قدمتها فرقة المسرح العربي في «الكويت المسرحي 21»

«المشنوق الذي ضحك»... لا يموت

6 ديسمبر 2021 10:00 م

- خليفة الهاجري: المخرج اشتغل على تحريك الشخصيات... في مناطق نفسية عديدة

«مَنْ يُشنق ظلماً لا يموت»... هذه فحوى الرسالة التي حملها العرض المسرحي «المشنوق الذي ضحك»، لفرقة المسرح العربي، والتي عُرضت على خشبة مسرح الدسمة، أول من أمس، ضمن فعاليات الدورة الحادية والعشرين لمهرجان الكويت المسرحي، وأشرف عليها أحمد فؤاد الشطي.

وقد استلهم معدها ومخرجها أحمد البناي اللبنة الأولى من رواية للكاتب الكندي ميشيل ترامبليه بعنوان «المشنوق»، ليُحلّق إلى أفق أوسع وفضاء أرحب بطرح موضوع فلسفي في قالب قصصي شيّق محققاً المعادلة الصعبة، عندما قدّم المتعة والفرجة من خلال حبكة درامية لم يغب عنها عمق المضمون، والشجاعة في مواجهة الواقع والماضي والذكريات على اختلافها.

البناي كان موفقاً في اختيار لغة حوارية سهلة، تحمل بين طياتها معاني عميقة يمكن تفسيرها في أكثر من اتجاه، كما اشتغل على التحوّلات الدرامية لشخوص المسرحية من حالة إلى أخرى، محركاً أبطال قصته في مراحل عمرية مختلفة، إذ يقفز من الحاضر إلى الماضي ليعود إلى الحاضر من جديد بلغة رشيقة، موظفاً أدواته، لاسيما عنصر التمثيل الذي كان الأبرز بين عناصر اللعبة المسرحية.

كما لا نغفل تألق الفنانة فاطمة الطباخ بأداء شخصية صاحبة المنزل العجوز، ونجحت أيضاً في دور المغنية وشخصية الأم الشابة، في حين شكّل حضور الفنان مبارك سلطان إضافة إلى العمل في شخصية مدير السجن وأدّى دوره بإتقان.

أما الفنانان سامي بلال وفهد الخياط، فقد لعبا مباراة رفيعة في الأداء بين المشنوق وحارس السجن.

الندوة التطبيقية

أعقب العرض ندوة تطبيقية في قاعة الندوات بمسرح الدسمة، أدارتها الإعلامية حبيبة العبدالله، بحضور المُعّقب الدكتور خليفة الهاجري، إلى جانب معد ومخرج العمل البناي.

وتحدث المُعّقب الهاجري عن العمل المسرحي، قائلاً: «يتحدث النص في خطه الرئيسي، عن فكرة الموت وتلك الروح التائهة التي مازالت بيننا لرجل تم الحكم عليه بالشنق ظلماً بعد اتهامه زوراً بقتل سيدة عجوز كان يسكن في بيتها، إذ حاك هذه المكيدة مدير السجن الذي كان يطمع بالاستيلاء على عقار تملكه السيدة.

أما الخطوط الأخرى للعمل، فتتلخص بتلك العلاقة بين المشنوق ونفسه ووالدته، في حوارات تجمعها حسـرات الظلم وإعادة تعريف مفاهيم شجاعة الإنسان وأن انكساره قد يكمن في شجاعته الصلبة».

وأضاف الهاجري «عمد المخرج والمعد للنص أحمد البناي إلى تطبيق أساليب مسرحية مختلفة تقفز بين الواقعية والعبث، حيث قام برسم المشهد عبر إعداده لنص میشیل ترامبلیه وقام باستلال خيط منه أسس عليه عرضه المسرحي، كما اشتغل على استنساخ حالات جديدة من شـخصية الحارس (المشنوق)، والكشـف عن بعض الغموض في حادثة قتل المرأة العجوز، عبر استلهام بعض الأحداث التي وقعت في الذاكرة، والتي ذهبت بنا إلى تفكيك الحالة العامة والوقوف على أسباب شنق الرجل».

ولفت الهاجري إلى أن المخرج اشتغل على تحريك الشخصيات في مناطق نفسية عديدة، ومراحل عمرية متزامنة، كما حدث في تحولات شخصية السيدة العجوز إلى المغنية والأم وهكذا، كما أعطى مساحة حوارية متناغمة لممثليه بصورة جزلة.

كما تطرق إلى بقية الممثلين قائلاً: «من الرائع مشاهدة الفنان مبارك سـلطان (مدير السجن) على خشـبة المسرح بهذا الحضور اللافت بعد غياب طويل عن المسـرح، فهو ينتمي إلى جيل المخضرمين في المسرح الكويتي، وقد أدّى دوره بتركيز عالٍ وبتعابير ماكنة رفعت كثيراً من إيقاع العرض في فترات مختلفة.

أما الحارس والمشنوق، فقد أوقعهما المخرج في تحدي المزامنة والتقاء الأفكار والهروب قليلاً ثم العودة، وبعدها تأتي المواجهة، ارتباط محكوم بدقة، أداه سامي بلال (المشنوق) وفهد الخياط (الحارس) بحضور كبير للحالة الدرامية».