على الهواء

تاريخ الغوص على اللؤلؤ... سيف مرزوق الشملان

25 نوفمبر 2021 10:00 م

سيف مرزوق الشملان أديب ومؤرخ، ولد في عام 1926م...

أرّخ حياة البحر، خصوصاً في البحث عن اللؤلؤ، عندما كان المصدر القومي للحكومة والشعب، وجاء بحثه القيم في جزأين والجزء الثالث عن الغوص في دول الخليج العربية.

وكان يتمثل بحكمة لعماد الدين الأصفهاني المتوفى سنة 597 هـ 1200م:

إني رأيت ألا يكتب إنسان كتاباً في يومه إلا قال في غده: لو غير هذا لكان أحسن. ولو زيد كذا لكان يُستحسن... ولو قدم هذا لكان أجمل... ولو ترك هذا لكان أفضل... وهذه من أعظم العِبر... وهو دليل على استيلاء النقص في جملة البشر...

التوقيع: عماد الدين الأصفهاني

هكذا تأخر كتابه: من تاريخ الكويت الذي صدر في 1959م، وأضاف إليه في طبعته الثانية في 1986م، واحتوى مؤلفه في التاريخ على مصادر شفوية، والمصادر الكتابية والرسائل التي تجيب عن أسئلته في دولة الكويت ودول شبه الجزيرة العربية، وما في الدولة من الوثائق والمراسلات.

كان تجّار اللؤلؤ ينتظرون أن تصلهم برقيات عن وصول اللؤلؤ وينتظرون في أحرّ من الجمر للاطمئنان على دخول اللؤلؤ إلى بومبي وبيعه وكانوا يواعدون والدي خلف حسين التيلجي أن يبشّرهم بوصول اللؤلؤ بسلام حيث إن والدي كان يترجم البرقيات من الإنكليزية إلى العربية.

وتصل البرقيات إلى التجار... وأحسن بشارة تسلّمها هي التي كانت من خالد بن شملان عبارة عن لؤلؤة بشكل بيضاوي قُدر ثمنها

بـ 300 روبية وكان هذا ثمناً عالياً بذاك الوقت.

قال المرحوم سيف الشملان إنه في عام 1964م: كنت منهمكاً في جمع المعلومات والصور لكتابي تاريخ الغوص على اللؤلؤ الجزء الأول، أخبرت صديقي الأستاذ فاضل خلف، فتفضّل عليّ بهذه القصيدة الجميلة، كتحية لصدور كتابي بعد حين:

القصيدة طويلة اختار منها هذا المطلع لأعود إلى أبيات منها...

«حَيُّوا الفتى واطْروا صَريَر يَراعِهِ

واثنوا بإخلاص على إبداعه»

وتسارع رواد الفكر والأدب في تحيته لإنجازه التاريخ في اللؤلؤ.

جاء في الصفحة 119 من كتاب: «تاريخ الغوص على اللؤلؤ» ما احتواه الأدب في ذكر اللؤلؤ... وصفت المرأة الطيبة الطاهرة بأنها الدرة المصونة والجوهرة المكنونة.

كتبتُ في مجلة النهضة العدد 138 تاريخ 15 ابريل سنة 1972م نادرة عن الشيخ عبدالله السالم الصباح عندما زاره السيد يوجين بلاك مدير البنك الدولي وكانت الكويت في أوج شهرتها في عام النفط والخدمات الأهلية التي تُغدق على الشعب في مساكنهم ورواتبهم والتعليم الحديث المتطور.

سأل يوجين بلاك الشيخ عبدالله السالم حيث كان يشير إليه الإعلام الغربي أنه أغنى رجل في العالم وأراد أن يحدثه عن عالم المال والاقتصاد، وجَّه الى الشيخ عبدالله سؤالاً قال فيه:

أي الجواهر أثمن عندك يا صاحب السمو في العالم... وتوقع يوجين بلاك أن يقول بلغة المال الجوهرة في التاج الهندي أو البريطاني، وفوجئ أنه قال بعد تأمل وصمت قصير: أثمن جوهرة في الوجود... (امرأة تَصُون زوجها وتحافظ على بيتها وأولادها).

وذهل مدير البنك الدولي حتى بدا له أن الشيخ عبدالله السالم رجل فكر وثقافة غير مفتتن بالمال.

وأقام المؤرخ سيف مرزوق الشملان باباً في الأدب عن اللؤلؤ ابتداء من صفحة 119... وقال من شعر الوأواء الدمشقي.

فأسبلت لؤلؤا من نرجسٍ وسقت ورداً وعضت على العناب بالبرد، وقال شعراء في وصف أسنان المليحة باللؤلؤ: قال ابن سناء الملك:

يا باسما أبدى لنا ثغره

عقدا ولكن كلّه جوهر

وقال المتنبي:

كالبحر يقذف للقريب جواهرا

جوداً ويبعث للبعيد سحائبا

وذكر المرحوم سيف الشملان أن العرب في عهد الدولة العباسية توصّلوا الى زراعة اللؤلؤ الصناعي، حدث عنه البيروني في كتابه «الجماهر»... وأشار جلال الدين السيوطي إلى اللآلئ المصنوعة في كتاب له هو «اللآلئ المصنوعة»... ثم أغلقوا صناعته لكي لا يبتذل ويكون أرخص من القواقع كما حصل للؤلؤ الصناعي الياباني الذي تُحل به الجدران والأعمال في نجارة الأخشاب، كما فتح المأمون في زيارته لمصر الهرم الأكبر حتى اهتدى بفريق عُمّاله ومهندسيه ثم أمر بترك بعض الأواني المملوءة بالذهب فأبقى عليها لأنها متاعبها أكثر من قيمتها... وادعى الفرنسيون أنهم هم الذين فتحوا الهرم قبل غيرهم.

أشواق غواص

حيُّوا الفتى واطروا صرير يراعه

واثنوا بإخلاص على إبداعه

فهو الذي قضى الليالي ساهرا

للمجد يستهويه ومض شعاعه

وهو الذي ضحى بكل حبيبة

ليضم سفر الخلد بين ذراعه

فسلوا سواد الليل عن أحلامه

وسلوا بياض الصبح عن أسجاعه

و(الغوصُ) هام به هيام موله

من غيره ناجاه بعد وداعه؟

ومضى يسجل للحقيقة والورى

أمجاده والخبر غير سماعه

أو ما تراه مشوقا لتلاده

أشواق (غواص) إلى لمّاعه

قد هام في أخباره كهيام من

جاب البحار بفلكه وشراعه

ذهب الأولى عشقوا البحار وأسسوا

للموطن الغالي رفيع بقاعه

لكنهم نسلوا لنا هذا الذي

رزق النجابة منذ عهد رضاعه

قد هام في أرض (الكويت) وإننا

في حب هذي الأرض من أتباعه

فليهنأ الوطن العزيز بـ (سيفه)

فبومضه أورى سنا أوضاعه

تونس في 1/ 5/ 1964م

فاضل خلف

الملحق الصحافي بسفارة دولة الكويت في تونس