قيم ومبادئ

ماكو شغل؟

23 ديسمبر 2021 09:45 م

البعض ممن يريد مكافحة الفساد وتحقيق التنمية تجده كواقع لا يلتزم بساعات الدوام الرسمي ويختلق الأعذار لتكرار الغياب وإذا سألته قالك محد مداوم؟ والمسؤول يدري وراضي!

وفي المقابل نجد نشاطه في وسائل التواصل يغرد كأنه حكيم زمانه!

وفي تجمعات ساحة الإرادة يصارخ في المطالبة بالعدالة الاجتماعية!

وإذا سألته عن إنجازه في عمله صرخ في وجهك، وقال روح حاسب الكبار وبعدين حاسبني!

مع أنه يتسلّم راتبه كل شهر على داير المليم في مقابل لا شيء؟

وبمقارنة سريعة بين ساعات العمل السنوية وأيام العطل ومعدل الإنجاز بين أميركا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا واليابان بمعدل 1538 ساعة عمل فعلية والإجازات السنوية التي يتمتع بها الموظف العام تصل إلى 140 يوماً، بينما الدول العربية ساعات العمل أكثر والإجازات أكثر لكن بمعدل إنجاز أقل!

ليس هذا فقط لكننا نجد النرجسية في تعددية المهام للمسؤول الأوحد، حيث يؤدي أعمالاً عديدة بالتوازي في وقت واحد، وانعكس هذا حتى على أداء بعض الوزراء يحمل أكثر من حقيبة وزارية والنتيجة لا شيء يتم إنجازه سوى ما يدخل جيبه من مخصصات؟

وإذا نظرنا تحديداً ليوم الخميس من كل أسبوع نجده يوماً تخلو منه مقاعد الموظفين سوى موظف واحد أو موظفة جالسة و(منفسه) لأن ربعها بالمجمع يتريقون؟ وزامها اليوم بالدوام؟

والمراجعون طوابير ويا ويله اللي يتكلم أو ينتقد فمعاملته ما راح تمشي اليوم من البرنسيسة!

إن الحديث عن تطوير أداء الموظفين عبر الدورات التدريبية أصبح أسطوانة قديمة دون تحقيق أي إنجاز واقعي رغم تكاليفها المادية؟ ومن جانب آخر، أجرى موقع كابتال الإلكتروني دراسة أثبتت أن 17 في المئة من الموظفين من يهتم بتقييم ما قضوا به ساعات العمل؟ هذا إلى جانب كثرة اجتماعات المسؤولين غير المنتجة حيث تضيع 31 ساعة شهرياً بهذه الاجتماعات دون أي مردود والأهم صرف البدل وليس تقييم المخرجات!

في كل دول العالم في الدوائر الحكومية توجد دائرة المتابعة ويعمل بها خبراء مختصون، ويعملون وفق طاقم فني متطور في مجال إدارة الأعمال وغيرها مهمتهم متابعة الموظفين ومراقبة أدائهم وتوجهاتهم لإمكانية نقلهم من قسم لآخر، بحيث يجد الشخص نفسه قادراً على العطاء والبذل. وبطبيعة الحال نحن لا نطالب بمثل هذه الدائرة ولا ندعو كما يدعو غيرنا لإصلاح الأوضاع بقنبلة ذرية تنسف جميع الموجود أو ندعو إلى ثورة عارمة وتغيير جذري كما يقول السياسيون.

طيب وش الحل؟ بعد هذه الصورة القاتمة لسوق العمل؟ والجواب باختصار أقول العاقل من يجعل أعماله أكثر من أوقاته مع تنظيم شؤونه الخاصة فيقضي يومه ويقسمه إلى أوقات، فوقت لمعاشه، ووقت لمعاده، ووقت يستريح ويروّح نفسه من أطايب الدنيا

(ولا تنسَ نصيبك من الدنيا)، ومع ذلك يجتهد في اللحاق بركب الرجال الكاملين ما دام في الوقت سعة، فإن كل ساعة تمضي من عمرك لن تعود واقطع عنك العلائق الشاغلة والعوائق المانعة من بلوغ الكمال الإنساني وتمام الطلب، وتذكر أن الدين يحث غاية الحث على القناعة برزق الله، فنجده قرير العين بما قسم الله له ولا يطلب بقلبه أمراً لم يُقدّر له وينظر الى من هو دونه ولا ينظر الى من هو فوقه حتى لا يحتقر نعمة الله عليه ولا يعيش جو السياسيين وما يصورونه للناس من زعم تكميم الأفواه أو تقييد الحريات وإفلاس الميزانية!

ولهذا للأسف تجد كثيراً من الشباب منزعج الضمير، متوتر الأعصاب، متشتت الأفكار، جمع بين الخوف الخارجي والداخلي ولا يزال مستمراً على هذه الحال حتى (يخيب ثناه) وتنهار قواه لأنه لا يملك الصبر.

وإذا ماكو شغل، حسب عنوان المقال، فلا أقل من أن يشغل الانسان نفسه إذا فرغ من عمله إما برياضة أو دراسة علم من العلوم النافعة مع اجتماع الفكر والهمة على الاهتمام بعمل اليوم الحاضر وقطع الاهتمام عن المستقبل والحزن عما مضى، فالحزن على أيام الزمن الجميل لن تعود معه عقارب الساعة للوراء بل يحرص على ما ينفعه ولا يقول لو أني فعلت كذا كان كذا وكذا لأن هذا من عمل الشيطان ولتعلم أن الأمور في هذه الحياة على قسمين:

الأول يمكن للإنسان السعي فيه وتطويره أو دفعه وتخفيفه فهذا يبذل فيه الانسان ما يستطيع مستعيناً بالله.

القسم الثاني لا يمكن للإنسان أن يفعل حياله شيئاً فهذا يطمئن له العبد ويرضى ويُسلم، أرأيت كيف ترك النبي - صلى الله عليه وسلم- هدم الكعبة وإعادة بنائها على قواعد إبراهيم -عليه السلام- لأنه

لا يستطيع حيالها شيئاً وهو سيّد الأولين والآخرين.

الخلاصة:

التحدث بنعم الله على العبد يدفع الهمّ والغمّ ويحث على الشكر والعمل.