دعاة لـ «الراي»: يأثم من يطلبها ومن يقوم بإعدادها لأنها من باب الغش

رسائل وأبحاث المكاتب المُعدّة للطلبة... حرام

20 نوفمبر 2021 09:20 م

- بسام الشطي: نائب سابق اشترى شهادة طبيب صيدلي
- محمد النجدي: الظاهرة فساد عام وغش للأمة
- بدر الحجرف: كذبٌ من كبائر الذنوب
- عبدالرحمن الجيران: السبب الأول في ضعف التعليم
- عبدالله نجيب سالم: إفراغ للتعليم من محتواه

في ظل تصاعد ظاهرة إعداد الأبحاث والرسائل، لا سيما من قبل بعض المكاتب، أجمع عدد من الدعاة وأساتذة الشريعة الإسلامية على حرمة إعداد الأبحاث والرسائل لطلبة الجامعات، مشددين على أنه «لا يجوز شرعاً طلب إعدادها ويأثم من يقوم بذلك، لأنها من باب الغش».

وأشاروا إلى أنه «لو نجح الطالب من خلال البحث فهذا كسب حرام»، أن «من يشتري بحثاً لينال به ترقية أو زيادة في الراتب فهذا سحت وحرام».

فقد قال أستاذ الشريعة الدكتور بسام الشطي لـ «الراي»، إن «تكليف المكاتب بإعداد أبحاث مقابل مبلغ مادي غش وادعاء باطل بأن الطالب أعده وكتبه، وهذه تعد خيانة أمانة، ولو نجح الطالب من خلال البحث فهذا كسب حرام وما بني على حرام فهو حرام».

وأضاف: «كذلك أصحاب المكاتب تعاونوا على الإثم والعدوان وكسبوا حراماً، وساهموا في إعداد جيل من أشخاص غير أمناء ولصوص ولم يقوموا بواجبهم، فكيف يكون طبيباً أو مهندساً أو تربوياً أو واعظاً أو معلماً؟ ولذلك فاقد الشيء لا يعطيه وكيف تأمن على أبنائك أو على مستقبل الدولة وقد ساهمنا في نخرها من الداخل؟».

وتابع الشطي «كم تلقيت من رسائل من طلبة يقولون نعتذر إليك دكتور فنحن لم نقم بإعداد البحث، وكم تلقيت أسئلة من طلبة يقولون نريد أن نتوب ونحن في العمل... ومن المضحك المبكي أن المكاتب تتعاون مع أناس يسرقون أبحاث وجهد غيرهم، وكم من طالب أصيب بصدمة عندما بيّنتُ له ذلك»، مؤكداً أنها «ظاهرة مؤلمة وحزينة ونذير شؤم تتطلب منا جميعاً جهوداً ووقفات ونصائح بل وسن قوانين ووضع عقوبات تشمل الطالب والمكاتب وأصحابها».

وروى الشطي قصة مصلٍ في المسجد الذي يؤم الناس فيه، قائلاً «كان من كبار المهندسين، وأراد التقاعد وطلب شخصاً يدربه حتى يحل محله، وعندما رشح له العمل هذا الشخص قال له (بصراحة أنا شاري شهادتي، ولا أعرف اللغة الإنكليزية ولم أذهب لدراسة الهندسة ولكن اشتريت شهادتي)»، لافتاً إلى أنه «يعرف شخصاً آخر اشترى شهادة صيدلي وفتح له أفرعاً لصيدليات ووصل إلى أن يكون نائباً سابقاً».

بدوره، قال الداعية محمد الحمود النجدي لـ«الراي» إنه «إذا كان الطالب سينال بهذا البحث شهادة أو يزداد به درجات أو يتجاوز بذلك اختباراً فذلك العمل حرام، وهو غش وخيانة، سواء اقتبست هذه الأبحاث من الإنترنت أم من غيره، لأن البحث إنما يراد من الطالب عمله لتمرينه واختبار قدراته ونحو ذلك من الأهداف، فالواجب عليه أن يفعل ذلك بنفسه، فإن أخذ مجهود غيره، وقدمه باسمه كان غاشاً كاذباً».

