وقفات

معضلة الفساد

30 ديسمبر 2021 10:00 م

تكلم الكثيرون عن موضوع الفساد وأنواعه وأسبابه وطرق مواجهته، حتى أصبح موضوعاً مستهلكاً ومملاً بين أوساط المجتمع. لكن - في اعتقادي - ان الموضوع يحتاج إلى مزيد من التحليل للوصول إلى موضع المشكلة ووضع أيدينا على الجرح لإيقاف سيل الفساد أولاً ثم علاجه وإنهائه... ومشكلة الفساد تكمن في أمرين رئيسيين، انهما «إدمان ووباء».

والإدمان هو عدم القدرة النفسية على التوقف عن سلوك أو استهلاك مادة معينة، وعند تشخيص حالة المفسد، نجد أنه عند الوقوع في أول حالة فساد، يستلذ به ثم يستمرئ هذا الأمر، وتزداد الرغبة في معاودة الكرة، حتى تصبح من مخططاته وعاداته المتكررة ولا تكفيه الجرعة الأولى؛ وهكذا يكبر حجم الفساد وتتنوع مداخله، ولذلك حُرّمت المخدرات لما تسببه من إدمان وغياب للعقل... قال النبي صلى الله عليه وسلم (ما أسكر كثيرهُ فقليله حرام)، وهي قاعدة تنطبق على الفساد، فما أفسد كثيره فقليله حرام، لأنه سيكون إدماناً ويتوسع بالوقوع فيه.

أما الوباء، فهو خطر يجتاح المجتمع وينتقل من شخص إلى آخر، حتى ينتشر ويتضخم ويتشعب فلا يتوقف عند حد معين، وهذا الفساد نوع من الوباء الذي ينتقل بين الموظف ومسؤوله، والمسؤول ومراقبه، والمراقب ووكيله، وهكذا حتى يصبح ظاهرة يصعب القضاء عليها، وثقافة لا يُعاب عليها المُفسد، فهم يتعلمون طرقه ومداخله والتحايل في كسبه ومزاولته وطرق إفلاتهم من العقاب، فإذا تمكن الفساد من مجتمع ما فإنه سيتدحرج في دركات السقوط حتى ينهار ويكون جزءاً من الأخبار، وتلقى الدولة نهايتها المحتومة.

وبذلك نعرف كيف يمكن وقف الفساد وعلاجه، بأن لا سبيل لعلاجه إلا باقتلاع الفاسدين من أماكنهم، وإحلال الكفاءات الصالحة محلهم، ووقف التنفيع و«الواسطة» والمحسوبية في مناصب الدولة ووظائفها، وعدم المجاملة في أي فسادٍ مهما صغر.

Al-bdee@hotmail.com