قدّمت العرض «فرانكو آراب» في «الكويت المسرحي 21»

«الموت الأبيض»... هل يمحو الزمن الخطايا والذنوب؟

9 ديسمبر 2021 10:00 م

- «السينوغرافيا» بدت كخليط متضارب... لناحية الديكور والأزياء والإضاءة
- الموسيقى بطلة العرض عن جدارة واستحقاق... والأداء التمثيلي مُتفاوت
- العرض يتكوّن من شقّين... أحدهما افتراضي والآخر واقعي

أوقد العرض المسرحي «الموت الأبيض» أول من أمس، شعلته لدخول المنافسة ضمن العروض الرسمية لفعاليات الدورة الحادية والعشرين لمهرجان الكويت المسرحي.

وقد أضاء العرض الذي قدمته شركة «فرانكو آراب» على موضوع الخطيئة في حياتنا كبشر، مُستعرضاً الصراع الأزلي بين الحق والباطل، وطارحاً الكثير من الفرضيات والتساؤلات عمّا إذا كان الزمن يمحو الخطايا والذنوب...!

فهناك من يرتكب الذنوب بحق الآخرين، ولكنه لا يمتلك الشجاعة للاعتراف بها، كمن تأخذه العزة بالإثم.

تدور الأحداث في ليلة الخامس من شهر مايو، وهي الليلة التي شهدت مقتل «ليلى» (موضي الدوب) معشوقة «يوسف» (عثمان الصفي)، الشاب الذي تعرّض لخيانة من أبيه ورفاقه، كي يبعدوها عن طريقه، كما قام الأب بالتخطيط للجريمة وبتوزيع الأدوار على رفاق يوسف لتنفيذ المهمة، فهناك من قام بمراقبة اتصالاتها عن طريق «الهاكر»، ومنهم من قام بتشويهها، ومن ثم قتلها.

لكن، وبعد مضي 15 عاماً على ارتكاب الجريمة، يلتقي يوسف برفاقه القتلة، فيعود بعقارب الزمن إلى الخامس من مايو، حيث الليلة التي وقعت بها الجريمة، ويبدأ بالتحقيق معهم بمساعدة المحقق المتقاعد (نصار النصار) الذي استعان به للتعرف على الجناة...

«الموت الأبيض» عمل فلسفي بامتياز، إذ يتكوّن من شقّين، أحدهما افتراضي والآخر واقعي، حيث قام مصمم الديكور بتقسيم المسرح إلى نصفين.

ففي الجزء الأعلى، نرى المحقق المتقاعد الذي كان يتولى التحقيق في الجريمة قبل 15 عاماً يحاول مساعدة يوسف لحلحلة خيوط الجريمة، حتى ينجح الأخير بانتزاع الاعترافات من رفاقه الجناة، الذين اشتركوا جميعهم في قتل معشوقته ليلى.

العرض بمجمله كان غزيراً بالمتعة والفائدة في آن معاً، حيث بدا النص ثرياً في لغته الشعرية وحمل في ثناياه فلسفة الجمال، وحلم العيش في مجتمع ملائكي، خالٍ من الأشرار.

أما المخرج مشعل السالم، فقد وضع قدماً له على عتبة الخشبة، كمخرج مسرحي للمرة الأولى في مشواره، وإن كان هناك بعض الملاحظات على رؤيته الإخراجية، التي اتسمت بالضبابية وعدم الوضوح في بعض الأحيان، ولكن هذا لا يقلل من القيمة الفنية التي قدمها في جوانب أخرى من المسرحية.

وفي ما يتعلّق بالأداء التمثيلي، فكان هناك تفاوت واضح بين الممثلين، إلا أن النصار والصفي كانا الأفضل بلا منازع، حيث قدما مباراة فنية رفيعة المستوى، في لعب دور المحقق المتقاعد، والعاشق الذي يحقق بنفسه في جريمة قتل معشوقته.

وبالنسبة إلى السينوغرافيا، فبدت كخليط متضارب، خصوصاً لناحية الديكور والدولاب الدوّار الذي لم يكن مرئياً للمتلقي بسبب وجوده في أرضية المسرح، فضلاً عن الصوت المزعج الذي يصدر منه أثناء الدوران، وكذلك لم تتضح الدوائر الثلاث التي ركزّ عليها الكاتب في النص، فلكل واحدة منها معنى، الحق، الباطل، الزمن.

أيضاً، لم تمُيّز الأزياء سمات كل شخصية بلون معين، مثل شخصية الرسام وشخصية «الهاكر»، بل جاءت متشابهة، وحملت معظمها اللون الرمادي، باستثناء راقصة الباليه، فضلاً عن عدم الإتقان في تحريك الإضاءة، حيث أخفقت غير ذي مرة في التركيز على العنصر المحرك للحدث.

لكن، يُحسب للمؤلف الموسيقي محمد النصار براعته في توظيف الموسيقى «اللايف» لتعبّر بوضوح عن كل مشهد، وكانت بطلة العرض عن جدارة واستحقاق.

يُذكر أن «الموت الأبيض» من تأليف سعيد محمد، إخراج مشعل السالم، ومن تمثيل: نصار النصار وعثمان الصفي وأريج العطار ومحمد عبدالعزيز وموضي الدوب وبدر الهندي وهادي الهادي وبيهانا كنعان، ديكور نصار النصار، موسيقى لمحمد النصار، إضاءة لفاضل النصار، مساعد مخرج مي صقر، تدريب أدائي أحمد الحكيم، إدارة الحركة والتقنيات لماجد البلوشي.

إثارة «المثلية الجنسية»... مرفوض

قال المُعقب الدكتور مبارك المزعل خلال الندوة التطبيقية التي أقيمت في قاعة الندوات بمسرح الدسمة، إن نص «الموت الأبيض» تناول موضوع «المثلية الجنسية» من خلال شخصية الرسام، التي أدّاها الممثل هادي الهادي، مشدداً على أن القضية هذه، لم تطرح من قبل في أي عمل فني كويتي، كما لا ينبغي إثارتها أو التطرق إليها في مجتمعنا الذي يرفض مثل هذه الأطروحات، الخارجة عن عاداته وتقاليده.

في حين، علّق مؤلف النص الكاتب سعيد محمد على كلام المزعل، بالقول: «إن المثلية الجنسية، هي قضية مهمة جداً، وقد أصبحت واضحة لدى الشارع ولم تعد مخفية على أحد، حيث أردنا تسليط الضوء عليها، ولكن تم إلغاؤها من العرض بطلب من لجنة مشاهدة العروض في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب».

يُذكر أن دور الرسام الذي قدمه الممثل الهادي على خشبة المسرح، حمل أكثر من إيماءة ترتبط بالمثلية الجنسية.