وأضاف أن «الذين يكتبون الأبحاث عن غيرهم آثمون معتدون مفسدون، سواء كتبوها بمقابل أم بغير مقابل، لإعانتهم على الغش والكذب، ولمعاونتهم غيرهم في أخذ الشهادات والدرجات وهم لا يستحقونها، وهذا فساد عام، وغش للأمة».

من جهته، أوضح الداعية الدكتور بدر الحجرف لـ«الراي» أن «الأصل أن يقوم الطالب بإعداد رسالته العلمية بنفسه، لأن هذا عمله الذي يستحق عليه الدرجة العلمية».

واستدرك قائلاً «لكن عمل المكاتب ينقسم إلى قسمين: الأول مساعدة الطالب في الطباعة، والتنسيق، وترتيب المراجع، والمراجعة اللغوية، وإعداد الفهارس وجمع المصادر فهذا لا حرج فيه ويجوز تقاضي الأجرة عليه. وأما الثاني فما كان من صميم عمل الطالب، ويعد في العرف العلمي غشاً، فلا يجوز أن يقوم به غيره، كتلخيص الدراسات، والإحصاء، والتحليل، ومناقشة النتائج، ونقد الأبحاث، فضلاً عن كتابة الرسالة، فكل هذا غش ومحرم تقاضي أجرة عليه».

واختتم بالقول إن «الطالب الذي قدم البحث على أنه عمله من الكاذبين، والكذب من كبائر الذنوب».

ورأى أستاذ الشريعة الدكتور عبدالرحمن الجيران، في تصريحات لـ «الراي»، أن «هذه الخدمات التي تقدمها المكاتب للطلبة ليست كلها محرمة، فبعضها محرم وبعضها الآخر غير محرم»، موضحاً أن «غير المحرم هو الخدمات الفنية البحتة مثل الطباعة والتصوير التي ليس لها علاقة بالرسائل العلمية فهذه لا مانع منها أو من أخذ الأجر في مقابلها، أما الكتابة التي تظهر فيها شخصية الباحث من حيث البحث في الأدلة ونقضها والترجيح بينها فهذا لا يجوز أن تقوم به المكاتب».

وأضاف أن «المقصود بتكليف الطالب بعمل بحث أو دراسة هو أن تقوم الجهة الأكاديمية بالتحقق من مقدرة وأهلية الطالب في أنه يستطيع التعامل مع كتب التراث الأصيلة والتأكد من أنه يعرف أصول البحث العلمي والخروج بتوصيات»، لافتاً إلى أنه «إذا تنازل الطالب عن هذا الدور للمكاتب التجارية فهذا يعتبر غشاً وحراماً باتفاق العلماء لأنه يدخل تحت بند قوله تعالى (ويُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا)».

وشدد على أن «العلوم ليست بالرتب ولا بالشهادات، وهذه المكاتب هي السبب الأول في ضعف التعليم لأن كل شيء بات تجارياً ويصل للبيت، وهي أشبه بمطاعم الوجبات السريعة التي تقدم وجبات منمقة ولذيذة لكنها عديمة الفائدة، والدليل أنه لو نوقش الطالب في هذه الأبحاث لما عرف منها شيئاً»، معتبراً أن «من يشتري بحثاً لينال به ترقية أو زيادة في الراتب فهذا سحت وحرام».

وأخيرا، أوضح الداعية عبدالله نجيب سالم لـ«الراي» أن «أي جهد علمي يقوم على ركيزتين: الأولى هي حفظ المعلومات، والثانية هي التدريب والتجريب والنظام التعليمي يضع أمام الدارس هذين الأمرين»، مشيراً إلى أنه «إذا استطاع المتعلم أن يغش في كلتا المهارتين أو إحداهما فإنه يكون بذلك قد أفرغ الهدف من التعلم من محتواه وبالتالي فإن الحكم الشرعي على الخرق بكلا الهدفين حرام».

وأضاف أن «هذا الغش يفرغ العملية التعليمية من محتواها، ولا حاجة لتخريج آلاف من الطلبة غير المؤهلين».