ربيع الكلمات

أساس النجاح... حسن الإدارة

22 ديسمبر 2021 09:30 م

كلما شاهدت وسمعت عن نجاح شركة أو دولة في مختلف وسائل الإعلام أجد خلفها حسن الإدارة، والإدارة الحصيفة هي التي لديها القدرة على النهوض في المؤسسات كما فعل جاك ويلش، في شركة جنرال الكتريك خلال مسيرته في الشركة الممتدة لـ20 عاماً، حيث ارتفعت قيمتها السوقية من 12 مليار دولار إلى أكثر من 400 مليار دولار، وصفته مجلة Fortune بأنه «مدير القرن».

أو حتى مثل الدول كما فعل لي كوان يو، في سنغافورة عندما استطاع النهوض بها من بلد فاشل إلى دولة عصرية مميزة.

لي كوان يو... يعتبر الأب المؤسس للدولة الحديثة، فاهتم بتطوير التعليم وخلق بيئة استثمارية مواتية لجذب المستثمرين والشركات، خاصة البريطانية والأميركية، وبعد ذلك الآسيوية ثم الخليجية، حتى جعل من الجزيرة بمثابة جنة للزوار ورجال الأعمال.

فأصل كل نجاح هو الإدارة، وخلف هذه الإدارة عناصر وكفاءات بشرية مميزة، لذلك قسم ويلش الموظفين إلى 3 أقسام، 20/‏ 70/‏ 10، قسم الـ20 في المئة: هم باختصار أفضل 20 في المئة من موظفيك، يتم تدليلهم بالمحفزات والرواتب ولهم النصيب الأكبر من الاهتمام، لأنهم يستحقون بناءً على ادائهم. والقسم الثاني الـ70 في المئة: هم الموظفون الذين يقعوا في المنتصف.

ليسوا سيئين ولا رائعين كذلك، محفزات بسيطة كافية على إبقائهم، والتركيز على تدريبهم ليكونوا ضمن الـ20 في المئة. والقسم الثالث والأخير هم الـ10 في المئة: هم الجزء السفلي في سلم الأداء في الشركة، يتم الاستغناء عنهم جميعاً وإفساح المجال للجدد في نهاية كل عام.

وقد يكون العنصر المشترك في فشل مشاريع الدول أو الشركات هو سوء الإدارة، بحيث ان المسؤول لا يمتلك الخبرات التي تؤهله لهذا المنصب، ولا يعرف يقود فرق العمل، ولا يعرف كيف يتخذ القرارات، لذلك تجد الدورة المستندية المهلكة، ويأتي ذلك من تعيين الرجل غير المناسب وتقديم المناصب كعطايا وهبات، ولا يتم اختيار أصحاب المناصب على أساس المواطنة والكفاءة، لذلك نجد احباط أصحاب الكفاءات وقتل روح المبادرة عند الكثير منهم.

ولنجاح المؤسسات فإنها تحتاج عقلية شبابية لديها كفاءة وحسن إدارة، تفهم لغة وروح العصر ومتطلباته، مرنة في التفاعل بمختلف الميادين، حازمة باتخاذ القرارات، محبة ومخلصة لوطنها.

وهناك أمر في غاية الغرابة في بعض الجهات التي لا توجد بها روح التنافسية، وهو التخلص من العنصر الجيد وصاحب الكفاءة، وذلك لأن المسؤول يخاف على كرسيه من هذا العنصر الجيد، فيختار من هم محسوبون عليه أو يقفون في صفه مهما حدث، ويعيشون ويقتاتون على الوشاية بين الموظفين، وينقلون الأخبار للمسؤولين بصورة يومية، وهذا كله منافٍ للإدارة الجيدة، ولو كانت هذه المؤسسة ملكاً خاصاً له لما تصرف هذا التصرف المشين.

وصدق الدكتور غازي القصيبي عندما قال: «الإداري الناجح هو الذي يستطيع تنظيم الأمور على نحو لا يعود العمل بحاجة إلى وجوده».

ويقول جاسم السعدون: «إنها الإدارة لا الموارد من تصنع المستقبل، فالإيرادات العامة في الكويت - لا في غيرها - لم تتعدَّ معدل المئة مليون دينار ما بين بداية الخمسينات وأواسط الستينات، ولكنها إدارة تمكّنت من أن تصبح المثل والقدوة، ففي ذلك الزمن تعملق العقل وصنع دولة لا مثيل لها في محيطها».