ربيع الكلمات

الوفاء... أخلاق النبلاء

17 نوفمبر 2021 10:00 م

«هذه الثلاث: الصدق والوفاء والأمانة، أركانُ الحياة الخلقية الاجتماعية» الأديب: علي الطنطاوي.

الوفاء خلق نبيل وراقٍ، وهو علامة من علامات النضج لدى الإنسان المنصف، وفيه سعادة للنفس البشرية لما فيه من رقي وسمو روحي، والناس جبلت على حب من كان وفياً معها في كل الأوقات.

وإذا رأيت الإنسان لديه روح متسامحة مع الآخرين، يرد الجميل لأهله، ويرد الفضل لأصحابه، ويعترف لهؤلاء بمكانتهم وقدرهم، فهذا يدل على أن خلق الوفاء متجذر لديه.

ولمسة وفاء جميلة من جمعية الإصلاح الاجتماعي عندما قامت بتكريم القيادات التربوية والدعوية والخيرية من جيل التأسيس، وذلك في حفل أقيم بمقر الجمعية بمنطقة الروضة، فالزمن حلقات متصلة ومن أجل ذلك لا يجوز أن تكون هناك قطيعة مع هذا الماضي لأنه يشتمل على الجذور، وفصل جذور الشجرة عن ساقها يميتها.

وهذا الوفاء للماضي يؤكد على أن المتقدمين يعرفون للمتأخرين حقهم وأن البذرة التي غرسوها ما زالت تنمو وان الجيل الحالي مطالب بالحفاظ على الهوية وتنمية الإيجابيات، إضافة إلى مراعاة متغيرات العصر، وهذا ما يطلق عليه البعض الجمع بين الأصالة والمعاصرة، ولعل واقع الحال يجعلنا نقتبس من بذور هذه الجمعية خلق الوفاء للقيم والأخلاقيات التي قررنا أن نؤمن بها، والوفاء للقضايا التي تشغلنا، والوفاء للعلاقات الإنسانية.

وما هو غريب على جمعية الإصلاح هذا التكريم، خصوصاً وأن خدمتها للعمل الإجتماعي والتربوي تعتبر مدرسة ومتجذرة، والخيري داخل وخارج دولة الكويت لفت الأنظار خلال المرحلة السابقة وذلك من خلال ذراعها الإنسانية المتمثلة في «نماء الخيرية»، وتقوم بجميع الأعمال الإنسانية تحت مظلة الجهات المعتمدة من قِبل وزارتي الخارجية والشؤون.

بادرة جميلة من الجمعية هذا الموقف الذي يدل على وفاء كبير لمن عمل، خصوصاً في وقتنا الحاضر أصبح هذا الخلق عملة نادرة لدى الكثير من الناس والمؤسسات، تجد من يعمل لسنوات ثم لا تجد له من يقول... شكراً. وهذا دليل على قصر نظر وسوء تقدير للأمور.

ومن صور وفاء الرسول صلى الله عليه وسلم، ما ذكرته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، قالت: ما غرت على نساء النبي صلى الله عليه وسلم إلا على خديجة، وإني لم أُدركها، قالت: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذبح الشاة، فيقول: «أرسلوا بها إلى أصدقاء خديجة»، قالت: فأغضبته يوماً، فقلت: خديجة ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني قد رزقت حبها».

والوفاء علامة من علامات قوة الشخصية، وهو محل ثقة وتقدير واحترام الذي لديه هذا الخلق، وهو مطلوب في كل الظروف حتى بعد زوال المناصب من أصحابها لما له من تأثير كبير على الشخصية.