، والتي توافر مقياساً جديداً للشبكات النظيفة يعتمد على انبعاثات الكربون مقابل كل بت.

رقمنة البنية التحتية

تقييم عمليات توليد الطاقة وتخزينها وإدارتها من خلال الأنظمة الكهربائية ليس سوى جزء من الحل، إذ إنه وبفضل رؤية وخطط حكومة الكويت التي تركز على تحقيق التحول الرقمي، سيسهم نشر البنية التحتية لتقنية المعلومات والاتصالات على نطاق واسع في تعزيز متطلبات الطاقة، ما سيؤدي إلى تزايد أهمية تصميم البنية التحتية التقنية وإدارتها من أجل تحقيق أهداف الاستدامة في المستقبل.

وتشير تقديرات «هواوي» إلى أن البشرية ستدخل عصر البيانات التي تقاس بواحدة اليوتابايت (YB) (1YB = 1000 ZB زيتابايت) بحلول عام 2030، إذ سيزداد حجم البيانات الجديدة التي يتم إنتاجها في جميع أنحاء العالم عشرين مرة مقارنة بالعام 2020.

وتوقعت شركة البيانات الدولية «IDC»، أن يزداد إنفاق الشركات على خدمات الحوسبة السحابية العامة بنسبة 26.7 في المئة بالمنطقة العام الماضي، إذ سيؤدي نشر البيانات والخدمات التي تعتمد على الحوسبة السحابية إلى تزايد كبير في استهلاك الطاقة في مراكز البيانات الأساسية في المنطقة، بحيث تستهلك مراكز البيانات نحو 1 في المئة من الطاقة على المستوى العالمي وفقاً لأرقام عام 2019، بينما تفيد دراسات «نظام البيانات» إلى أن مراكز البيانات قد تستهلك (1/5) من الطاقة على المستوى العالمي بحلول عام 2025.

الحياد الكربوني

أعلن العديد من مشغلي الحوسبة السحابية الرائدين عالمياً التزامهم بتحقيق الحياد الكربوني والاعتماد على الطاقة النظيفة لتشغيل البنية التحتية، كما كشفت شركة «غوغل» على سبيل المثال لا الحصر، أنها ستعتمد على الطاقة الخالية من الكربون في تشغيل عملياتها بالكامل بحلول عام 2030، في وقت تسهم العديد من الشركات مثل «هواوي للطاقة الرقمية» في الحد من استهلاك الطاقة والانبعاثات.

ولا تعتبر «هواوي» الوحيدة التي تنبهت لأهمية مجال الطاقة الرقمية، باعتبار أن أغلب الشركات العالمية تنشط في هذا المجال نظراً لحيويته وأهميته في تحقيق أهداف الاستدامة، إلا أن ما يميز هذه الشركة توظيفها لخبراتها العالمية في قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات للعمل على الحد من الانبعاثات الكربونية، ولا سيما في مجال شبكات الاتصالات ومراكز البيانات التي تستهلك جزءاً لا يستهان به من الطاقة. الحد من استهلاك الكهرباء

تزداد قدرات «هواوي» من خلال شبكة شركائها العالمية وعملها في أكثر من 170 دولة حول العالم، إذ نجحت اعتباراً من 30 سبتمبر الماضي، بمساعدة عملائها على توليد 443.5 مليار كيلو واط في الساعة بالاعتماد على الطاقة النظيفة، ما ساهم في الحد من استهلاك الكهرباء بـ13.6 مليار كيلو واط في الساعة والحد من الانبعاثات الكربونية بـ210 ملايين طن، أي ما يعادل زراعة 290 مليون شجرة.

ومن هنا، فإن السباق للوصول إلى الحياد الكربوني والحد من الانبعاثات الكربونية الناجمة عن الأنظمة الكهربائية أو البنية التحتية لتقنية المعلومات والاتصالات أو شبكات النقل، سيشهد بكل تأكيد دوراً محورياً للتقنيات الرقمية، إذ يتطلب النجاح في ذلك فتح آفاق جديدة للتعاون بين الشركاء في قطاع الطاقة على المستوى العالمي.